كشف الأوروبيون مرة أخرى عن معارضتهم المطلقة وعدائهم للشعب الايراني، في وقت تؤتي فيه الدبلوماسية الإقليمية الايرانية ثمارها؛ ولا شك ان تكلفة هذه اللعبة المعادية لإيران لن تمرّ مرور الكرام وسيكون لها تداعيات وخيمة.
شارک :
أصدر البرلمان الأوروبي مؤخراً، قرارا ضد إيران تحت ذريعة "التعاطف مع محنة فتيات بعض المدارس في إيران اللواتي تعرضن لاحداث التسمم"؛ مطالبا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بإجراء تحقيق مستقل فيما أسماه "موجة تسمم الفتيات في المدارس الإيرانية".
لقد ادعى البرلمان الأوروبي في هذا القرار، أنه "يحاول إيصال أصوات النساء والفتيات الإيرانيات"، وطالب دول الاتحاد الأوروبي بتسهيل إصدار التأشيرات وامتيازات اللجوء والمساعدات الطارئة لمن يضطرون إلى مغادرة إيران!
لا يبدو تحليل وفحص طبيعة القرار المناهض لإيران الصادر عن البرلمان الأوروبي صعبا، فمن جهة يعتبر هذا القرار العدائي نوعا من محاولة انعاش التيارات المناوئة للثورة الاسلامية والمعادية للشعب الايراني، بهدف إشعال الاضطرابات داخل البلاد من جديد.
ولم تتوقع الأجهزة الأمنية في الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا وفرنسا، انتهاء أعمال الشغب التي طالت الشوارع في إيران، ولم تصدّق تفوقها في ادارة الأزمة التي مرت بها.
ومع انحسار أعمال الشغب وكشف النقاب عن الوجه الحقيقي لأعداء الثورة الاسلامية في الأحداث الأخيرة، فقد الأوروبيون الآن القوة للسيطرة حتى على المشهد بشكل ضئيل.
في مثل هذه الحالة، جاء إصدار قرارات مثل ادراج الحرس الثوري في "قائمة الإرهابيين" أو القرار الأخير بشأن محنة بعض الطالبات الإيرانيات، يعتبر رد فعل عصبي وطائش على فشل مشروع الفوضى في ايران، وليس كونها من بين الإجراءات المستهدفة والمخطط لها من قبل الأوروبيين.
نقطة أخرى تتعلق بنص القرار وموضوعه؛ حيث انه صدر في حين أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والأجهزة الأمنية في البلاد بذلت قصارى جهدها للتحقيق في الأحداث الأخيرة في المدارس.
سماحة قائد الثورة الإسلامية الذي أطلق مكرمته الابوية باصدار العفو واسع النطاق عن المغرر بهم خلال أعمال الشغب، اكد فيما يتعلق بجريمة تسميم تلاميذ المدارس، أنه يجب التعاطي مع هذه القضية دون أي تسامح، والحكم على الجناة بعقوبات شديدة.
إن القبض على عدد من المشبوهين في التورط بهذه الحوادث من قبل المؤسسات المنفذة للقانون والأمن في البلاد، دليل اخر على حرص الجمهورية الاسلامية الايرانية بشان التصدي لمثل هذه القضية بشكل فعال وحاسم.
الآن في مثل هذه الحالة، السؤال الذي يطرح، ماذا تعني المناورة السياسية والدعاية الأخيرة للبرلمان الأوروبي؟!
بطبيعة الحال، شكل الاعلان عن اعتقال بعض القائمين والمتورطين في قضية محنة الطلاب، وخوف الأوروبيين من فضح الصلات المحتملة لهؤلاء المجرمين بالأجهزة الأمنية الغربية، قد أجبر البرلمان الاوروبي على اتخاذ نوعا من الإجراءات الوقائية شكلياً وذلك عبر إصدار قرار سخيف وغير قانوني في البرلمان الأوروبي.
النقطة الأخيرة تكمن في الدبلوماسية الإقليمية والدولية الفاعلة للجمهورية الاسلامية الايرانية؛ إذ أن تبلور هذه الدبلوماسية الديناميكية دون تدخل أوروبا والولايات المتحدة يظهر بوضوح أن الفاعلين الغربيين خائفون للغاية مما يسمى "تراجع الدبلوماسية الأوروبية" في النظام الدولي.
خلال حرب أوكرانيا أو تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، لم يكن للأوروبيين دور رائد في صنع الاستقرار والتضامن بين الأطراف فحسب، بل أصبحوا أيضا عقبة أمام تحقيق السلام والإستقرار في عالم السياسة.
جزء من هذه القصة، متجذر في وجود ساسة سطحيين ودعاة للحرب داخل الاتحاد الأوروبي، والجزء الآخر يرجع إلى عدم وجود دور سياسي مخضرم وأعمق تفكيرا في مستويات صنع القرار لهذه المجموعة.