تاريخ النشر2025 15 January ساعة 15:06
رقم : 664309

حديث التقريب.. رجلُ الدعوة الى الوحدة والى التواصل الثقافي

تنـا - خاص
علاّمة الشام الدكتور عبدالكريم اليافي (1919 ـ 2008)، رجلُ الدعوة الى الوحدة والى التواصل الثقافي؛ كتابه "حوار البيروني وابن سينا" نموذج بارز لوحدتنا الحضارية، وللروح الحوارية في هذه الحضارة.
حديث التقريب.. رجلُ الدعوة الى الوحدة والى التواصل الثقافي
الكتاب طبع أولاً في مصر 1917، ثم في تركياعام 1953 ثم في إيران عام 1973، ثم في سورية بدار الفكر المعاصر عام 2002 بعد أن اجتهد الدكتور اليافي في تلافي تصحيف الطبعات السابقة وفي إضافة  مقدمة هامة قارن فيها بين آراء العالمين الكبيرين ابن سينا والبيروني وبين  آراء  الفيزياء الحديثة في الميكانيك والذرّة وحركة الارض والبلاسما، وهي مقارنة لا يجرؤ عليها إلاّ رجل مثل الدكتور اليافي الذي جمع بين إجازات العلوم (كيمياء ـ فيزياء ـ رياضيات) والشهادات العليا في الفلسفة.

هذا الكتاب إذن، هو نموذج لطبيعة حضارتنا التي تتجاوز حدود الزمان والمكان. كما أن الرجلين المتحاورين فيه (البيروني وابن سينا) يمثلان أولاً قمتين من قمم الحضارة الإسلامية، ويمثلان نموذجين هامين من نماذج ذوبان القوميات والإقليميات وأنواع الفوارق الظاهرية في حركة حضارية رائدة يحدوها الإحساس بعزّة الإسلام وكرامة الإنسان على ظهر الأرض.

وبعث حياة جديدة في هذا الكتاب على يد الدكتور اليافي، إنما هو إحياء لروح التواصل الحضاري في أمتنا ودعوة إلى مواصلة حركتنا الحضارية التي تمتلك كل مقومات المواصلة.

ثم إن الدكتور اليافي يغتنم كل فرصة ليؤكد على التواصل الثقافي بين العرب والإيرانيين. انظر مثلاً كتابه "الشيرازيون الثلاثة ومقالات أخرى" فهو مفعم بروح التواصل من مقدمته الى خاتمته.

في المقدمة، يقارن بين شيراز ودمشق في أبيات ربما استثارتها في نفسه ذكريات تواصل المدينتين في ايام المتنبي، يقول فيها :- 
إذا تفاخرت البلدان في رَغَد
أبناؤها خلّدوها في مآثرهم
دمشق أخت لها تهدي تحيتها
يوماً فمن بينها شيرازُ بُستان
سعدي وحافظ للعلياء عنوانُ
يا حبذا نسبٌ في المجد فينانُ


ثم يستمر في المقارنة بين المدينتين، ويقول في البيت الاخير مبلوراً روحه التواقة إلى نهضة مستقبلية تستمد وجودها من جذور الماضي التليد:-
الامس واليوم والآتي ثلاث قوى
بهنّ تعتزّ أوطانٌ وأزمان


وفي الكتاب يتحدث عن سعدي الشيرازي وعن حافظ الشيرازي وعن صدر الدين الشيرازي، وبعد هؤلاء الشيرازيين الثلاثة، يتحدث عن علمين من أعلام التواصل الحضاري هما بهاء الدين العاملي ومحمد إقبال.

وديوان الدكتور اليافي المطبوع تحت عنوان "حصاد الظلال" مفعم بروح التواصل. ففيه دعوة إلى وحدة المسلمين وتضامنهم والوقوف  صفاً واحداً امام ما يواجههم من تحديات. ففي قصيدة "من وحي عاشوراء: على سبيل المثال يقول داعياً المسلمين الى الوحدة :-
تعالَوا نلمّ الشمل في كل موطن 
وأعداؤنا كثر وهم في ديارنا
تمزّقنا الأهواء شرّ مزّق
لنبني مجداً خالي الثغرات 
فوا أسفاً للقوى والحرمات
ويجمعنا دينٌ وكنز عظات


وفيها يقول : -
كفاكم بني الإسلام ما حلّ ساحكم        وأربعكم من فتنة وشتات

وفي قصيدة أخرى يخاطب الإيرانيين قائلا :-
تزاحمَ في سمائكم المعالي
أتينا للقاء نبثّ شوقاً
ليزداد التواصل في عهود
وثورتكم لدى الإسلام عيدُ
ويوقد شوقنا حبُّ رشيد
وتجمع شملنا هذي العهود


وبعد، فالدكتور اليافي يندفع في هذه الدعوة الحارة للتواصل من روح الحبّ والعشق التي يحملها لأمته وللإنسان في كل مكان؛ هذا الرجل الإنسان عاش عاشقاً، والعاشق يتجاوز ذاته، ليهب حياته للمثل العليا.

وحقاً ما يقول معبرا عمّا يموج في صدره من حبّ :-
والحبّ أجمل ما غنّى به بشر
من أين للناس (يافيٌّ) سواي له
يحيا به الروح والأزهار والثمر
هذا البيان وهذا العزف والوتر


ثم يقول :-
أحببت كلّ الديار دون تفرقة
طوع الإله الى أن ينقضي العمر


رضوان الله على الدكتور اليافي، وجعل خطابه هو السائد في بلاد الشام خاصة في ظروفنا الراهنة التي نسمع فيها أحياناً خطابا متخلفاً لا يتناسب مع عظمة سوريا العزيزة.

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية


انتهى 
https://taghribnews.com/vdchvkn-w23n-xd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز