الإمام الخميني (ره) ونداءات الأخوة للشعب العراقي المسلم
الإمام الخميني الراحل (ره) كان يؤمن بأن الشعوب الإسلامية كلها تندرج ضمن نطاق الأمة الواحدة والكيان الموحد، وأن الحدود الجغرافية ما هي إلا حدود مصطنعة، وعلى هذا الأساس كان (ره) يؤكد دائماً على ضرورة قيام المسلمين بتشكيل قوة عالمية تفرض وجودها على خارطة موازين القوى العالمية، لتستطيع بذلك الدفاع عن حقوقها ومصالحها وتحقيق آمالها وتطلعاتها.
الدفاع المقدس ..... هذا هو عنوان المصطلح الذي يطلقه الشعب الإيراني على ثمان سنوات قضاها في الدفاع عن أرضه وسيادته وكرامته ضد العدوان الغاشم الذي فرضه نظام صدام البائد ومن ورائه القوى الإستكبارية العالمية التي كانت تقدم له مختلف صنوف الدعم والإسناد.
ورغم أن هذه الفترة قد شهدت حرباً ضروساً بكل ما للكلمة من معنى، إلا أن للقضية وجهاً آخر يمكن تصويره من خلال الخطابات التي كان يوجهها الإمام الخميني الراحل (ره) إلى الشعب العراقي المسلم، والتي كان يؤكد فيها على أخوة الشعب الإيراني مع الشعب العراقي وجميع الشعوب الإسلامية، وفي جميع الظروف والأحوال.....
حول هذا الموضوع التقى مراسل وكالة أنباء التقریب بالدكتور حسين علائي، أحد قادة الحرس الثوري إبان فترة الدفاع المقدس، فكان هذا الحوار:
س: بداية نرحب بكم ونرجو منكم أولاً أن تتحدثوا عن المبادئ التي حملتها الثورة الإسلامية الإيرانية منذ بداياتها ورؤية الإمام الراحل (ره) بالنسبة للمسلمين وكافة الشعوب الإسلامية في العالم الإسلامي وخاصة الشعب العراقي، باعتبار أن الإمام الراحل قد أمضى معظم فترة قيادته للثورة في مواجهة العدوان الذي شنه النظام البعثي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال ثمان سنوات؟
ج: الإمام الخميني الراحل (ره) كان يؤمن بأن الشعوب الإسلامية كلها تندرج ضمن نطاق الأمة الواحدة وفي إطار الكيان الموحد، وأن الحدود الجغرافية ما هي إلا حدود مصطنعة، وعلى هذا الأساس كان (ره) يؤكد دائماً على ضرورة قيام المسلمين بتشكيل قوة عالمية تفرض وجودها في خارطة القوى العالمية، لتستطيع بذلك الدفاع عن حقوقها ومصالحها وتحقيق آمالها وتطلعاتها.
ومن هنا جاءت مبادرة الإمام الراحل بتنظيم قوات تعبئة إسلامية موحدة، والتي اقترح (ره) أن يكون قوامها ١٠٠ مليون مسلم، على غرار المقترح الذي طرحه حول تنظيم قوات تعبئة من ٢٠ مليون إيراني في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان (ره) يؤكد أن الأمة الإسلامية لا تستطيع أن تتبوأ المكانة المناسبة وشأنها في العالم ما لم يوحد المسلمون صفوفهم ويتكاتفوا، وهذا ما يفسر إصراره الدائم على ضرورة الوحدة الإسلامية والعمل على التقريب بين المذاهب الإسلامية.
وعلى هذا الأساس، فحينما شن صدام حسين الحرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر الإمام الراحل (ره) عن ذلك بـ (عدوان جبهة الكفر على جبهة الإسلام)، مؤكداً أن على الشعب العراقي المسلم رغم ظروف الحرب أن يقف بجانب الجمهورية الإسلامية في مواجهة الكفر ويتصدى لنظام صدام حسين، وطالما أكد أن حربنا ليست مع الشعب العراقي، بل نحن ندافع عن أنفسنا ونتصدى لقوات صدام المعتدية على بلد إسلامي.
س: ما هي المقاطع الزمنية التي تبلورت فيها هذه الرؤية بالنسبة للشعب العراقي طوال سني الحرب؟
لو طالعنا البيانات التي أصدرها الإمام (ره) منذ اللحظة الأولى التي شنت فيها القوات العراقية عدوانها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذلك في ٢٢/أيلول/١٩٨٠، نلاحظ أن أول بيان للإمام (ره) كان موجهاً إلى الجيش والشعب العراقي.
وقد طالب الإمام الراحل (ره) في هذا البيان الجيش العراقي والشعب في هذا البلد بالثورة ضد نظام صدام، وأن يبادروا هم بأنفسهم باقتلاع جذور حزب البعث الحاكم في العراق، والذي كان قد واجه منذ بداية ظهوره مخالفة واسعة من لدن العلماء الأعلام في العراق ومنهم المرحوم آية الله العظمى السيد محسن الحكيم.
وتكررت خطابات الإمام الراحل (ره) للجيش والشعب العراقي، وفي إحداها طالب الإمام منهم أن ينتهجوا الأسلوب نفسه الذي حصل خلال الثورة الإسلامية في إيران، حيث فجر الشعب الإيراني الثورة وانضم إليه الجيش في نهاية المطاف.
س: هل توفرت معلومات عن ردود الأفعال في الشارع العراقي إزاء خطابات الإمام الراحل (ره) ؟
ج: لم تتوفر لدينا معلومات دقيقة بهذا الخصوص، أنتم تعلمون حالة الإختناق الشديد التي كان يعاني منها الشعب العراقي في تلك الفترة، كما كان النظام يفرض على العراقيين حصاراً إعلامياً واسع النطاق، ولكن هناك حادثة هامة في هذا المجال حصلت في السنة الأخيرة من الحرب، وذلك حينما استقبل أهالي مدينة حلبجة القوات الإيرانية استقبالاً جماهيرياً حاشداً ورحبوا بها ترحيباً حاراً، وكان رد النظام العراقي على ذلك أن قصف المدينة بأطفالها ونسائها وشيوخها بالأسلحة الكيمياوية.
س: بعد انتهاء الحرب المفروضة وارتحال الإمام الخميني (ره)، كيف أصبحت رؤية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنسبة للدول والشعوب الإسلامية وسائر المسلمين في أنحاء العالم، وخاصة ما لو أخذنا بنظر الإعتبار أن العالم الإسلامي يواجه منذ ٢٠ عاماً مختلف ألوان الصعوبات والمشاكل؟
ج: لقد سارت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على نفس المنهج الذي رسمه الإمام الخميني الراحل (ره) وعمل به طوال حياته المباركة حيث كان يشدد دائماً على ضرورة الوحدة بين المسلمين، ووجوب إعتصام الأمة الإسلامية بحبل الله المتين، والإبتعاد عن إثارة القضايا التأريخية والمسائل الهامشية.
إن الهم الأكبر للجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال السنوات التي أعقبت إنتصار الثورة، والتي ما زالت تناضل من أجله، هو الدفاع عن حقوق المسلمين ومصالحهم المشروعة، ورفع الظلم والإضطهاد عن الأمة الإسلامية، والعمل على نشر الفكر الإسلامي، وفي الحقيقة فإن الشعب الإيراني يعتبر سائر الشعوب الإسلامية إخوة تجمعه بهم وحدة الإيمان والعقيدة وتربطه معهم وحدة الهدف والمصير.