>> الحسين (ع) قدوة لأصحاب المبادئ | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2010 8 December ساعة 11:04
رقم : 33363
الشيخ احمد الزين :

الحسين (ع) قدوة لأصحاب المبادئ

نحن نريد من ذكرى عاشوراء ان تكون دعوة للوحدة بين سائر المذاهب الاسلامية وان لا تنحصر في المذهب الشيعي؛ فذكرى عاشوراء هي ذكرى للامة الاسلامية بجميع مذاهبها.
الحسين (ع) قدوة لأصحاب المبادئ
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
مع اقتراب "العاشر من محرم" وذكرى استشهاد ابي الاحرار الامام الحسين (ع)، اجرت وكالة أنباء التقریب مع الشيخ احمد الزين، رئيس مجلس الامناء في "تجمع العلماء المسلمين" في لبنان وعضو مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية، واستفسرت رأية عن فلسفة "الثورة الحسينية" والاسباب التي دفعت بالامام الحسين (ع) ليقوم ضد يزيد واعوانه، فدار حوار مفصل تناول سماحة الشيخ احمد الزين من خلاله اهم محاور ثورة عاشوراء وفيما يلي نص الحوار :

س : ما هو سبب تحرك الامام الحسين ضد يزيد، هل السبب يكمن في الظروف الاجتماعية ام الثقافية ام الظروف السياسية التي كانت سائدة في ذلك الوقت؟
اولا : علينا كمسلمين، ان نستفيد من هذه الذكرى في واقعنا والفائدة الاولى التي نرجوها هي الالتزام الكامل بالعقيدة وبالشرع الاسلامي، فإن الامام الحسين (عليه السلام) وسائر الائمة لم يثورا بوجه حكام زمانهم طلبا للسلطة السياسية او المنفعة الذاتية وانما ثاروا دفاعا عن العقيدة وعن ما جاء به الاسلام الحنيف وعن ما تركه لهم وللانسانية جدهم المصطفي(ص)؛ فالقظية الاولى هي قظية الالتزام بالعقيدة والشرع الاسلامي مما دفع الامام الحسين(ع) للمضي في ثورته ومعارظته ليزيد واعوانه.

ثانيا : كان على الامام الحسين (ع) ان يقوم بهذه الخطوة الجريئة لان يزيد لم يكن اهلا لمسؤولية الحكم لما كان يشاع عنه من صفات واخلاق دنيئة لا تليق بالحاكم الاسلامي.

ثالثا : الصفات الاخلاقية التي تحلى بها الامام الحسين وسائر الائمة (ع)، دفعت الامام الحسين لمواجهة هذا الواقع السياسي المنحرف ورفضه، حماية لتراث جده المصطفي (ص).

رابعا : لدى تدخل البعض مثل ابن عمر وواقد وابن عباس وغيرنهم الذين اتوا للحسين(ع) ينصحونه بعدم الخروج
لعدم كفاءة الجيش من حيث القوة والاستعداد، لكنه اصر على الخروج دون النظر للنتائج العسكرية لمواجهة جيش يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وغيرهم. فخروجه كان يعتمد على التزامه بالعقيدة في مواجهة الانحراف نحو المصالح الشخصية لدى الاخرين.

فإننا نرى أن الحسين (ع) كان مثلا وقدوة لاصحاب المبادئ ونحن اليوم نحتاج للاقتداء بالامام الحسين (ع) ولدعوة الالتزام بالعقيدة والشرع وبكتاب الله وهدي رسول الله والائمة الاطهار(ع) في مواجهة الاهواء والشهوات والعصبيات على اختلاف الوانها وهذا هو طريق الامام الحسين وطريق كربلاء، الذي نحتاج اليه اليوم في مواجهة الانحراف في السياسة وفي القيم وفي سائر الامور. فقضية كربلاء متجددة مع الزمن ولم تنتهي مع الامام الحسين (ع) وانما يعيشها العالم اليوم في الصراع المستمر بين الالتزام بالعقيدة وبالقيم الاخلاقية في مواجهة الانحراف سواء كان في السياسة ام في سائر القيم الانسانية والحضارية. 

س : هناك من يرفض اقامة مراسم عاشوراء بذريعة أنها تثير الفتن فما رأيكم بذلك؟
نحن نريد من ذكرى عاشوراء ان تكون دعوة للوحدة  بين سائر المذاهب الاسلامية وان لا تنحصر في المذهب الشيعي؛ فذكرى عاشوراء هي ذكرى للامة الاسلامية بجميع مذاهبها، وعلى الامة الاسلامية ان تقف وقفة تبجيل ومحبة وولاء لال البيت (عليهم السلام) وبخاصة للامام الحسين (عليه السلام)؛ يظهر ذلك بداية من الناحية العقائدية حيث ان الولاء لائمة اهل البيت الاطهار، انما هو ولاء لكتاب الله ولسنة رسول الله (ص). فهذا الرسول (صلوات الله عليه) يقول "علي مع القران والقرآن مع علي"، وايضا يقول "حسين مني وانا من حسين"، اذن الولاء للحسين (ع) ولسائر الائمة انما هو ولاء للقرآن ولرسول الله (ص).
 
فمن الناحية العقائدية لا يستطيع اي مسلم لأي مذهب ان يخرج من ولاء اهل البيت، وقد كان خلفاء الراشدين على تعامل جيد بين الامام على واهل البيت (ع)؛ كان التواصل قائما بينهم وان اختلفوا في الآراء، فالاختلاف ليس عيبا ففي المذهب الواحد ولدى اكثر من مرجع تجد هناك خلافا في الراي فهذا لا يضير ولا يؤثر على الالتقاء والولاء لكتاب الله
ولذلك نرى ان الائمة (ع)، على مر التاريخ كانوا على لقاء وتحاور مع العلماء وائمة المذاهب الاسلامية مثل ابي حنيفة والامام مالك وغيرهم، هذا كله يفيد بأن الامة الاسلامية تدين بالولاء لأهل البيت حبا وتقديرا واتباعا وهذا يجب ان يعرفه الجميع وان يسير عليه وان ننتهي نهائيا من الدعوات العصبية المفرقة بين الامة الاسلامية وبخاصة في هذا الزمن والوقت الذي نرى فيه، بسبب التقدم العلمي والتقدم التقني في وسائل الاتصالات بشتى انواعها، نرى العالم اليوم كقرية واحدة. 

نحن بحاجة الى الوحدة والتوحد ولا يصح ابدا ان ياتي عاشوراء وتاتي المذهبية سببا للتفرقة بين المسلمين. فنحن ندعو للوحدة الاسلامية التي تضم جميع المذاهب وليس هذا دلالة على ضرورة الانتهاء من الاجتهادات المذهبية ابدا، بل يجب ان تستمر الاجتهادات المذهبية ولكن ضمن دائرة الوحدة والامة الاسلامية الواحدة، من اجل مواجهة الانحراف الذي يظهر من الدول الاستكبارية وبخاصة الولايات المتحدة الامريكية وربيبتها اسرائيل.
 
إذن، على الامة الاسلامية في ذكرى عاشوراء ان تحتفل بهذه الذكرى، داعية للوحدة الاسلامية ولمواجهة الاستراتيجية الامريكية والصهيونية الساعية لشرذمة الامة الاسلامية وتفرقتها لتبقي الامة في حالة من الضعف، كي تستطيع الهيمة والسيطرة عليها وسرقة الاموال ونهب ثرواتها. 

ونؤكد هنا على أن  لا تبقى دعوتنا هذه، محصورة ومقتصرة على الخطابات الادبية والاحتفالات بل علينا ان نصل الى الالية في التطبيق التي اشار اليها القرآن الكريم والتي جاء بها ديننا الحنيف والتي تختصر بما يلي :
اولا : الإهتمام والولاء الكامل للقيادة الصالحة، التي تاتي من الالتزام بما جاء به الشرع وبخاصة اهل البيت والامام الحسين وسائر الائمة (ع) والتي تتمثل اليوم بالسيد علي الخامنئي (حفظه الله ورعاه)، وان لا يدعوا للتفرقة ان تشتت جمعهم.

والامر الثاني : تمثيل آلية الايمان بعاشوراء، فلابد ان نحافظ على مبدأ الشورى فيما بيننا؛ ينبغي على العلماء والقيادات والمفكرين ان يلتقوا دائما ويتشاورا وان يقرروا ما يحقق مصلحة الامة الاسلامية افرادا وجماعات.

الامر الثالث : وهو الحماية والدعوة للوحدة الاسلامية وعدم الانشغال بالمشاكل الفرعية، ومواجهة الدعوات للتفرقة التي تذهب الى مصلحة الاعداء والخصوم؛ هذه امور ثلاثة لابد من الوقوف عندها لتنفيذ ما يلتزم به المسلمون من كتاب الله وهدي رسوله (ص) والائمة الاطهار (رضوان الله تعالى عليهم) وبهذه المناسبة نوجه التحية
واحر العزاء للسيد القائد الامام الخامنئي حفظه الله ورعاه باعتباره القائد للامة الاسلامية في هذا الوقت.

س : لقد اشرتم الى ضرورة استغلال هذه المناسبة من أجل تلاحم ووحدة المسلمين، فما هي الاليات المناسبة لذلك، كيف يمكن ان نوظف هذه المناسبة من اجل التقريب بين المسلمين والتلاحم بين ابناء الامة؟ اولا الدعوة تتوجه للعلماء من سائر المذاهب الاسلامية لتذكيرهم بالالتزام بكتاب الله (تبارك وتعالى) وسنة رسول الله (ص)، وان ينطلقوا للدعوة والسياسة ولسائر آرائهم من هذا المنطلق، لا من العصبيات الحزبية والقومية؛ فلابد للعالم المسلم ان يكون امينا لكتاب الله وهدي رسول الله(ص).

ثانيا، ادعوا سائر المفكرين والمثقفين من المسلمين والقادة السياسيين ان يدركوا باننا نعيش في عصر التوحد؛ هذه قارة اوروبا، وفيها دول جرت بينها حروب سقط فيها الملايين من القتلى ومع هذا ها هي توحدت ضمن "اتحاد اوروبي" يحمي مصالحها على اختلافها، فنحن المسلمون علينا ان نلتزم بالاسلام الداعي للوحدة " ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون "، وان ينصب خطاب العلماء والمثقفين والقادة وان يخاطبوا الناس على ان المصلحة الحقيقية للامة الاسلامية هي في الوحدة وكما قلت لابد ان نبدء بالعلماء ولهذا الغرض ندعو القيادات الاسلامية في العالم الاسلامي للاجتماع والتشاور واصدار القرار لوضع المشروع الوحدوي، سواء كان ذلك في السياسة ام في الاقتصاد ام في الاعلام ام في النواحي الامنية والعسكرية، ويجب ان لا يكون القرار ارتجاليا بل يجب ان يأتوا بالمتختصين لوضع هذا المشروع في حيز التنفيذ، فالزمن والوقت الراهن لايتحمل التأجيل؛ نحن مليار واربعمائة مليون مسلم لا اثر لنا، عدا ما تطل به الجمهورية الاسلامية وهي في مواجهة صعبة وشرسة مع القوى العالمية. فلا يصح ان تترك الجمهورية الاسلامية وحيدة في تحمل المسؤولية؛ لابد ان يلتف حولها الدول الاسلامية مؤازرة لها واناشد القادة ان يكونوا على قدر المسؤولية في هذا الخصوص.

ثالثا، ان دعوتنا للوحدة الاسلامية ليست دعوة مبنية على العصبية الدينية ابدا بل هي دعوة تتجاوز الدائرة الدينية، لتكون دعوة حضارية تطل على سائر الاديان والطوائف والقوميات وللناس كافة، هذه الدعوة تتضمن القيم الانسانية من العدالة والتراحم والتعاون بين البشر وان اختلفت دياناتهم ومذاهبهم ولغاتهم، حماية لانفسنا وللانسانية، وياتي ذلك في ذكرى عاشوراء وذكرى الالتزام بالمبدأ. 

حاوره : صالح القزويني
https://taghribnews.com/vdcjttet.uqetmzf3fu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز