الاتفاق النووي يمهد لطفرة في التعاون الاقتصادي بين إيران وسلطنة عمان
تنا
قال مستثمرون وخبراء اقتصاد أن سلطنة عُمان تتصدر الدول المستفيدة من الرفع المتوقع للحظر الاقتصادي الغربي المفروض عن إيران، وذلك بعد الاتفاق المبدئي مع مجموعة (٥ +١) حول البرنامج النووي.
شارک :
وتتمتع كل من عمان وإيران بعلاقات اقتصادية قوية وعمليات تبادل تجاري متزايدة، رغم الحصار الغربي المفروض على إيران، معززا بأداء سياسي، يسوده الكثير من التفاهم الذي برز في الدور الذي لعبته عمان في تسهيل المحادثات الأميركية الإيرانية، وصولا للاتفاق المشترك.
وقد استبق العمانيون رفع الحظر الغربي بشكل نهائي، وقام وفد من غرفة تجارة وصناعة عمان، بصحبة مسؤولين من جهات حكومية بزيارة للعاصمة الإيرانية طهران الجمعة الماضية، استمرت يومين. وعلى إثرها، أعلن رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة المشتركة بين إيران وعمان، «محسن ضرابي» خلال الزيارة، أن البلدين اتفقا على تأسيس شركة مشتركة للاستثمار، بالإضافة إلى تدشين خط ملاحي يربط بينهما خلال عشرة أيام.
وعقد رجال الأعمال الإيرانيون والعمانيون، أول أمس السبت، اجتماعا مشتركا في فندق آزادي بطهران، شارك فيه أكثر من ١٠٠ من رجال الأعمال وأصحاب مصانع؛ لمناقشة سبل تعزيز التعاون التجاري والصناعي المشترك.
وكان الوفد التجاري العماني قد التقي الجمعة الماضية كبار التجار الإيرانيين، حيث تباحث الجانبان سبلا حول التسهيلات والفرص الاستثمارية المتبادلة، كما قدمت الجهات المشاركة في الوفد العماني من القطاع الحكومي والخاص أوراق عمل، تضمنت الفرص المتاحة وحزمة التسهيلات التي تقدم للمستثمرين. وذلك في الوقت الذي فيه يبلغ حجم التبادل التجاري حاليا بين البلدين نحو ٣٣٧ مليون ريال عماني، أي ما يعادل ٨٧٧ مليون دولار.
ووفق تأكيدات وزير التجارة والصناعة العماني «علي بن مسعود السنيدي»، يوجد في عمان ٢٥٩ شركة إيرانية مسجلة لدى وزارته تمارس نشاطا تجاريا في البلاد.
واعتبر المسؤول الحكومي في وقت سابق أن حجم التبادل التجاري بين عمان وإيران يعد دون مستوى الطموح، مؤكدا أن السلطنة تسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، ورفع هذا السقف خلال الفترة المقبلة.
وجاءت تصريحات الوزير لدى افتتاحه معرضا تجاريا للشركات الإيرانية في مسقط، أقيم في يناير/كانون الثاني الماضي، وشاركت فيه ١٠٠ شركة تجارية إيرانية قدمت من خلاله منتجات في عدد من الصناعات.
ويعتبر هذا المعرض أكبر المعارض التي أقيمت للشركات الإيرانية في عمان، ويحتوي على منتجات مختلفة منها الميكانيكية، والمنتجات الزراعية والآلات الزراعية والمعادن وأدوات التعدين والمستلزمات والمعدات الطبية والمخبرية والسجاد الفارسي بأنواعه، ومشتقات النفط والغاز وغيرها.
وبحسب المحلل الاقتصادي «حيدر رضا اللواتيا» فإن «رفع الحظر بصورة كاملة عقب الاتفاق الخاص بالملف النووي الإيراني، من شأنه أن يزيد حركة السفن، ويضاعف سقف التبادل التجاري، مشيرا إلى أن منطقة ولاية خصب الساحلية العمانية هي أقرب إلى الإيرانيين من حيث المسافة من موانئ دبي وخور فكان الإماراتية».
وأكد «اللواتيا» أن السوق العمانية تأثرت بنتائج الحرب في سوريا، ما أدى إلى تناقص الكثير من المنتجات التي كانت تستورد إلى السلطنة عبر سوريا، وبالتالي فإن ذلك «سيجعل من عمان بديلا قويا، وسيفيد رجال الأعمال العمانيين»، وأضاف أن بلاده التي «اتجهت لتبني مشاريع زراعية وسمكية في العديد من دول شرق آسيا؛ مثل تايلاند وكمبوديا وفيتنام سوف تكون قريبة الآن من إيران، وستقدم فرصا نوعية فيما يتعلق باستيراد الحبوب والقمح والأرز وغيرها من المنتجات».
وتعتزم إيران ضخ قرابة ٤ مليارات دولار في مشاريع استثمارية بميناء الدقم الصناعي بعمان، حيث قال سفير إيران لدى مسقط علي أكبر سيبويه، في تصريحات صحافية مطلع العام الجاري، إن ايران وبحكم العلاقة المتميزة مع مسقط ستقيم عدة مشاريع عملاقة بعمان، بما يسهم في تحويل ميناء الدقم الصناعي إلى مكان تتوقف به جميع السفن العملاقة، حيث سيكون الميناء حلقة وصل بين إيران ودول الخليج، والعديد من الدول الموجودة في آسيا.
وأضاف السفير الإيراني أن «طهران مستعدة لإقامة جسر بري يربط إيران بالسلطنة عن طريق مضيق هرمز، ما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين»، مؤكداً أن طهران طرحت تلك الفكرة منذ ٥ سنوات.
وتشرع إيران في الوقت الراهن بوضع التصاميم الخاصة بإنشاء المستشفى الإيراني في ولاية بركاء، شمال عمان، على مساحة ٦٠ ألف متر مُربع، وبتكلفة إنشاء وتجهيز تصل إلى ١.٥ مليار دولار، حيث سيتم الشُّروع في البناء بعد عامين ونصف العام، كما تجري محادثات مستمرة بشأن مد أنبوب للغاز من الأراضي الإيرانية إلى عمان لتزويد المناطق الصناعية العمانية القريبة من السواحل الإيرانية بالغاز، وبأسعار مناسبة تخدم أهداف الصناعات العمانية بعيدة المدى.
جدير بالذكر أن البلدين قاما في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٤ بإنشاء غرفة تجارية عمانية إيرانية مشتركة، انطلاقا من الأهمية الكبيرة التي يوليها الجانبان لتعزيز علاقاتهما الاقتصادية، واتخذ هذا الإجراء بعد أن تجاوز عدد أعضاء مجلس الأعمال الإيراني العماني الـ١٠٠ عضو من المؤسسات والشركات، الأمر الذي يعكس اهتماما كبيرا من قبل مجتمع الأعمال البلدين في تنمية التبادل التجاري.
كما اتفق الجانبان على تشكيل لجنة تنفيذية لمتابعة التعاون المشترك بينهما، بحيث يتم تسمية سبعة أعضاء من كل جانب، على أن تجتمع اللجنة بصفة شهرية في البلدين بالتناوب، بحيث يترأس الاجتماع رئيس الغرفة في البلد الذي ينعقد فيه الاجتماع، وعقدت اللجنة اجتماعين خلال الفترة الماضية، تم خلالهما مناقشة موضوعات تجارية واستثمارية مشتركة.