المؤتمر الدولي للتجديد والاجتهاد : قراءات لباحثين من مصر والمغرب والأردن وإيران في هذا الفكر
تنا- بيروت
استكمل معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية أعمال مؤتمره الدولي الثاني للتجديد والاجتهاد الفكري عند الامام الخامنئي تحت عنوان "استراتيجيات الثقافة الإسلامية في عالم اليوم" في بيروت، بحضور وفد رسمي من مكتب الامام الخامنئي ضمّ عدد من علماء الدين، وفد علمائي وأكاديمي من الأزهر الشريف والقاهرة، وشخصيات أكاديمية من الكويت ومن لبنان.
شارک :
الجلسة الأولى، د. محمد رضا بهمني
وتحت عنوان " قراءات في استراتيجيات الثقافة الإسلامية " كعنوان للمحور الأول، تحدث الدكتور محمد رضا بهمني عضو الهيئة العلمية لمعهد بحوث العلوم والثقافة الاسلامية في ايران فتناول الاطار المفهومي لدراسة قضية الانسجام الثقافي في المجتمعات الاسلامية استنادا الى تفسير مفهوم الامة الواحدة للعصر الحالي. فقال: نحتاج لبناء المفهوم في وضع السياسات الثقافية الى ان نستفيد من المرتكزات والمباني المعرفية والنظرية الاساسية ومن ثم القيام بتحديد المبادئ التوجيهية الفكرية في الحصول على الاستراتيجيات والاجراءات الثقافية.
وأعطى تعريفا لرسم السياسات ومعالجة الاستراتيجيات الثقافية المذهبية (الدينية) على انها نوع من التفكير على اساس المبادئ والأصول المعرفية والتعاليم الاسلامية التي تعمل على كشف وتشخيص القضايا الثقافية للمجتمعات الاسلامية، مشيرا الى فقدان الانسجام الثقافي والاجتماعي لهذه المجتمعات، مقترحا أربع نماذج لهذه الاستراتيجية تتعلق: بهوية الأمة الإسلامية، البعد الاعتقادي لها، البعد السلوكي، وبناء النظام الاجتماعي لهذه الامة.
د. احمد ماجد
وعالج الدكتور احمد ماجد استاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية "مفهوم الثقافة عند الامام الخامنئي" فقال: إن نهضة المجتمعات ترتبط بنهوض الثقافة فيها، وإن كانت القاعدة العلمية ضرورية ولكنها لا تأخذ موقعيتها إلا من خلال رصد الثقافة وحركتها، ناقلا عن الامام الخامنئي قوله: "إن الثورة استطاعت أن تجد سبيلها على المستوى السياسي والاقتصادي والتقني الا انها في المقابل وجدت عثرات كبيرة على المستوى الثقافي"، لافتاً الى ان الثقافة عند الامام ليست أمرا ثانويًا يمكن التغاضي عنه أو تهميشه لانها تشكل عاملا اساسيا ومصيريا في تحديد السلوكيات الفردية والاجتماعية للبلد وللأمة.
د. هاشميان و د. زماني
أما الأستاذان المساعدان في قسم العلوم الاجتماعية في جامعة باقر العلوم في ايران السيد محمد حسين هاشميان ومحمد زماني، فقالا في البحث الذي قدماه بعنوان "رسم سياسات التواصل بين الثقافات من وجهة نظر الإمام الخامنئي"، أنه لا تعتبر قضية التواصل والعلاقات بين الثقافات اليوم قضية منحصرة في العالم الاسلامي فحسب، بل إنها مطروحة على الصعيد الدولي ايضا.
وأشارا إلى اربعة استراتيجيات في رسم هذه السياسة من بينها: الاستفادة من ثقافات الشعوب المختلفة، اقرار الوحدة بين العلم والدين؛ أي بين الجامعة والحوزة.
الشيخ زائري
وترأس احدى الجلسات الشيخ محمد رضا زائري (من ايران) فدعا الى ضرورة اللجوء الى سلوك طريق بين اتجاهين: الأول التوقف عند حدود الأبحاث النظرية والفكرية البحتة، التي لا تمت بصلة وثيقة للواقع الميداني المعاش، والثاني هو اهتمام البحث بالشأن الثقافي الميداني الواقع والمعاش بصرف النظر عن المبادئ النظرية والأسس الفكرية، داعيا الى الاهتمام كمؤسسات ومراكز وافراد الى رصد العلاقة الوثيقة بين الاتجاهين المشار إليهما.
د. حسين رضي
وتناول الدكتور حسين رضي الاستاذ في جامعة الامام الصادق في طهران في بحثه تحت عنوان: "الثقافة والعلاقات: البنية التحتية وحجر الاساس للانماء والتطور"، فقال: توجد أبعاد متقدمة للانماء والتقدم مثل البعد الاقتصادي والسياسي والثقافي، ولكن نضيف لها الابعاد الاجتماعية والعلمية والتقنية والعسكرية والبشرية وغيرها...
وتطرق الى دور الثقافة الدينية بشكل خاص والى التنمية مع التركيز على التنمية البشرية وتمكين الانسان، ودورها في تنمية المجتمعات وتقدمها، مؤكدا على اهمية الاهتمام بالثقافة والعلاقات كبنية تحتية وباعث للعلاقات والتطوير في سياق الارتقاء والنمو البشري وتنفيذ الدين تحضيرا لحكومة الحق على الأرض.
الشيخ محمد فاطمي
وقرأ الشيخ محمد فاطمي من مركز دراسات باقر العلوم في قم البحث الذي أعده مع رضا خاك رنكين بعنوان: "الثقافة والتنمية في فكر الامام الخامنئي"، فاعتبر ان الدين في فكره أوسع وأشمل من الثقافة، بل إن الدين هو صانع للثقافة، وأن المجتمع الاسلامي النموذجي هو ذلك المجتمع الذي يتمتع بمؤشرات ثقافية دينية.
ورأى أنه للوصول إلى نقطة ذروة التكامل الثقافي علينا أن نطوي سلسلة منطقية وفطرية يمكن تسميتها عملية تحقق الاهداف الاسلامية، ويجب أن تتكون مراحل الثورة والنظام والمجتمع الاسلامي كي تتوفر البيئة ومصنع بناء الانسان.
الباحث محمد اللواتي
ثم تطرق الباحث الاسلامي من سلطنة عمان محمد بن رضا اللواتي في بحثه بعنوان "الدين الركن الأوثق في الثقافات البشرية"، إلى ما يتعرض له الاسلام من أسوأ الانتقادات وأبشع التهم في عالم اليوم، معتبرًا أن ابتكار "داعش" أشد حلقات تلك المؤامرات التي تقف خلفها ايادي "الصهيوامريكية".
ووصف الثقافة بكونها المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والاخلاق والقانون وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الانسان بوصفه عضوا في المجتمع، لافتا الى أن البحوث الأنثروبولوجية في الثقافات البشرية وضعت بين ايدي الباحثين نتائج غاية في الاهمية تؤكد نزعة الانسان نحو الديانات الفطرية.
ودعا الى اعادة صياغة الدين وتعريف العالم بجماله وصلته بالانسان والمجتمع والحياة، مؤكدا أن ذلك لن يتم الا بالبحث الفلسفي الكاشف عن هويته الحقيقية تمهيدا لتدشينه بالهيئة الجديدة للعالم.
الاستاذ بلال التل
الباحث الاسلامي من الاردن بلال حسن التلّ تحدث حول مسألة "اللغة كميدان لمجابهة الرسالة مع الحرب الناعمة – الغزو الثقافي"، فأكد ان اللغة هي الثقافة والاداة التي تعبر عنها والتي تحدد اطارها، مشيرا الى أن جهود محاربة اللغة العربية لم تتوقف عند الجانب النظري بل انتقلت الى الجانب العملي خاصة في ميدان التعليم في البلاد العربية، معترفا ان الغزو الثقافي والحرب الناعمة ضد اللغة العربية حققا الكثير من النجاحات خاصة في مجال الإعلام والفنون والتعليم والحياة اليومية للناس، داعيا الى استراتيجية للنهوض باللغة العربية كأساس لاستراتيجية نهوض للثقافة الاسلامية.
الشيخ محمد هلال
أما الباحث من علماء الأزهر الشريف الشيخ محمد ابراهيم هلال فقد عرض في بحثه بعنوان "علاقة الثقافة بالدين والمجتمع ونمط الحياة"، فقدم تعريفا للثقافة الاسلامية بأنها علم يبحث مقومات الأمة الاسلامية العامة المتعلقة بماضيها وحاضرها، فالثقافة الاسلامية ليست نتاجا بشريا تنهض تارة وتسكن اخرى، بل إن التاريخ يشهد أنها قدمت منهجا علميا للحياة لا مثيل له.
ورأى أن مهام المثقف الرسالي أن يكون فاعلا وناقدا عندما تكون هناك ضرورة للنقد البناء، وعليه أن يتابع الاحداث ويحلل الظواهر البشرية انطلاقا من واجبه الانساني وتكليفه الشرعي، مشددا على أن يكون المثقف ايجابيا في تفكيره ومواقفه، وأن يمتلك حصانة فكرية تحميه من أية ثقافات دخيلة وأن يكون أمينا في طرح المعلومات متجردا من أي حزبية أو طائفية أو مصلحة شخصية.
د. ميثم لطفي
واعتبر الدكتور ميثم لطيفي من جامعة الامام الصادق في إيران في بحثه بعنوان: "المسجد بؤرة التطور الانساني – الاجتماعي في الثقافة الاسلامية"، أن للمسجد ميزات وأداءات يمكن تطويرها في مجالات تربوية عبادية اجتماعية إسنادية عسكرية وأمنية وغيرها، ويحتل المسجد دون سواه من سائر المعابد في بقية الديانات، عدة كفاءات وطاقات شاملة لخلق التطورات الاجتماعية.
الجلسة الأخيرة عبد العال العبدوني
تحدث فيها الباحث الاسلامي من المغرب عبد العالي العبدوني فقد سأل في بحثه بعنوان "استراتيجية ثقافية إسلامية على حد العولمة" كيف يمكن للثقافة الاسلامية أن تحافظ على هامش قدرتها، ليس في محيطها الجغرافي الطبيعي وحسب، بل ايضا في أفق عولمة أضحت ضرورية في الآن نفسه لأن ثمة علاقة جدلية بينهما من جانب التأثر والتأثير، مطالبا بخلق خط ممانع يتحرك أفقيا من اقصى غرب العالم الاسلامي الى شرقه والعالم استتباعا وفق استراتيجية عملانية تتواضع أمام التنظير العالي وترتفع عن الافكار الجاهزة التي لا تبقي مجالا للنقد.
د. خالد سعيد
وأعرب الدكتور خالد سعيد الباحث ومدرس اللغة العبرية في مركز بحوث الشرق الأوسط في جامعة عين شمس في القاهرة في بحثه بعنوان "المجابهة الرسالية بين الحفاظ على الهوية والغزو الثقافي"، عن اعتقاده بأنه من الواجب على الانسان المسلم اعادة تشكيل الهوية الاسلامية والقومية العربية، ومحاولة ترسيخهما في عقول وأذهان الجميع، والابتعاد عما يزج في هذه الهوية. فنحن خير أمة اخرجت للناس، لذا علينا الاهتمام بالتعليم وبناء اجيال جديدة قائمة على العلم والفكر والابتكار والابداع لا على الحفظ والارتهان للافكار العقيمة.
كما طالب بتدشين نظم إعلامية جديدة تقدم المعرفة الحقة والمضمون الجاد الذي عمد على مجابهة الاستعمار، ومواجهة مخططاته الاستيطانية، مركزا على ضرورة تضمين التعليم مناهج تربوية اسلامية تعنى بفكرة الجهاد المقدس ضد اعداء الأمة، بهدف شروط النهضة والتقدمة للأمة.
عن "الصراع العالمي: أزمة الهويات والأخلاق الإنسانية" تحدث الباحث في جامعة الامام الصادق في إيران مجيد امامي فأشار الى أن الفجوات بين الثقافات تزداد يوما بعد يوم اضافة الى تزايد استغلال الغربيين وتمييزهم ضد الشرقيين والسود والفقراء، لافتا الى فشل النظام الراسمالي في قدرته على تقديم الحل الحقيقي، وأنه يجب توضيح هذا الأمر من وجهة علم النفس الاجتماعي في اطار معرفة المواقف السلبية.
د. فرشاد بور
وكانت المحاضرة الأخيرة في هذه الجلسة للدكتور فرشاد مهدي بور العضو في الهيئة العلمية لمعهد العلوم والثقافة الاسلامية في ايران فتحدث عن "تشخيص التيارات الفكرية المواجهة للحداثة ودورها في رسم السياسات الثقافية للدول الإسلامية"، عارضا لايران المعاصرة كحالة في هذا السياق، مشيرا الى وجود ثلاث مقاربات هي: معارضة الحداثة، تأييد الحداثة، والتفاعل معها، مركزا على دراسة تيارات التحولات الفكرية في ايران المعاصرة للاستفادة منها كنموذج في شرح العلاقات بين التيارات الفكرية الداخلية والخارجية، مما قد يشكل اطارا مناسبا لاستراتيجيات مؤثرة في حل المسائل والقضايا الثقافية.