ذکرت صحیفة «السفیر» اللبنانیة أن محاولة بناء منظومة إقلیمیة متّحدة لمحاربة الإرهاب هي أحد أهداف الجولة التي یقوم بها وزیر خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة محمّد جواد ظریف علی دول المنطقة وتشمل لبنان وسوریا وترکیا.
شارک :
وقالت الصحیفة في تقریر نشرته یوم الاثنین: 'ثمة قناعة إیرانیة بأنّ حقبة جدیدة بدأت في المنطقة بعد توقیع الاتفاق النووي، ولذلک، تنشط الدیبلوماسیّة الإیرانیة في التواصل مع دول الجوار بغیة إعادة تمتین العلاقات عبر شرح الاتفاق النووي الإیراني أولا، ومحاولة بناء منظومة إقلیمیة متّحدة لمحاربة الإرهاب ثانیا، وتمهیدا لإیجاد حلول للملفات الإقلیمیة لا سیما في الیمن وسوریا ثالثا'.
وإذ أشارت «السفیر» إلی حدیث إیراني عن حرکة وساطة تقودها مسقط لم تصل بعد الی فتح أبواب الریاض الموصدة، نقلت عن أوساط دیبلوماسیة إیرانیة ردّا علی سؤال للصحیفة أن إمکانیّة انفراج عتید قد یقود ظریف الی زیارة الریاض، وتقول إنّ 'فکرة الزیارة موجودة قبل إبرام الاتفاق النووی، لکنّ حصولها یحتاج الی آلیّة دیبلوماسیّة وصولا الی توجیه دعوة رسمیة سعودیّة یسبقها تنسیق عبر القنوات الدیبلوماسیة'.
وبحسب الصحیفة 'تعلّق إیران أهمیة علی الوساطة العُمانیة، وتظهر الأوساط الدیبلوماسیة الإیرانیة تقدیرا لجهود مسقط الإیجابیة في الإقلیم'، مشیرة الی أنّ 'عُمان فهمت إیران أکثر من أشقائها الخلیجیین، وأدرکت بأنّ «أفضل سبیل لحلّ مشاکل المنطقة یکمن فی التفاوض' بحسب تعبیر الأوساط الإیرانیّة.
وتوضح الصحیفة نقلاً عن الأوساط ذاتها أن عُمان تقوم بـ'جهود حثیثة بغیة تطبیق هذه السیاسة وتوافقها طهران الرأی، لأنها تعتبر بأنّ التعاون الإقلیمي هو الأفضل، والمنطقة لا تحتاج الی تدخّلات من الولایات المتّحدة الأمیرکیّة لمساعدتها في حلّ الخلافات، لأنّ دول المنطقة تتمتّع بالنضج والقدرة علی حلّ مشاکلها بذاتها، ویمکن أن تقوم بذلک عبر التفاوض'.
وتضیف الصحیفة، تمنح إیران لبنان أهمیة استثنائیة «کونه یحتضن المقاومة ضدّ إسرائیل». یرید ظریف أن یوضّح للحکومة اللبنانیة ماهیة الاتفاق النووي، وینقل رسالة من القیادة الإیرانیة تعبّر عن الأهمیة التي تمحضها للبنان، مؤکّدا أن «لا تبدیل في المقاربة الإستراتیجیة الإیرانیة في لبنان وفي المنطقة بعد الاتفاق النووي الإیراني».
ماذا یعني عدم وجود تغییر؟
تنقل الصحیفة عن الأوساط الدیبلوماسیة الإیرانیة قولها: 'إنّ ذلک یعني بأنّ استقرار لبنان هو أولویة إیرانیة.. کما أنّ ذلک یعني أن لا تغییر البتة في نهج إیران تجاه الانتخابات الرئاسیة اللبنانیة، فهي تبقی علی موقفها بأن هذا الاستحقاق الحیوي داخلي ویتعلّق بالشعب اللبناني ویمکن للمجموعات اللبنانیة أن تحلّه بالتفاوض وبحسب المصلحة الوطنیّة ولا یربطنّ أحد هذا الاستحقاق بإیران'.
وعن تعویل لبناني علی انعکاسات إیجابیة للاتفاق النووي علی ملفات المنطقة ومنها الملف اللبناني، تنقل «السفیر» عن الأوساط 'أن البعض یحاول الربط بین المشاکل الإقلیمیة والاتفاق النووي، وإیران ترفض ذلک قطعا، فالمفاوضات تطرقت الی الملف النووي فحسب، ولیس لدینا اي جدید حول الملفّات الإقلیمیّة'. مضیفة: 'لا تداعیات للملف النووي علی الملفات الإقلیمیة وربمّا یحصل اتفاق آخر حولها بین إیران وأفرقاء آخرین في المنطقة، لکنّ النووي مستقلّ'.
وردّا علی سؤال عما إذا کان المقصود بذلک السعودیة، قالت الأوساط بحسب الصحیفة 'إن ایران منفتحة للحدیث عن الملفات الإقلیمیة لکن دون ربطها بالملف النووي.. ونحن مستعدّون للتحدث مع من هم مستعدون بدورهم للنقاش'.
وهل سیکون الملف الرئاسي اللبناني حاضرا؟
تجیب الأوساط الایرانیة: 'إذا حصل الحوار مع السعودیة، فلن یکون لبنان حاضرا في المرحلة الأولی، والسعودیة بلد مهمّ ومؤثر في العالم الإسلامي والإقلیم، ونحن نمدّ یدنا للتعاون معها وثمة الکثیر لنتحدث عنه'.
استعداد للتعاون المصرفي وفي ملف النفایات في لبنان
سیشرح ظریف بحسب «السفیر» لمحدثیه اللبنانیین کیف أنّ الاتفاق النووي فرصة حقیقة یجب اقتناصها من قبل دول المنطقة وقد سبقتهم الدول الأوروبیة الی إیران، وقریبا یزور الرئیس الفرنسي فرانسوا هولاند طهران، من هنا ضرورة إعادة الحرارة الی العلاقات الإقلیمیة ولبنان في طلیعتها. وثمّة تطلّع إیراني الی التعاون معه وخصوصا مصرفیا حیث ان طهران مستعدّة للتعاون مع النظام المصرفي اللبناني عبر استیعابها رأسمال المصارف في الاستثمارات في إیران، کما أنها یمکن أن تقدم الکثیر في قطاع الصناعة والخدمات للبلدیات والتنظیم المدنی وحتی فی إدارة ملفّ النفایات؛ ومعروف بأن مدینة طهران وحدها تعالج یومیا آلاف أطنان النفایات وهي العاصمة التي یدخل إلیها یومیا 3 ملایین شخص للعمل ویغادرونها مساء. وتقول الأوساط الدیبلوماسیة الإیرانیة للصحیفة بأنّ إیران یمکن أن تقدّم خبرتها في هذا المجال إن طلب منها أحد ذلک من الحکومة اللبنانیة وهذا ما لم یحصل لغایة الیوم!
تتابع الصحیفة، تعتبر إیران سوریا ولبنان العمود الفقري لاستراتیجیتها في المنطقة ودعمها لسوریا مستمر انطلاقا من قناعة لدیها بضرورة وقف النشاط الإرهابي الذي یجتاز الحدود بشکل سهل، وهذا ما یوتّر الجوار القریب والبعید، وبالتالي 'إن سوریا (کما لبنان)، هي في محور المقاومة ضدّ الصهیونیّة وضد الإرهاب معا'.
قدّم مساعد وزیر الخارجیّة الإیراني حسین أمیر عبد اللهیان مبادرة إیرانیة للحلّ في سوریا، لکن تسویقها یبدو صعبا في ظلّ القطیعة المستمرّة مع السعودیة ومشارکة إیران وحلفائها بالحرب السوریة. تعتبر الأوساط الإیرانّیة بحسب الصحیفة، أن 'الشعب السوري هو أولویة ویجب حل المشکلة السوریة عبر مفاوضات داخلیّة ونقاش عمیق بین المکوّنات السوریّة المختلفة، والأمر سیان في العراق، والمبادرة التي أطلقها عبد اللهیان سوف تتوسّع دائرتها لتنطلق من الأمم المتّحدة وهي الجهة التي ستسوّقها'.
ووفقًا لمصادر «السفیر»، تبدی إیران قلقها حیال ما یجري في سوریا وهي تبحث عن حل في ظل قناعة إیرانیة مستجدّة بأن 'الحکومة السوریة لا یمکنها القضاء علی الإرهابیین نهائیا، کما أن هؤلاء عاجزون عن إسقاط نظام الرئیس بشار الأسد، وبما ان مطحنة الحرب دائرة والمتضرر منها هو سوریا أرضا وشعبا، وأن هذه المشکلة باتت تؤثر في المنطقة برمتها، فلا بدّ من إیجاد حلول سریعة، فسوریا من وجهة النظر الإیرانیة باتت تلعب دور أفغانستان إبان الحرب الباردة حیث صار هذا البلد ملتقی للمجموعات الإرهابیة القادمة من أنحاء العالم، ولما انتهت الحرب عاد هؤلاء الی بلدانهم مقاتلین مدربین، وهذا ما یحصل في سوریا حیث یعاد تصدیر إرهابیین الی بلدانهم فینشرون الخراب'.