الإمام محمد الباقر(عليه السلام) هو خامس الأئمة الأطهار الذين نصّ عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليخلفوه في قيادة الأمة الإسلامية ويسيروا بها إلى شاطئ الأمن والسلام الذي قدّر الله لها في ظلال قيادة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
شارک :
لقد ازدهرت الحياة الفكرية والعلمية في الإسلام بهذا الإمام العظيم الذي التقت فيه عناصر الشخصيّة من السبطين الحسن والحسين(عليهما السلام) ، وامتزجت به تلك الأصول الكريمة والأصلاب الشامخة، والأرحام المطهَّرة، التي تفرّع منها.
فالأب: هو سيد الساجدين وزين العابدين وألمع سادات المسلمين.
والأم: هي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة، وتكنى أم عبد الله وكانت من سيدات نساء بني هاشم، وكان الإمام زين العابدين(عليه السلام) يسميها الصديقة ويقول فيها الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) : (كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن مثلها) وحسبها سموّاً أنها بضعة من ريحانة رسول الله، وأنها نشأت في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ففي حجرها الطاهر تربى الإمام الباقر(عليه السلام) .
الإمام محمد الباقر(عليه السلام) هو خامس الأئمة الأطهار الذين نصّ عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليخلفوه في قيادة الأمة الإسلامية ويسيروا بها إلى شاطئ الأمن والسلام الذي قدّر الله لها في ظلال قيادة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
ولقد انحدر الإمام الباقر(عليه السلام) من سلالة طاهرة مطهّرة ارتقت سلّم المجد والكمال وكان أفرادها قمماً شامخة في دنيا الفضائل بعد أن حازت على جميع مقومات الشخصية الإنسانية المتكاملة في مجال الفكر والعقيدة والعقل والعاطفة والإرادة والسلوك، حيث أخلصوا لله تعالى وذابوا في محبته وانصهروا في قيم الرسالة الإسلامية وكانوا ربانيين بحق، وبذلك أصبحوا عِدلاً للقرآن الكريم بنصّ الرسول الأمين، والقدوة الشامخة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) والأمناء على تطبيق الرسالة الإسلامية والقادة المعصومون المؤهَّلون لتوجيه الأمة وتربيتها وإدارة شؤونها وتلبية متطلّبات تكاملها وتحقيق سعادتها دنياً وآخرةً.
ولد الإمام الباقر(عليه السلام) من أبوين علويين طاهرين زكيين فاجتمعت فيه خصال جدّيه السبطين الحسن والحسين(عليهما السلام) ، وعاش في ظلّ جدّه الحسين(عليه السلام) بضع سنوات وترعرع في ظلّ أبيه علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) حتى شبّ ونما وبلغ ذروة الكمال وهو ملازم له حتى استشهاده في النصف الأول من العقد العاشر بعد الهجرة النبوية المباركة.
كنيته: (أبو جعفر) ولا كنية له غيرها.
ألقابه الشريفة: وقد دلّت على ملامح من شخصيته العظيمة وهي:
١ ـ الأمين.
٢ ـ الشبيه: لأنه كان يشبه جده رسول الله(صلى الله عليه وآله).
٣ ـ الشاكر.
٤ ـ الهادي.
٥ ـ الصابر.
٦ ـ الشاهد .
٧ ـ الباقر .
وهذا من أكثر ألقابه ذيوعاً وانتشاراً، وقد لقب هو وولده الإمام الصادق بـ ( الباقرين ) كما لقبا بـ ( الصادقين ) من باب التغليب .
حلمه:
كان الحلم من أبرز صفات الإمام أبي جعفر(عليه السلام) فقد أجمع المؤرخون على أنه لم يسيء إلى من ظلمه واعتدى عليه، وإنما كان يقابله بالبر والمعروف، ويعامله بالصفح والإحسان، وقد رووا صوراً كثيرة عن عظيم حلمه، كان منها:
إن رجلاً كتابياً هاجم الإمام(عليه السلام) واعتدى عليه، وخاطبه بمرّ القول:
(أنت بقر !)
فلطف به الإمام، وقابله ببسمات طافحة بالمروءة قائلاً:
(لا أنا باقر)
وراح الرجل الكتابي يهاجم الإمام قائلاً:(أنت ابن الطبّاخة !)
فتبسّم الإمام، ولم يثره هذا الاعتداء بل قال له:
(ذاك حرفتها) .
ولم ينته الكتابي عن غيّه، وإنما راح يهاجم الإمام قائلاً:
(أنت ابن السوداء الزنجية البذية!)
ولم يغضب الإمام(عليه السلام) ، وإنما قابله باللطف قائلاً:(إن كنت صدقت غفر الله لها، وإن كنت كذبت غفر الله لك) .
وبهت الكتابي، وانبهر من أخلاق الإمام(عليه السلام) التي ضارعت أخلاق الأنبياء. فأعلن إسلامه واختار طريق الحق.
اغتيال الإمام محمّد الباقر(عليه السلام) واستشهاده:
ولم يمت الإمام أبو جعفر(عليه السلام) حتف أنفه، وإنما اغتالته بالسم أيد أموية أثيمة لا تؤمن بالله، ولا باليوم الآخر، وقد اختلف المؤرخون في الأثيم الذي أقدم على اقتراف هذه الجريمة.
فمنهم من قال: إن هشام بن الحكم هو الذي أقدم على اغتيال الإمام فدسّ إليه السم والأرجح هو هذا القول لأن هشاماً كان حاقداً على آل النبي بشدة وكانت نفسه مترعة بالبغض لهم وهو الذي دفع بالشهيد العظيم زيد بن علي(عليه السلام) إلى إعلان الثورة عليه حينما استهان به، وقابله بمزيد من الجفاء، والتحقير. ومن المؤكد أن الإمام العظيم أبا جعفر قد أقضّ مضجع هذا الطاغية، وذلك لذيوع فضله وانتشار علمه، وتحدث المسلمين عن مواهبه، ومن هنا أقدم على اغتياله ليتخلص منه.
ومنهم من قال: إنّ الذي أقدم على سم الإمام هو إبراهيم بن الوليد .
ويرى السيد ابن طاووس أنّ إبراهيم بن الوليد قد شرك في دم الإمام(عليه السلام) ومعنى ذلك أن إبراهيم لم ينفرد وحده باغتيال الإمام(عليه السلام) وإنما كان مع غيره.
وأهملت بعض المصادر اسم الشخص الذي اغتال الإمام(عليه السلام) واكتفت بالقول إنه مات مسموماً .
دوافع اغتيال الإمام الباقر(عليه السلام) :
أما الأسباب التي أدت بالأمويين إلى اغتيال الإمام(عليه السلام) فهي:
سمو شخصية الإمام الباقر(عليه السلام) : لقد كان الإمام أبو جعفر(عليه السلام) أسمى شخصية في العالم الإسلامي فقد أجمع المسلمون على تعظيمه، والاعتراف له بالفضل، وكان مقصد العلماء من جميع البلاد الإسلامية.
لقد ملك الإمام(عليه السلام) عواطف الناس واستأثر بإكبارهم وتقديرهم لأنه العلم البارز في الأسرة النبوية، وقد أثارت منزلته الاجتماعية غيظ الأمويين وحقدهم فأجمعوا على اغتياله للتخلص منه.