خبراء الإعلام وعلماء دين يحذرون من قنوات الفتنة المذهبية
مجتمعاتنا تعاني من انعدام ثقافة احترام الرأي والرأي الاخر , وتأتي بعض القنوات الدينية التي تعمل من منطلق طائفي لتروج رأي مذهب معين وتغليبه على سائر المذاهب , لتؤجج نار الاختلاف والتعصب المذهبي
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : قالت دراسة لكلية الإعلام بجامعة القاهرة أن عدد القنوات الفضائية التي تعمل بصبغة دينية وصل إلى ١٥٠ قناة منها أكثر من خمس وثلاثون قناة تعمل من منطلق طائفي بخلاف القنوات الدينية التي تميل لتغليب الرأي السني أو القنوات التي تميل لتغليب الرأي الشيعي وبلا شك فإن كل هذا لا يؤدي في النهاية إلا إلى بث الفتة المذهبية في مجتمعاتنا التي تعاني أصلا من انعدام ثقافة احترام الرأي والرأي الأخر واستطلعت " شبكة التوافق الإخبارية "رأى عدد من خبراء الإعلام وعلماء الدين حول القنوات الدينية وهل أصبحت ظاهرها الرحمة والود والتواصل وباطنها العذاب والفرقة والتشرذم وفي السطور التالية نرصد إجابات العلماء وخبراء الإعلام :
هدف خفي بداية تقول الدكتورة ماجي الحلواني العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة " لا يمكن فهم ظاهرة الفضائيات المذهبية دون مناقشة الفضائيات الدينية بشكل عام لأنه ومن الواضح أن كثير جدا من الفضائيات الدينية تمارس عملها لهدف مخفي ولصالح جماعات وسياسات معينة بعيدة كل البعد عن الهدف الديني الحقيقي وهو تبسيط العلوم الدينية وتثقيف المواطن المسلم بثقافة إسلامية سمحة " . وتضيف د. ماجي الحلواني " ومن هذا المنطلق فعلى القائمين على الإعلام العربي العمل على تحكيم ضمائرهم وعدم الهرولة وراء التسخين وخلافه بحثا عن توسيع دائرة المشاهدين حتى لو جاء ذلك على حساب مصلحة الأمة العربية والإسلامية هذا رغم أن الفضائيات العربية قدمت في بداياتها تقاربا شعبيا ثقافيا نادرا بين الشعوب العربية ووحدت همومهم وأذواقهم في كل ما هو إيجابي أو سلبي ولكن بمرور الوقت تحولت الفضائيات أو بعضها للأسف الشديد إلى ساحة صراع دبلوماسي مكشوف وأخذ المشاهد العربي يطلع على حجم بعض الخلافات العربية من خلال هذه البرامج رغم إدراك القائمين على تلك القنوات لخطورة ما يفعلوه على الواقع العربي سواء على المستوى الرسمي أو حتى على المستوى الشعبي " .
خداع المسلمين أما الدكتور محي الدين عبد الحليم مستشار وزير الأوقاف المصري لشؤون الإعلام فيقول " للأسف الشديد فقد أصبحت القنوات الفضائية الدينية كغثاء السيل وتخدع المشاهد المسلم البسيط بكل السبل فلا يشاهد أيا منها إلا وتحوطه أفكار جديدة تماما عليه ويصل به الأمر في كثير من الأحيان إلى أن يظن أنه لم يكن مسلما صحيح الإسلام لإغفاله كل ما بثته إلى ذهنه تلك القناة من معلومات قد يكون كثير منها كاذب وبذلك ينخدع المشاهد المسلم خاصة لو كان من ذوى المعلومات السطحية عن الدين وللأسف أيضا فإن كثير من القنوات الدينية التي أخذت على عاتقها زرع الفتنة المذهبية بين المسلمين وضرب كل محاولات الوحدة في مقتل نجحت في امتلاك مساحات لا بأس بها من الإعلام الفضائي لنشر أفكارهم المسمومة ويمتد بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى نواح سياسية لإثارة الفتن المذهبية" . وتابع " ومن هذا المنطلق فلابد من التصدي لأصحاب هذا الفكر الإعلامي الهدام لو حتى باستخدام القوانين الرادعة عملا بالقاعدة الفقهية أن الله يذع بالسلطان مالا يذع بالقرآن ولابد من تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية التي تمنع استخدام الإعلام في بث الفتن المذهبية أو الدينية ولو نجحنا في إجبار كل الفضائيات دينية كانت أو غير دينية على الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي الذي وضعته منظمة المؤتمر الإسلامي فإن ظاهرة الفضائيات المذهبية ستختفي دون رجعة خلال فترة وجيزة " .
دور المخابرات الأمريكية وترى الدكتور نادية مصطفى أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الحوار بجامعة القاهرة أن ظهور قنوات الفتنة المذهبية لم يحدث إلا بعد احتلال أمريكا للعراق فقد ظنت الولايات المتحدة وبإيعاز من الكيان الصهيوني أن السيطرة على العراق ومن بعده الأمة العربية كلها لن يحدث إلا من خلال زرع الشقاق المذهبي بين العرب بعضهم البعض وهكذا قامت أمريكا ومن خلال جهاز المخابرات الأمريكية بتشجيع أشخاص موالين لهم بإنشاء قنوات فضائية شيعية وأشخاص آخرون على إنشاء قنوات فضائية سنية وهكذا شجعتهم أيضا على تبنى لغة الحوار الذي يحث على الفرقة والنزاع ومن الواضح أن أمريكا نجحت في مسعاها للأسف الشديد وإلا ما كانت تلك القنوات المذهبية قد استمر وجودها حتى اليوم . وتضيف د. نادية مصطفى " والواقع يؤكد بالفعل أن هناك إعلام طائفي بصورة غير مسبوقة في مواجهة إعلام سلفي متشدد الأمر الذي يزيد من حالة الاحتقان المذهبي ويطرح في القنوات الفضائية المعبرة عن الطرفين قضايا هامشية للخلافات تزيد من حدة التوتر والعداء والانقسام المذهبي وتمثل العراق مجالا واضحا لذلك حيث تعددت القنوات الفضائية ذات الانتماء المذهبي الطائفي وتركز على إثارة المشاعر العامة والابتعاد عن الموضوعية " .
تمويل خفي ومذهبي ويقول الدكتور عبد الفتاح الشيخ الرئيس السابق لجامعة الأزهر " المتابع للقنوات الطائفية سيدرك دون شك أن هناك جهات وشخصيات تقف خلفها وتمويلها تهدف إلى تقوية النزاع المذهبي حيث يتم تمويل تلك الفضائيات من جماعات وشخصيات تستخدم الإطار المذهبي لخدمة اتجاهات سياسية بالدرجة الأولى وتقوم على التحريض الشعبي لتبني مواقف سياسية ومذهبية تفتقد في كل الأحيان تقريبا إلى الموضوعية بل إن اختيار الضيوف والخبراء لمناقشة قضايا الحوار يرتبط بالدرجة الأولى بمبدأ انحياز هؤلاء الضيوف والخبراء لوجهة النظر التي تسعي تلك القنوات لترويجها " . ويضيف د. الشيخ "مواجهة تلك القنوات لن تحدث للأسف إلا إذا اتقى القائمون عليها ربهم في المسلمين البسطاء وأنا أقول لهم اتقوا الله فينا وفي المجتمعات المسلمة التي عاشت طويلا دون أن تسمع كلمة أنا شيعي أو أنا سني وكنا نسمع فقط كلمة أنا مسلم فلماذا نستعيد اليوم كلمات لن تنفع بقدر ما تضر ".
تشفي الغرب فينا وترى الدكتورة أمنة نصير أن الغرب كله وعلى رأسه أمريكا يسرها للغاية حالة الاحتقان المذهبي التي يعانى منها المسلمون اليوم ولو تابعنا ما تنشره وسائل الإعلام الغربية عندما تغطى حوادث تفجيرات مراقد الشيعة أو المساجد السنية في العراق فسوف نكتشف بسهولة حالة التشفي التي تتناول بها تلك الصحف الأحداث من هذا النوع والغرب استخدم الإعلام بصورة متميزة في حربه النفسية ضد المسلمين وهكذا ظهرت تلك الفضائيات الدينية المتطرفة والحقيقة فإن خطورة تلك الفضائيات المذهبية لا تكمن في عددها وإنما فيما تطرحه من قضايا وأفكار وأحداث وتحليلات تعبر عن توجهات سياسية ومذهبية خطيرة تبث الأحقاد بين عنصري الأمة الإسلامية الشيعة وإخوتهم السنة .