الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وأهمها ملف السلام في الشرق الأوسط وملفات العراق وباكستان والحرب على الإرهاب في أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية المستفحلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد الأسوأ منذ الثلاثينيات،
الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وأهمها ملف السلام في الشرق الأوسط وملفات العراق وباكستان والحرب على الإرهاب في أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية المستفحلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد الأسوأ منذ الثلاثينيات.
تتوزع فصول الكتاب الـ١٤ على ثلاثة محاور، يحمل أولها عنوان: العوامل المحلية في صناعة السياسة الخارجية الأمريكية، ويحمل المحور الثاني عنوان: خصائص السياسة الخارجية الأمريكية، فيما يتحدث المحور الثالث عن تطبيقات السياسة الخارجية الأمريكية في فلسطين والعراق وإيران وأفغانستان. في الفصل الأول من الكتاب يعالج د.اشتياق حسين المؤثرات الداخلية التي تلعب دوراً مهماً في صناعة القرار الأمريكي، سواء في الإدارة الأمريكية ودوائرها الرسمية، أم فيما يتعلق بجماعات المصالح والرأي العام، والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع الأمريكي. ويشير إلى دور مؤسسة الرئاسة، ومجلسي النواب والشيوخ، ومجلس الأمن القومي، لافتاً النظر إلى أهمية الدور الذي يلعبه مجلس الأمن القومي ووزير الخارجية الأمريكي في عملية صناعة القرار. ويرى حسين أن “الأمريكيين لا يرون غضاضة في محاولة نشر القيم الأخلاقية الأمريكية في العالم، كونها أتت للولايات المتحدة بخير”؛ وهي قناعة تبنتها الإدارة الأمريكية في صياغة سياستها الخارجية. أما الفصل الثاني من الكتاب، فقد كتبه د.محمد عارف زكاء الله حول صعود اليمين المسيحي وتأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية؛ والكيفية التي تتم من خلالها عملية التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية والتي تستند بشكل عام إلى معايير دينية في النظر إلى الآخرين، ودعم “إسرائيل” بسبب خلفيات دينية، والاستناد إلى نبوءات الإنجيل حول نهاية العالم، وظهور المسيح المخلص. أما الفصل الثالث، فيحلل فيه د.اشتياق حسين دور المحافظين الجدد في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، وخصوصاً في عهد بوش الأب وبوش الابن، محللاً الطريقة التي يؤثر بها المحافظون الجدد على السياسة الخارجية الأمريكية، ليخلص إلى التساؤل عن “مستقبل حركة المحافظين الجدد، بعد الفشل الذريع الذي منيت به الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، والإذلال أو الإهانة التي تعرض لها المحافظون الجدد وحلفاؤهم، وخصوصاً في إدارة بوش الابن. وفي الفصل الرابع، تتحدث الكاتبة الأمريكية المتخصصة أليسون وير عن دور الإعلام الأمريكي في التعتيم على حقائق ما يجري على ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والدور الذي تلعبه السياسة الخارجية الأمريكية في هذا المجال. حيث ترى وير أن الرأي العام الأمريكي “لا يعرف شيئاً عن هذه القضية إلا ما يراه من خلال التغطية الإعلامية للأحداث المنحازة لإسرائيل”. وهو ما يعكس الدور الخطير لوسائل الإعلام في صناعة قرارات تعتمد على معلومات خاطئة أو مضللة، مما يؤدي إلى نتائج تخدم عادة طرفاً محدداً هو الطرف الإسرائيلي، وهذا ما يزيد الشعور بالظلم لدى الأطراف الأخرى، ويزيد الكراهية ضد الولايات المتحدة وسياساتها. أما الفصل الخامس فيعالج فيه د.عطاء الله كوبانسكي، ود.محسن صالح، الموضوع الأكثر إثارة للجدل فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكي، وهو موضوع اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة وتأثيره على عملية صناعة القرار، ليُظهر الباحثان بعد بحث شامل ومفصل كيفية تأثير اللوبي الإسرائيلي على مختلف المؤسسات الحكومية الإعلامية والأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية بأن “اللوبي الإسرائيلي يدفع السياسة الخارجية الأمريكية باتجاه تبني ما يصب في مصلحة إسرائيل”. وفي الفصل السادس يعالج د.أحرار أحمد، دور المجموعات الأمريكية المسلمة في التأثير على صناعة القرار الأمريكي، متطرقاً إلى المجالات المحددة التي تؤثر فيها هذه المجموعات على السياسة الخارجية الأمريكية، ومقارناً بين تأثير اللوبي الإسرائيلي وتأثير المجموعات الأمريكية المسلمة في هذا المجال؛ ليؤكد أن المجموعات الأمريكية المسلمة لم تستطع حتى الآن أن تبلور إنجازات معتبرة فيه، حيث ما يزال تأثيرها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية في العالم الإسلامي متواضعاً جداً. وفي الفصل السابع من الكتاب يقدم د.الفاتح عبد السلام تحليلاً تاريخياً للقضايا الأساسية في السياسة الخارجية الأمريكية، فيشرح كيفية تحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى قوة عظمى عالمية، متطرقاً إلى السياسة الخارجية الأمريكية في مراحل مختلفة مثل الحرب العالمية الأولى، وما بعدها، ثم الحرب الباردة، ثم مرحلة ما بعد الحرب الباردة؛ مؤكداً سقوط الفرضية الأمريكية الأهم التي سادت في مراحل مختلفة من التاريخ الأمريكي، والتي تقول بأنه “ما لم تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على العالم من الناحية العسكرية، فإن النظام العالمي سوف ينهار” وهي فرضية ثبت خطؤها، بحسب رأي الكاتب، حيث يرى بأن “العالم تمكن بأن يتدبر أموره طوال التاريخ، ومنذ فترات طويلة سبقت وجود الولايات المتحدة الأمريكية أصلاً”. وفي الفصل الثامن، يشرح د.حبيب الحق خوندر تأثير الاقتصاد السياسي الأمريكي على عملية صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية؛ مؤكداً أنه في الوقت الذي يتجه فيه العالم لسيادة النظام الاقتصادي الرأسمالي المعتدل، ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد في مقاربتها الاقتصادية على النظرية الرأسمالية الاستعمارية، الأمر الذي ينعكس على طريقة صياغة سياساتها الخارجية. وفي الفصل التاسع، يشرح د.شهيد شهيد الله، المبادئ أو النظريات التي صيغت على أساسها السياسة الخارجية الأمريكية في مراحل تاريخية مختلفة، محللاً نظريات الحرب الباردة، والحرب على الإرهاب، ومجرياً مقارنة بين نظرية كلينتون في السياسة الخارجية الأمريكية ونظرية بوش الابن.داعياً الولايات المتحدة إلى ضرورة تبني نظرية جديدة في السياسة الخارجية، خصوصاً فيما يتعلق بالعالم الإسلامي. وفي الفصل العاشر يناقش د.داوود عبد الله السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية من وجهة نظر محايدة، فيحدد العوامل الداخلية التي تلعب دوراً أساسياً في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وكيف تتم صياغة السياسة الخارجية الأمريكية في هذا المجال بشكل عام.وقد خلص عبد الله إلى القول بأن “الولايات المتحدة الأمريكية فشلت تاريخياً في انتهاج موقف معتدل، تصالح من خلاله بين الأهداف الإسرائيلية والحقوق الفلسطينية”. وفي الفصل الحادي عشر يتحدث د.عبد الرشيد موتن عن اجتياح العراق واحتلاله، وسعي الولايات المتحدة إلى السيطرة على النظام العالمي، فيرى أنه مع نهاية الحرب الباردة، حدث تحول بازر في السياسة الخارجية الأمريكية، دفعها إلى تبني نظرية القوة الوقائية التي تهاجم من خلالها أي “جهة إرهابية محتملة”، وذلك في إطار سعيها لإحكام قبضتها في السيطرة على العالم، وأن تصبح القوة العظمى العسكرية الوحيدة فيه. ولكن موتن رأى من خلال تحليله أن المقاومة العراقية غير المتوقعة، وما تسببت به من خسائر للجيش الأمريكي، أفشلت هذا التطلع الأمريكي، وأثبتت أن القوة الوقائية والقبضة العسكرية الحديدية لا توفر الأمن لأي طرف، ما أوجد حالة من الاعتراض حالت دون قيام بوش الابن بأي مغامرة عسكرية جديدة لضرب سوريا أو إيران أو لبنان أو غيرها. وفي الفصل الثاني عشر، يعالج الدكتور شودري شميم، الملف النووي الإيراني وطريقة تعاطي كل من الولايات المتحدة، وأوروبا و”إسرائيل” والأمم المتحدة معه.فيذكر أن التطلع النووي لم يكن يوماً حكراً على إيران، حيث أن الكثير من الدول ومنها البرازيل على سبيل المثال، طالبت بحقها بامتلاك السلاح النووي أسوة بغيرها من الدول منذ أواخر السبعينيات. كما يحلل الباحث وجهات النظر المختلفة المعارضة والمؤيدة لامتلاك دول العالم للسلاح النووي، واحتمالات معالجة الملف النووي الإيراني، ومنها احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران، مستبعداً هذا الاحتمال لأسباب تتعلق بالطرفين. أما الفصل الثالث عشر فيقدم فيه د.وهاب الدين رئيس دراسة حول السياسة الأمريكية تجاه أفعانستان منذ بداية الثمانينيات وحتى سنة ٢٠٠٧، محللاً المصالح الأمريكية في أفغانستان، والتحولات التي طرأت على السياسة الخارجية الأمريكية حيال الملف الأفغاني، والتي تبدلت بتبدل المصالح والتحالفات الأمريكية فيها. وفي الفصل الأخير يستعرض د.اشتياق حسين الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وأهمها ملف السلام في الشرق الأوسط وملفات العراق وباكستان والحرب على الإرهاب في أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية المستفحلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد الأسوأ منذ الثلاثينيات، والأجندة الداخلية المثقلة التي يجب على الرئيس الأمريكي معالجتها، يستبعد الكاتب تماماً أن تعود الولايات المتحدة إلى سياسة عزل نفسها من أجل معالجة أزماتها الداخلية، مشيراً إلى أنه في حال صدق الرئيس الأمريكي في وعوده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، فإنه سيكون بإمكانه أن يخبر الأجيال المقبلة من الأمريكيين بأن بلادهم “ساعدت في صناعة السلام في الشرق الأوسط، وواجهت مشاكل التغير المناخي، واستطاعت هزيمة الإرهاب العالمي”. ويعدّ كتاب السياسة الخارجية الأمريكية والعالم الإسلامي إضافة متميزة تهم كل الباحثين والأكاديميين والطلاب الذين يتخصصون في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية؛ وكل الذين يتطلعون إلى معرفة أعمق للسياسة الخارجية الأمريكية، وكيفية تفاعلها مع قضايا العالم الإسلامي.وعلى الرغم من أن الأحداث في المشهد الدولي تشهد تغيرات سريعة نسبياً، تستدعي وجود دراسات متجددة دائماً لمواكبة التطورات، إلا أن هذا الكتاب عالج بمقاربة تحليلية شاملة الأسس الثابتة التي تتعاطى على أساسها الولايات المتحدة مع ملفات السياسة الخارجية، تجاه العالم الإسلامي، على الرغم من وجود متغيرات ظرفية سريعة ومربكة في بعض الأحيان. ويمكن القول إن أهم ما يتميز به هذا الكتاب هو هذا الحشد الكبير للطاقات الأكاديمية البحثية من أماكن مختلفة من العالم، من أجل وضع دراسة أكاديمية متخصصة عالجت موضوع تأثيرات السياسة الخارجية الأمريكية وكيفية تعاطيها مع العالم الإسلامي، من وجهة نظر متخصصين من العالم الإسلامي، أو ممن عاشوا في الولايات المتحدة الأمريكية ودرسوا ودرّسوا فيها، وليس كما تراها الإدارة الأمريكية، أو خزانات التفكير المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي.