المسلمون في فيينا يصومون ويفطرون بلا مظاهر لشهر رمضان
على الرغم من أن فيينا لا تعرف شهر رمضان فإن مسلميها ينتظرونه ويصومونه ويكثرون من قراءة الكرآن الكريم
شارک :
وكالة أنباء التقریب (تنا ) على الرغم من أن فيينا لا تعرف شهر رمضان فإن مسلميها ينتظرونه ويصومونه ويكثرون من قراءة الكرآن الكريم العاصمة النمساوية فيينا مدينة صغيرة، جميلة شتاء حلوة صيفا، تجيد فنون الاحتفال بمواسمها وأعيادها سواء عيد الميلاد أو عيد الفصح، مما يزيد من روعتها وبهجتها. في الوقت ذاته، فإن فيينا مدينة فاترة في شهر رمضان الذي لا تعرفه ولا تحتفل به، لذلك فإن الشهر الكريم في تقويمها كبقية الأيام لا يحظى بتغيير في مواعيد الدوام، كما لا تعد له برامج خاصة، وبالطبع ليس هناك مسحراتي يجول شوارع وأزقة فيينا، كما لا وجود لأطفال يغنون (وحوي يا وحوي). بلا مبالاة، يمضي الحال في عموم المدينة التي تظل طيلة رمضان تلهث لهاثها وتأكل وجباتها فلا صيام أو إفطار أو سحور إلا مجهودات قلة من مسلميها ممن يعرفون رمضان وينتظرونه ويصومونه ويحتفلون به عاما بعد عام. يأتي رمضان، هذا العام، وفيينا تعيش صيفا قائظا، ونهارا طويلا، كما يصادف عطلة مدرسية مما وفر لمعظم الأسر فرصة صيامه مع ذويهم ببلادهم في أجواء رمضانية حقيقية، وإن زاد ذلك من غربة الباقين بها ممن لا تتوافر لهم فرص العودة، وقالت بعض الأسر المسلمة بفيينا منهم إيمان حلمي زوجة السفير المصري المعتمد لدى النمسا، ومع مندوبها لدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة بالعاصمة النمساوية، إيهاب فوزي. أول ما يلفت النظر ويشع بهجة نجاح إيمان في تغيير مظهر صالونها الممتد بإلباسه ديكورا أنيقا حول غرفة الطعام إلى ما يماثل خيمة رمضانية ذات قماش مزركش وفوانيس بل وعدد من الأهلة والنجوم بلون الذهب. بتواضع جم، وصفت إيمان ديكورها بأنه «مجرد محاولة لإشاعة ومضة رمضانية تدخل الفرحة وتحسسنا أكثر وأكثر بأحاسيس ومشاعر رمضان في بلد غريب، بعيدا عن لمة الأسرة وتجمعها حول مائدة الإفطار طيلة الشهر الكريم». في سياق آخر، تشير إيمان إلى أن يوم رمضان في فيينا يظل متنازعا بين واجباتها الرسمية وتنظيم دعوات وتلبية دعوات ومحاولاتها كأم وربة بيت تسعى لتوفير جو من الخصوصية للعائلة وشيء من دفء وروعة الصيام والصلاة والعبادات والإفطار في بساطة بالبيت. قبل أن يهل الشهر الكريم، تكون إيمان وفريقها قد بدأوا في الإعداد رسميا لأكثر من دعوة «كبيرة»، منها تلك التي تخصص للجالية، وهذه التي تخصص للسفراء العرب والمسلمين، وأخرى تخصص لأعضاء السفارة وأسرهم والمصريين من العاملين بالمنظمات الدولية وهكذا. وما بين هذه الدعوة وتلك لا بد من المشاركة والاستجابة لدعوات آخرين هي بدورها دعوات رسمية، هذا بالإضافة إلى الاهتمام ببقية نشاطات والتزامات وواجبات الحياة اليومية في بلد لا يتغير برنامجه بسبب رمضان. تحرص إيمان وتهتم كثيرا بالدور الذي يمكن أن يلعبه المطبخ «دبلوماسيا» لعكس ثقافة بلدها والتقارب بين الشعوب وتمتين علاقاتها، وفي مائدة رمضان فرصة طيبة لتزخر في فخر ودون بذخ بكل ما هو مصري ويرتبط برمضان، ومن ذلك النؤل أو صحن المكسرات غير المقشرة التي تقشر لحظة استهلال الإفطار، هذا بجانب التمور وسيد المائدة المصرية رمضانيا أي «عصير قمر الدين» الذي يأتي في مقدمة المشروبات سابقا للكركدي والتمرهندي ،لا سيما أن قمر الدين يوفر كميات مطلوبة يحتاجها الصائم من سكريات وألياف وفيتامينات. من جانب آخر، لا يكتمل رمضان داخل مصر دون قطائف تنشغل بصناعتها معظم المخابز، حيث تعد لها شوادر «منصات» معينة لبيعها لتشتريها الأسر كقطع مدورة، ومن ثم تعمل كل ربة منزل على حشوها بمختلف أنواع المكسرات كالبندق واللوز وتحميرها وتحليتها، أما خارج مصر فتجتهد المصريات على تحضير القطائف من الألف إلى الياء. هذا ولم يفت إيمان أن تتذكر فضل وأهمية الدور الذي تلعبه الخيم الرمضانية وموائد الرحمن التي تتزاحم جموع فضيلة على تحضيرها وإثرائها بمختلف أطايب الطعام فأمست تنتشر في كل الطرقات والأركان بمصر ويجلس إليها الغاشي والماشي للإفطار والسحور مع الجماعة في مظهر من أجمل مظاهر الشهر الكريم وفيضان خيراته.