فضل الله يحذر من اثارة الفتن في الواقع العربي والاسلامي
فضل الله يحذر من تذويب القضية الفلسكينية وتحويلها الى مسألة اقتصادية وأمنية لتبدأ حرب واسعة ضد كل اطراف الممانعة في المنطقة
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : السيد علي فضل الله وفي خطبته السياسية لصلاة الجمعة : في هذه الأيام بالذات تتعرض القضية الفلسطينيّة لأبشع عملية اغتصاب سياسي منذ احتلالها حيث فتح باب التفاوض المباشر مع العدو على مصراعيه، والذي ستنطلق جولته التنازلية والأولى بعد أيام، والتي ستمهّد لجولات تنازلية متلاحقة.. يتم ذلك كله وعمليات الاستيطان مستمرة، لأن العدو لم يوقفها، كما لم يوقف عمليات الهدم لمنازل الفلسطينيين وقراهم في النقب وداخل القدس المحتلة، وهدم المساجد في الضفة الغربية، إضافة إلى غاراته العدوانية المتواصلة على أطراف قطاع غزة، وكأنه يقول للمفاوض الفلسطيني: هذه هي خريطة الطريق إلى المستقبل المظلم الذي لا أساس فيه للدولة المستقلة القابلة للحياة. أما بعض الدول العربية فيراد لها أن تتحضّر لاستيعاب المزيد من الفلسطينيين الذين سيُهَجَّرون من وطنهم، لتغدو غزة في العهدة المصرية، والضفة في العهدة الأردنية، لأن العدو قال كلمته التي عنوانها يهودية الكيان، وبقي على العرب أن يقوموا بالخطوات العمليّة التي تساعد على تحقيق ذلك على أرض الواقع. إن ذلك كله يعني أن المنطقة دخلت في أبواب نفق مظلم من جديد، عنوانه تذويب المسألة الفلسطينية، وتحويلها إلى مسألة اقتصادية وأمنية كما يتحدث العدو، لتبدأ الحرب الواسعة النطاق على الأطراف الممانعة في المنطقة.. وقد بدأت الرسائل المتعددة التي تحمل أختاماً أميركية تارةً، وإسرائيلية أخرى، وعربية ثالثة، تلوح لفريق المقاومة والممانعة بأن عليك أن تماشي هذه التسوية وترضى بالصفقة الجديدة، أو تنتظر محاكمة دولية قادمة، لأن المشروع الأميركي الصهيوني لا يتحرك من خلال الآلة العسكرية فحسب، بل يركب مطيّة المحاكم الدولية تارةً، كما يُسيّر دفة الفتنة في الواقع الإسلامي من خلال كل أولئك الذين وظّفهم الاستكبار العالمي ليكونوا حراساً له في كثير من المواقع الرسمية العربية والإسلامية، وفي الأجهزة السياسية والإعلامية هنا وهناك. وإننا وفي معرض رصدنا للحملة الدولية الظالمة التي تتعرض لها الجمهورية الإسلامية في إيران بحجة عدم الوثوق بنواياها على المستوى النووي، نلحظ أن تصاعد الهجمة يتم من خلال ركون محور الاستكبار الدولي لهواجس كيان العدو وتهاويله، لتأخذ الحملة شكلها ومضمونها المدروس بالتزامن مع العمل المتواصل لطيّ ملف القضية الفلسطينية مما يؤكد أن ما يسمى المجتمع الدولي الذي تقوده الإدارة الأميركية يريد الاقتصاص من كل من تسوّل له نفسه الدفاع عن الحقوق العربية والإسلامية في فلسطين، ومحاصرة كل من يفكر باستقلالية ومن يعمل على بناء مشروع اقتصادي وسياسي وعسكري مناهض للسياسة الاستكبارية في المنطقة. ونحن في الوقت الذي نُحيّي فيه الجمهورية الإسلامية في إيران على إنجازاتها العلمية المتواصلة ومنها الإنجاز الاستراتيجي الكبير في مشروع بوشهر، إضافة إلى الإنجازات على مستوى التصنيع العسكري والسعي العلمي والجاد لغزو الفضاء، نريد للأمة كلها أن تدعم هذه الإنجازات وأن تؤمّن مظلة حماية سياسية وأمنية لها لتستفيد منها في معركة الحرية والاستقلالية التي تخوضها على مختلف الجبهات والأصعدة. أما لبنان الذي يلوّح له العدو باستمرارٍ، بحربٍ جديدة مدمرة تستهدف أهله وبناه التحتية ووحدة أراضيه وكيانه، فهو لا يزال على حاله؛ غارقٌ في حمى الانقسامات السياسية وفوضى الأوضاع الأمنية التي تشير إلى حجم الاحتقان الناجم عن البيئة السياسة المعقدة والمناخ الداخلي الملتهب، ليضاف ذلك إلى حمى اللهيب المناخي في بلد يشتعل فيه لهيب الحرائق في جباله ووديانه، كما تشتعل شوارعه أمنياً، ليكون ذلك بديلاً من الكهرباء التي لا تأتي لتضيء ليل اللبنانيين الدامس. وفي هذا المجال، نجد أنّ علينا جميعاً أن نحرص أكثر على الوحدة بين المسلمين؛ لأنّ أيّ فتنة تقع سوف لن يجني ثمارها سوى أولئك المتربّصين شرّاً بالأمّة، الساعين دوماً لتحقيق خطط المستكبرين تجاه أمّتنا وواقعنا؛ وهذه مسؤوليّة شرعيّة نتحمّلها كأمانة عن كلّ الأجيال التي نحمل مسؤوليّتها؛ أن لا نربّيها على الحقد والعصبيّة والطائفيّة والمذهبيّة، بل على الإسلام الرحب الذي ينفتح على الآخر، ويصونه في كرامته وعزّته وأمنه، ولا سيّما في شهر الصوم الذي ينبغي أن يكون شهر التقوى السياسيّة والأمنيّة إلى جانب كونه شهر التقوى العباديّة.