المحاضرة التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في
المحاضرة التاسعة بعنوان: دروس ما بين الهجرة وعاشوراء
تنا
السيد الحوثي : هناك نصوص كثيرة روتها الأمة وعلمت بها الأمة وانتشرت في أوساط الأمة، ولا تخص مثلاً الشيعة لوحدهم، لا، هي موجودة في مصادر الأمة الإسلامية بحسب أهمية المصادر بالنسبة لتلك الفرقة أو تلك الفرقة و ذلك المذهب أو ذلك المذهب، من هذه النصوص نصوص تحدثت عن الحسن والحسين عليهما السلام مثل نص رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"
شارک :
فيما يلي مقتطفات من المحاضرة التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في (دروس ما بين الهجرة وعاشوراء):
في سياق الحديث عن الانحراف الكبير في تاريخ الأمة الذي عمل على الاتجاه بالأمة في طريق متعرجة بعيدا عن الصراط المستقيم والزج بها نحو سبل معوجة خارجة عن النهج الأصيل الذي كان عليه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وتضمنته آيات الله في كتابه القرآن الكريم في هذا السياق المنحرف والذي عبر الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بتوصيف دقيق ومحق في ما وصفه به فقال أنهم سيتخذون دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا في هذا المسار المنحرف المعوج أتى الطغيان الأموي بيزيد بن معاوية ليكون في موقع القرار والسلطة والتأّمر على الأمة الإسلامية وهذه خطوة كارثية وفظيعة جدا وتمثل انقلابا واضحا ومكشوفا على حقائق الإسلام وعلى مبادئ الإسلام وعلى منهج الإسلام.
يزيد بما عرف به وما عرف عنه وبما يمثله من نقيض تام مع تلك المبادئ الإسلامية مع تلك القيم الإسلامية مع ذلك المنهج الإلهي يؤتى به ليفرض على الأمة الإسلامية في موقع القرار والسلطة وفي موقع القيادة والإمرة، الموقع المهم الذي تدار من خلاله شؤون الأمة بكلها ومن خلاله ترسم مساراتها وسياساتها واتجاهاتها ومواقفها وإدارة كل شؤون حياتها وأيضا من خلال هذا الموقع تصبح كل قدرات وطاقة هذه الأمة تحت السيطرة القدرات العسكرية القدرات المادية فكانت هذه الخطوة كارثية بكل ما تعنيه الكلمة وتمثل خطورة بالغة على الأمة في دينيها وانتمائها وهويتها وحتى على مستوى استقرارها وصلاح حياتها وشأنها، يزيد عرف عنه أمور فظيعة جدا عرف عنه أولا استهتاره بالإسلام وفي كثير من عباراته ومقاماته ومقالاته وأشعاره ورد ما يعبر عن هذا الاستهتار بهذا الإسلام جملة وتفصيلا بل عبارات تعبر عن حالة الكفر بنبوة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله من مثل قوله:
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحيٌ نزل
فيصرح في هذا البيت بكفره التام بنبوة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ويعتبر أن ما أتى به رسول الله هو مجرد حيلة للوصول إلى الملك وهذه نفس عقيدة المشركين التي كانوا يعتقدونها في حربهم مع رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وعبارات أخرى فيها إساءات إلى الدين الإسلامي وإساءة إلى مبادئه وشرائعه وإلى أشياء كثيرة في الدين الإسلامي.
و في جانب اخر اشار السيد الحوثي :
يزيد اتجه في برنامجه هذا أول خطوة لتثبيت سلطته في الساحة الإسلامية، وكانت هذه أول مسألة مهمة بالنسبة له، أن يثبت أركان سيطرته في الساحة الإسلامية بكلها وأن يتخلص من أي معارضة أو أي توجه لا يتقبل سلطته سيطرته على هذه الأمة، وبالطبع كانت أنظاره متجهة نحو المدينة المنورة لأن في المدينة المنورة يستقر الحسين بن علي عليهما السلام وهو سبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله والمنظور إليه في أوساط الأمة وهو البقية الباقية لآل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
الإمام الحسين عليه السلام معروف في الساحة الإسلامية ليس شخصية مجهولة أبدا، معروف بشكل كبير في الساحة الإسلامية، معروف بما قاله عنه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، بحضوره في ظل والده أمير المؤمنين عليه السلام، فيما هو عليه أيضا من كمال، فيما هو عليه في مقامه الديني وما يمثله في مقامه الديني، وهو رمز الأمة والبقية الباقية من آل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الإمام الحسين عليه السلام وبعض الشخصيات البارزة الموجودة في المدينة، كان يزيد يحسب ألف حساب لحسم الموقف معها ابتداءً بالحسين عليه السلام، فإذا تخلص من مشكلة تلك الشخصيات وعلى رأسها الإمام الحسين عليه السلام، يكون قد اطمأن إلى أن الساحة الإسلامية بكلها ستخضع له، وبالتالي سيعمل ما يشاء ويريد ويثبت سلطته في الساحة الإسلامية بحسب هوى نفسه،
و اضاف سماحته في جانب اخر من محاضرته :
هناك نصوص كثيرة روتها الأمة وعلمت بها الأمة وانتشرت في أوساط الأمة، ولا تخص مثلاً الشيعة لوحدهم، لا، هي موجودة في مصادر الأمة الإسلامية بحسب أهمية المصادر بالنسبة لتلك الفرقة أو تلك الفرقة و ذلك المذهب أو ذلك المذهب، من هذه النصوص نصوص تحدثت عن الحسن والحسين عليهما السلام مثل نص رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" ونصوص أيضاً فيما يتعلق بالحسن ونصوص فيما يتعلق بالحسين عليه السلام، ونصوص تتعلق بالخمسة أهل الكساء ونصوص عامة فيما يتعلق بآل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، كل هذه النصوص موجودة في مصادر الأمة المعتبرة لديها بحسب كل فرقة ومذهب، من هذه النصوص المهمة بشأن الحسين عليه السلام نصُ في غاية الأهمية هو قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله " حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله من أحبَ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط" هذا النص يبين موقع الإمام الحسين عليه السلام وهذا الموقع هو موقع ديني موقع في الدين، لأن هذا الدين يتكون من منهج يقدم إلينا ورموز وهداة لهذا المنهج قائمون على تطبيقه وهم القدوة في التمسك به والالتزام به وهم الهداة به، ومقدسات هناك معالم مقدسة، مثلما هو بيت الله الحرام مثل ما مقدساتنا للحج المقدسات في المدينة المنور المسجد الأقصى إلى آخره.
فالإمام الحسين عليه السلام له هذا الموقع في قول رسول الله" حسين مني وأنا من حسين" هذا تعبير عظيم في غاية الأهمية ولا يعني فقط ارتباط الإمام الحسين بجده رسول الله من حيث ارتباط النسب باعتباره حفيد رسول الله، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ولكنه وريث رسول الله أيضاً في موقع الهداية للأمة، والقدوة للأمة والقيادة للأمة، إنه يمثل امتدادا أصيلاً لمنهج الإسلام، إذا أردت أن تعرف الإسلام كماهو، الإسلام في أخلاقه في مبادئه في قيمه في منهجه في شرعه فهناك رمز يقدم لك كل ذلك، هو الإمام الحسين عليه السلام الذي تتجسد في مواقفه مواقف الإسلام، في أخلاقه أخلاق الإسلام في مسيرة حياته منهج الإسلام في روحيته روحية الإسلام، فهو تجسيد لمبادئ هذا الدين لقيم هذا الدين، نسخة مصغرة عن رسول الله ( صلوات الله عليه وعلى آله) فيما يخص هذا الدين فيما هو عليه من منهج وخلق فيما هو عليه من مواقف وفيما هو عليه من منهج ومسيرة حياة، وليس بنبي، النبوة ختمت برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لكن إذا أنت ترى أنه يقال في واقع هذه الأمة عن العلماء، العلماء ورثة الأنبياء ورثة ماذا؟ ورثة في علمهم في نهجهم في أخلاقهم في موقع القدوة في موقع الهداية، فبالأجدر بالأولى بالأكثر مصداقيةً وانطباقاً أعلام الهداية من آل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفي رأسهم ومقدمتهم أصحاب الكساء، فالإمام الحسين عليه السلام له هذا الموقع العظيم جداً، في مرتبة عالية، مرتبة مهمة ومرتبة عظيمة ومنزلة عظيمة، يفترض بالأمة أن تلتف حوله باعتباره الامتداد الأصيل لرسول الله في القدوة والقيادة والهداية للأمة والاتجاه بالأمة في الاتجاه الصحيح، وهذا ما ظهر جلياً في واقع الإمام الحسين نفسه، يعني فيما قاله رسول الله عنه وفيما كان عليه في واقع الحال، وهذا شيء طبيعي أن يكون هناك تطابق، رسول الله لا ينطق عن الهوى هو ينطق عن الله الذي يعلم بعباده يعلم بمستقبل عباده يعلم مابين أيديهم وماخلفهم، فرسول الله في ماقاله عن الإمام الحسين عليه السلام هو قال ذلك عن الله بعلم من الله وبأمر من الله وبدلالة من الله سبحانه وتعالى وحجة على الأمة لأنها مرحلة تمثل خطورة كبيرة على هذه الأمة.
فالإمام الحسين عليه السلام المعروف في هذه الساحة كان هو من تبني الموقف الذي ينطلق أساساً من مبادئ هذا الإسلام وقيم هذا الإسلام وأخلاق هذا الإسلام ومنهج هذا الإسلام وتشريعات هذا الإسلام في موقفه الرافض تماماً للبيعة ليزيد، والمتخذ لموقفٍ حاسم من تسلطه على الأمة، اتخذ الموقف الصحيح والقرآني، موقفه في ذلك يعبّر عن هذا الإسلام في كل ماذكرناه من مبادئ وقيم وأخلاق وتشريعات ومنهج، ويتطابق أن الإمام الحسين عليه السلام عليه وماهو فيه من تجسيد لهذه المبادئ والأخلاق والقيم، وماهو مؤتمن عليه في طبيعة دوره ومسؤوليته المناطة به والتي يعلّق عليها الأمل في أن تكون مصدر إلهام وهداية للأمة، ومصدر خير وصلاح للأمة، فكان الإمام الحسين عليه السلام في موقفه وفي فعله وفي تضحيته كما كان يؤمل فيه وبأرقى مستوى وبأعظم ما يمكن أن نقول عنه أو نعبر عنه من أداءٍ دقيقٍ وتام وكامل، غير منقوص أبداً، قام بواجبه بدوره بمسؤوليته على أرقى مستوى.
و في الختام قال السيد الحوثي سنكمل الحديث عنه إن شاء الله في كلمة العاشر من المحرم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا.
/110