يرى الشيخ "حسين أحمد شحادة" عالم الدین اللبنانی المقیم فی سوریا في محاضرة له حول «أوراق النهضة وتحديات الفتن الدينية والسياسية» أن إشكالات النهوض العربي والإسلامي لا تزال ملتبسة في ضوء مسافات الفصل بين الديني والعلماني بمشكلتين:
إحداهما: قلة البحوث المتصلة بأولويات النهوض والتجديد.
وثانيهما: ندرة البحوث المتصلة بأسئلة التكامل بين مختلف النخب الفكرية والدينية والسياسية، ما يعني بالضرورة صعوبة الحديث في زمن لا أمل فيه بالنهوض إلا أن يأتي متساوقاً مع مكونات المجتمع ومقوماته الذاتية على مرتكز تصبح العلاقة بين الفقيه والمثقف والسياسي تحت سقف الوطن الواحد والأمة الواحدة
شارک :
ويضيف شحادة في محاضرته التي ألقاها في اتحاد الكتاب العرب إنه بمعزل عن اختلاف الباحثين حول تعريف المشروع النهضوي العربي وتطوراته فإن من الصعوبة بمكان تأطيره داخل الحقب الممتدة من نهاية القرن الثامن عشر حتى النصف الثاني من القرن العشرين. ويعلن أنه اختلف مع صاحبه حول – مفهوم أوراق النهضة – فرأى فيها أوراق الخريف العربي، ورأى صاحبه فيها بقية من بقايا الشجرة العارية، ولعل اشتباكات الأسئلة حول ما يجري في اللحظة الراهنة من هبات الشعوب بين من يرى فيها انبلاجاً لفجر عربي جديد وآخرين يرون فيها انحطاطاً في ظلام جديد يكاد يختصر المشهد حول قضايانا القديمة والجديدة أي السجال المفتوح على الجانب الاجتماعي والأخلاقي من التجديد باعتباره مرآة من مرايا الصراع حول منظومة القيم والمفاهيم التي تحكم منهاج التفكير العربي بعامة والتفكير الديني بخاصة، ويقول شحادة: في سنوات انهيار كامب ديفيد – الحرب العراقية- الإيرانية – حرب الخليج الثانية – تداعيات الحادي عشر من أيلول- احتلال العراق – انكسارات الجامعة العربية وانفراط الأمن القومي العربي، كنا نمشي على أشواك غربتنا من خارطة الطريق نحو السلام إلى خارطة ما نراه من تمزيق لأوراق النهضة. والسؤال أين الحلقة المفقودة في أوراق النهضة بين فكر رائع وخمول في الاستجابة إلى قناديله. في الجانب الديني من تلك الأوراق وكي لا تكون المقترحات النظرية بين من يعبد الله على حرف وبين من يعبد الغرب على حرف، فإن الدعوة إلى إنتاج المعرفة الجديدة بالدين تستدعي بداية إلغاء تحريم النقاش في الموروث الديني انطلاقاً من وجوب النظر إلى القرآن الكريم لا بوصفه كتاب هداية فحسب وإنما بوصفه منهاجاً لنقد التدين الأعمى والفكر الديني الطقوسي ولاسيما أن مصطلحات الإصلاح والتغيير والتدبر والبحث الأحسن والأكمل والأجمل هي المعادل القرآني لما نصطلح عليه بالتجديد المثير لفتنة الجدل حول المصطلحات. وبعد قراءة للفقه الإسلامي والعديد من الطروحات حول تجديد أصوله يصل المحاضر إلى القول: صحيح أن أوراق النهضة قد تمزقت على مدى قرون من استبداد السلطة وبيروقراطية النخب واستشراء الأمية الدينية والسياسية إلا أن أخطر ما في تلك الأوراق أنها لجأت إلى التشدد والعصبية والانغلاق في التزام رؤيتها الإصلاحية بفعل نزوعها إلى وضع علاقتها مع الآخر المخالف أو الآخر النقيض موضع التخوين والتكفير وبذلك فقدت تلك الرؤى والقيادات قوة تأثيرها لتغدو في ملابسات نشوئها وتشكيلها جزءاً من الفتن الدينية والسياسية التي يضج بها المسرح العربي في لحظة انتحاره المشغول بحديث الحرية والإصلاح والتجديد. وعنده أن ثمة عوائق ومشكلات تعترض التجديد منها: أولاً: اختزال الإسلام القرآني في حدود الموروث التاريخي الذي لم يبتدئ بعد مهمات المراجعة الشاملة لإنتاج البيئات المعرفية المعاصرة بروح العقيدة والأخلاق. ثانياً: اختزال الحلول بوهم التجديد على منازع التلفيق الفاشلة بين نمطين، أولهما: مستنسخ من تجربة الحاضر في نموذج الغرب المتفوق، وثانيهما: مستنسخ عن تجربة الماضي في نموذج الإسلام التاريخي. ويجب الاعتراف أن رسالة التجديد في خطابنا الإسلامي وفكره لم تطرح من منظور يرفض منجزات السلف الصالح كما لم تطرح من منظور يرفض منجزات الحضارة الحديثة بل على العكس لقد طرحت قضايا التجديد في إطار الإجابة عن أسئلة الهزيمة والجهل والتمزق التي استشرت بواقع المسلمين فتداعت عليهم الأمم تداعي الأكلة إلى قصعتها؟