نخب تونسية تتصدى للتطبيع بعنوان "لا للتطبيع مع كيان الاحتلال تحت غطاء البحث الأكاديمي"
تنا
وقّعت عدد من المنظمات الوطنية وشخصيات ونخب سياسية وثقافية ونقابية وأكاديمية تونسية عريضة وطنية تحت عنوان "لا للتطبيع مع كيان الاحتلال تحت غطاء البحث الأكاديمي"، وذلك احتجاجًا على مشاركة أكاديميين تونسيين في ملتقى بفرنسا تحت عنوان "اليهود والقانون في تونس من الحماية إلى الاستقلال (1881-1956) بين التقدّم التاريخي والارتداد الديني"، من تنظيم جمعية فرنسية تُدعى "تجمّع تاريخ يهود تونس".
شارک :
وقد تفاجأ العديد من التونسيين والتونسيات باكتشاف مشاركة أساتذة تونسيّين يدرّس أغلبهم بالجامعة التونسية، في أشغال هذا الملتقى إلى جانب أكاديميين صهاينة من فلسطين المحتلّة. ويتعلّق الأمر بـ"عبد الكريم العلاقي من جامعة تونس، وجيهان بن صالح وهي تدرّس بالجامعة الفرنسية، وعفاف مبارك من جامعة منوبّة، وفاتن بوشرارة من جامعة منوبة، وعلى رأسهم الحبيب الكزدغلي العميد السابق لكلّية الآداب بمنوبة الذي سبق له الإشراف سنة 2018 على بعث فرع للمنظمة الصهيونية LICRA في تونس" بحسب ما جاء في العريضة.
في هذا الاطار، يؤكد رئيس المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب شكري لطيف لموقع "العهد" الاخباري أن الدافع لصياغة هذه العريضة هو الاحتجاج على مشاركة أكاديميين وباحثين تونسيين في هذا الملتقى التطبيعي في فرنسا والذي شكّل مفاجأة لنا وللعديد من التونسيين. وقال "نحن نعتبر أن المشاركة في هذا المؤتمر الذي تزامن مع يوم حزين بالنسبة لنا -هو يوم جريمة اغتيال القائد أبو جهاد في تونس في 16 نيسان / افريل سنة 1988، ويحتفي به الشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم بيوم الأسير- هو ضرب عرض الحائط بكل النضال الوطني التونسي ضد الصهيونية سواء قبل النكبة أو بعدها، واستهتار بمشاعر الشعب الفلسطيني ونضاله وصموده ليس فقط في الفترة التاريخية السابقة خاصة بل أيضًا خلال الأيام القليلة الماضية والتي شاهدنا خلالها الغطرسة الصهيونية ضد الفلسطينيين والمقدسيين. وأضاف محدثنا "نحن نود أن نؤكد أنه خلافًا لمغالطات وادعاءات دعاة التطبيع في تونس فإن تنظيم مثل هذه الملتقيات لا يمكن أن نقبله تحت غطاء البحث العلمي والحريات الأكاديمية، لأن دعاة التطبيع حاولوا مواجهتنا بهذه الحجة وإظهارنا بأننا ضد الحريات الأكاديمية وضد تحصين البحث العلمي ضد أي تدخل، بالعكس نحن مع الحرية المطلقة للباحثين، كما أننا نعتبر أن الإقرار بالتنوع الحضاري للشعب التونسي والثقافي لا يجب أن يكون مطية للتطبيع مع العدو الصهيوني ومع مؤسساته الأكاديمية التي هي إحدى أدوات تثبيت وتبرير السردية الصهيونية لاحتلال فلسطين وتشريد شعبها".
وطالب محدثنا بسنّ قانون لتجريم التطبيع وأضاف "لقد نظمنا وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي لمطالبة الوزارة باتخاذ قرار واضح وصريح يجرّم ويحرم الجامعات من التطبيع الأكاديمي بل يحثهم على المقاطعة الاكاديمية".
ومن الشخصيات الموقعة على العريضة أيضًا المؤرخ التونسي خميس العرفاوي الذي قال لـ"العهد" الاخباري: "أنا كنقابي وناشط منذ بداية الثمانينيات وطوال مسيرتي كنت دائمًا منتصرًا للقضية الفلسطينية ومعارضًا لكل أشكال الإمبريالية والاستعمار والصهيونية. وأعتقد أن لا فضل لنا على القضية الفلسطينية والانتصار لها بل هو واجب، ليس باعتبارنا عربًا فقط بل باعتبارها أيضًا حركة نضال عالمية تنخرط فيها جامعات على مستوى العالم وفي أوروبا وامريكا وباحثين وأساتذة جامعيين بالعالم بأسره، ليس لنا من أفق غير النضال ضد الصهيونية وبطبيعة الحال معارضة ومقاطعة التطبيع الذي يعد جزءا من مساندتنا للقضية الفلسطينية".
وأعلن المشاركون في العريضة عن الرفض والإدانة التامّة لمثل هذه المؤتمرات التي تتغطّى بالعناوين العلمية من أجل تمرير التطبيع مع منتسبين للكيان الصهيوني الذي تضطلع "مؤسّساته الأكاديمية" بدور حيوي في ترسيخ أسس نظام الاستعمار الاستيطاني العنصري في فلسطين المحتلّة. والتمسّك بالحريات الأكاديمية وباستقلاليتها وبتحصينها من أيّ انتهاك، مع التمييز بين مشروعية البحث العلمي في تاريخ يهود تونس، وغيرهم من مكونات مجتمعنا الثريّ بتنوّعه، وبين التوظيف المشبوه للبحث والتستّر به من أجل خدمة السردية الصهيونية التي تسعى جاهدة للاستيلاء على الإرث التاريخي للتونسيين اليهود واستخدامه في دعايتها.
كما دعا الموقعون الأساتذة الجامعيين والمنظمات والجمعيات والشخصيات الوطنية إلى التجنّد من أجل التصدّي لاستمرار هذه الظاهرة المعادية للنضال المشروع للشعب الفلسطيني ولرصيد شعبنا المناهض للاحتلال الصهيوني. وحمل الموقعون السلطات الرسميّة التونسية، من جامعات، إلى وزارة التعليم العالي، وصولا إلى رئاسة الجمهورية، المسؤولية في استمرار جريمة التطبيع بمختلف أشكالها، وذلك نتيجة الصمت المتواطئ معها، والمساهمة فيها بعدم الاستجابة لمطالبة التونسيّات والتونسيّين المستمرّة منذ عقود بإصدار قانون يجرّم كافة أشكال التطبيع.