الجمهورية الاسلامية التي اسسها الامام الخميني جعلت ايران قوة اقليمية متقدمة على كل صعيد
تنـا - خاص
اعتبر عضو المكتب السياسي في حركة أمل، مدير عام اذاعة الرسالة، "د.طلال حاطوم"، ان "مشروع الإمام الخميني (رض) لم يكن فقط الثورة على أهمية دورها في التغيير، بل كان بناء الدولة، الجمهورية الاسلامية في ايران التي هي اليوم واقعاً دولة مؤسسات حقيقية"؛ لافتا الى انه "في ظل هذه الدولة استطاع الشعب الايراني العظيم ان يصمد امام الاخطار والحروب، وان تتحول ايران الى قوة اقليمية كبرى تحافظ على استقلالها التام وتتقدم على كل صعيد".
شارک :
جاء ذلك في كلمة "د.حاطوم"، خلال الندوة الافتراضية بعنوان "الامام الخميني ..اشراق الوحدة والصحوة الاسلامية"، التي بدات اعمالها اليوم برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، لمناسبة الذكرى السنوية الـ 34 لرحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية "الامام السيد روح الله الخميني (رضوان الله تعالى عليه)".
وفي جانب اخر من كلمته خلال الندوة، اكد القيادي لدى حركة امل على، انه "في ذكرى رحيل مفجّر الثورة الاسلامية الايرانية الامام الخميني (قدس سره)، ينبغي لنا ان نعيد النظر في أفكار هذا القائد الفذ، وهي أفكار سامية تحث المسلمين بل جميع المستضعفين في أنحاء العالم على التوجه الى الذات والاعتماد على قدراتهم الهائلة".
وفيما يلي نص كلمة "د. حاطوم" خلال ندوة "الامام الخميني ..."
اصحاب السعادة والسيادة والمقامات المحترمة
بداية، فائق الاحترام والتقدير للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية وللقائمين على اعداد هذا المؤتمر الذي يشكل نقطة ضوء في عتمة الذاكرة ليستعيد في موعد دائم ذكرى إمام عظيم وكبير في الامة الاسلامية شكل ركناً اساساً في نهضة المسلمين والاحرار وفي العالم.
السلام عليكم من اخوتكم ابناء الامام المغيب السيد موسى الصدر واخوة الاخ الرئيس نبيه بري، وقيادة حركة امل ومجاهديها.
يوم ارتحل آية الله الإمام الخميني (قدس) ثُلِم الاسلام العظيم، وغابت الشمس التي اضاءت حلكة خيبتنا ويأسنا، وزرعت فينا الامل المعجون بالايمان برفع الظلم والقهر.
واقعاً، تطغى العاطفة في هذه المناسبة، فنحن من الجيل الذي زينت منازلَه صورُ الإمام العظيم، وأفسح القلبُ له مكانةً مميزة، لأنه اشعل الثورة ضد الطغيان، وبنى النهضة دون مساومة او تنازل، بل بإصرار، في عصر ملأته المؤامرات الدولية، على تحقيق الهدف؛ تحرير الأمة والمستضعفين من قيد التبعية والارتهان الذي ظن كثيرون انه لا يمكن كسره، فناموا على الضيم وسكنوا الى القهر والاستكانة.
ليس صعباً ان نتخيل انه لولا الإمام الخميني (قدس) لكنا لا نزال نختبئ من الصحوة الاسلامية، ونغيب عن المقاومة، ونخشى المواجهة مع دول الاستكبار، ولكانت غياهب النسيان قد جرفت قضية فلسطين والقدس، ولكانت (الغدة السرطانية) اسرائيل تفشت وازداد خطرها، ولكانت الامة تتسول حقوقها من الشيطان الاكبر والدول الكبرى، بدل فرض ارادة شعوبها الحرة وانتزاع حقها الضائع.
اذن، هو عصر الإمام الخميني (قدس) بامتياز الذي يقوده اليوم بإقتدار وحكمة وسدادة رأي الإمام القائد السيد علي الخامنئي (حفظه الله).
لقد إنحاز الإمام الخميني (قدس) إلى جانب الحقّ، دار معه كيفما يدور، لم يهادن ولم يتزلّف، ولم تأخذه في الحقّ لومة لائم.
رأى ثروات الشّعوب ونِعَم الأرض تُسلب، وفلسطين ومقدّساتها تُدنّس كلّ يوم، وأهلها يعانون العذاب والأسر والتّهجير، ورأى علم العدو الاسرائيلي في قلب طهران، فكان لهذا الإمام العظيم الفقيه المجدّد أن ينهض ويرفع راية التّوحيد، وتوحيد الكلمة، وان يعلنَها ثورة إسلامية لا شرقية ولا غربية؛ فكان التّحوّل الّذي دفع المنطقة والعالم الى درس آثارها وتعاليمها، وفشلت محاولات الإحتواء والرّهان في البدايات على ضعف الثورة الفتية ونقص خبرات كوادرها، كما فشلت محاولات ضربها من الدّاخل، والحرب الجائرة الظّالمة الّتي شنّت عليها من الخارج.
أعداء الثّورة الاسلامية سعوا لتشويهها، قاصدين صرف الأنظار عن العدو الأساسي الّذي هو العدو الاسرائيلي، ومحاولة ايجاد (عدو بديل)، وإستطاعت حكمة قيادة الثّورة خرق الحصار الظّالم منذ عقود من الزّمن، وها هي تفتح القلوب لكلّ ضيف ووافد، وتقف الى جانب الحق والمظلومين والمستضعفين في كل مكان على مساحة العالم، كما وقوفها إلى جانب الشقيقة سوريا سنوات مواجهة الحرب الظّالمة الكونية عليها، هي الثّورة الإسلامية الّتي لم تهرم ولم تشخ، بل بقيت تتوهّج حكمة ونضجّاً؛ وتبدو الجمهورية الاسلامية في ايران أكثر إصراراً على التّمسّك بقيم الثّورة ومبادئها النبيلة برغم الحصار الجائر والعقوبات الظالمة عليها، ولو أنّها، مثلاً، تخلّت عن فلسطين وقضيتها، وعن خط المقاومة في لبنان وسوريا، وعن الوقوف الى جانب المستضعفين في كل مكان لكانت الابواب تُفتح أمامها في كل دول الاستعمار والهيمنة والاستبداد.
وها هي المقاومة في لبنان التي اطلقها امام الوطن والمقاومة الامام المغيّب السيد موسى الصدر مع رفيق دربه المسؤول التنظيمي الاول لحركة امل الشهيد الدكتور مصطفى جمران، يوم كانت المقاومة تهمة، تؤكد كل يوم على الخيار الحقيقي للأمة في مواجهة العدو الاسرائيلي، وتؤكد ان الارادة الحيّة تزيل اكبر العقبات والتحديات، وتثبت أن العدو الصهيوني كيان هش قابل للجرح وللكسر والهزيمة اكثر مما يتصور كثيرون، وإننا اقوى أيضاً مما يتصور كثيرون.
ها هي الانتفاضة العملاقة في قلب فلسطين تمضي كأنها الطوفان وكأنها الحياة لأمة توهموا أنهم يشيعونها الى الموت، وها نحن نتحرك أبعد من قيد اللحظة الراهنة التي ارادوا ان يسجنونا فيها وهم يمارسون دعايتهم المنافقة: ان لا جدوى من المقاومة. لكن ثقتنا ان الانتفاضة الفلسطينية الملحميّة بجميع الفصائل التي تحلقت حولها، ستبقى عنواناً لمعركتنا في الزمن الاصعب: لا نلين ولا نستكين مهما تراجع أو استسلم المطبّعون والمهزومون، فهم لا يمكن ان يقرروا مستقبل الارض والهوية، ولا مستقبل الشعب والامة لا في قاعات التفاوض العلنية ولا السرية، خصوصاً اذا استجمعنا عناصر قوتنا وارتكزنا الى اهم ثابتين: الوحدة والمقاومة كما يدعو دائماً وابداً رئيس حركة أمل دولة الرئيس نبيه بري.
ولا يملك بالتوازي كل مقاوم لكيان الاحتلال الصهيوني إلا أن يشهد للموقع الخاص الذي منحه الإمام الخميني في مشروعه لفلسطين والقدس، ووهبهما صدقه وإخلاصه وواظبت القيادة الإيرانية من بعده وعلى رأسها الإمام الخامنئي بمتابعة طريقه، الذي بدأ بإعلان الوعد: "اليوم إيران وغداً فلسطين"، وتلاه بإعلان: "يوم عالمي للقدس" في آخر جمعة من شهر رمضان، الذي سرعان ما تحوّل إلى يوم تحتشد فيه الملايين على مساحة العالم تحيي مكانة القدس في الذاكرة، وصولاً الى دعم مفتوح لحركات المقاومة في المنطقة بعيداً عن أي اعتبار فئوي او عقائدي او ديني او مذهبي، فلقيَّ كل من يقاوم كيان الاحتلال الصهيوني دعمَ إيران بلا شروط، وشكل "فيلق القدس" الذي قاده واستشهد في ميادينه الجنرال قاسم سليماني كنصير بلا حدود لكل حركات المقاومة ومؤسس لمحورها، وجاءت انتصارات فلسطين الأخيرة ووصول صواريخ غزة الى تل أبيب لتقول إن ما تهربت منه انظمة عربية عديدة بداعي استحالة هزيمة الكيان كذّبه واسقطه الدعم الإيراني محوّلاً الهرولة الى التطبيع خيانة وعمالة، بعدما كانت ذريعتها الضعف أو العجز، لتثبت ثورة الإمام الخميني العكس تماماً، أن انتصار فلسطين حتمي وليس ممكناً فقط، وها هو الكيان يرتبك ويهتز ويقع في العجز أمام تنامي وصعود محور المقاومة.
ونحن نحيي ذكرى الإمام العظيم نؤكد ان الجهاد هو خيارنا الحقيقي وطريقنا لإنتزاع حقنا بفلسطين، واننا نرفض كل المؤامرات التي تسعى لتصفية قضيتنا المقدسة والالتفاف على حقنا.
وبعد، استميحكم العذر ان اتحدث بايجاز عن جانب آخر، غالباً يغيب عن خطاباتنا، من جوانب فكر الإمام الخميني (قدس).
في ذكرى رحيل مفجّر الثورة الاسلامية الايرانية الامام الخميني (قدس)، ينبغي لنا ان نعيد النظر في أفكار هذا القائد الفذ، وهي أفكار سامية تحث المسلمين بل جميع المستضعفين في أنحاء العالم على التوجه الى الذات والاعتماد على قدراتهم الهائلة؛ وهي مناسبة لشهادة على عظمة الدور والموقف، وعرفان بالمكانة التي أسس لها في رسم معادلات جديدة في العالم والمنطقة، وفي طليعتها توازنات جديدة بوجه الهيمنة الأميركية وكيان الاحتلال.
ان مشروع الإمام الخميني (قدس) لم يكن فقط (الثورة)، على أهمية دورها في التغيير، بل كان بناء الدولة، الجمهورية الاسلامية في ايران التي هي اليوم واقعاً دولة مؤسسات حقيقية، وهناك فصل حقيقي بين السلطات، وسماحة القائد المرشد يشرف على السلطات ويمنعها من تجاوز حدودَها وصلاحياتِها، وينسق فيما بينها، ويعالج مشاكل التداخل بينها، ويقوم بالتوجيه، لكن لا يتدخل لا في القوانين ولا في احكام القضاء.
اجتماعياً وعلمياً واقتصاداً، لا يوجد في الجمهورية الاسلامية في ايران الا شباباً وشابات سابقوا الزمن رغم الحصار ونهلوا العلم والمعرفة يذهبون للمشاركة في المسابقات العالمية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والطب ويحصلون على اعلى الدرجات. حتى ان التقارير الدولية تؤكد: "إن التطور العلمي في إيران هو في معدل دولي، وإن التقدم والتطور العلمي في إيران هو طبق المعدل الدولي بـأكثر من 250 مرة.
في الجمهورية الاسلامية في ايران انتخابات رئاسية تحصل في مواعيدها، وانتخابات المجالس النيابية تحصل في مواعيدها، كما انتخابات مجلس خبراء القيادة التي تنتخب سماحة القائد المرشد تحصل في مواعيدها، انتخابات المجالس البلدية تحصل في مواعيدها.
في ظل هذه الدولة استطاع الشعب الايراني العظيم ان يصمد امام الاخطار والحروب، وان تتحول ايران الى قوة اقليمية كبرى تحافظ على استقلالها التام وتتقدم على كل صعيد.
في ذكرى الإمام ورحيل الإمام الخميني (قدس) نحتاج دائماً إلى العودة إليه، نستلهم فكره ونهجه وسيرته العطرة ونجدد معه العهد، ومع سماحة القائد السيد علي الخامنئي (حفظه الله) على مواصلة الدرب الذي لن يكون في آخره إلا النصر والعزة والكرامة.
شكراً لحسن الاستماع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته