تاريخ النشر2011 17 January ساعة 13:37
رقم : 37079

ماذا بعد انفصال الجنوب؟

لقد حاول الكيان الغاصب لفلسطين ومن ورائه الإستعمار والصهيونية العالمية تقسيم لبنان إلى دويلات مسيحية وسنية وشيعية ودرزية، ولكن كل تلك المخططات والمؤامرات تحطمت وباءت بالفشل، وهكذا جاء مخطط تقسيم السودان لإرضاء المطامع الصهيونية والتغطية على الفشل الذريع في لبنان.
ماذا بعد انفصال الجنوب؟

وكالة أنباء التقریب (تنا) : جميع المعطيات المتوفرة لحد الآن تشير إلى أن انفصال جنوب السودان أمر لا مفر منه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل إن هذا المشروع سيعاد تطبيقه في مناطق أخرى من السودان نفسه أو في أنحاء أخرى من القارة السوداء أو غيرها؟

قد يتصور الكثيرون أن استفتاء تقرير المصير في إقليم جنوب السودان الذي تشكل مساحته ٢٨% من مساحة السودان، الهدف منه هو فصل الجنوب المسيحي عن الشمال المسلم في هذا البلد، الأمر الذي فتح شهية الكثيرين في الغرب وحتى في القارة الأفريقية لمد يد العون إلى إخوانهم المسيحيين في الجنوب، لكن الأرقام والإحصائيات تشير إلى حقائق أخرى، فالمسيحيون في جنوب السودان لا يشكلون سوى ١٧% من مجموع سكان الجنوب ويحلون في المرتبة الثالثة بعد الوثنيين الذين يشكلون ٦٥% من مجموع السكان والمسلمين الذين يبلغ نسبتهم ١٨% من نسمة جنوب السودان.

وفيما كانت الإستعدادات جارية على قدم وساق لتنظيم استفتاء تقسيم السودان، وقعت حوادث متفرقة استهدف فيها المسيحيون في كل من العراق ومصر فيما يبدو أن الهدف الرئيس منها هو الإيحاء بوجود مخاطر تهدد أتباع الديانة المسيحية في الشرق تمهيداً لتأسيس دولة ذات طابع مسيحي في المنطقة العربية.

وكانت جمعيات وفضائيات مسيحية ومنها الجمعية الوطنية للأقباط والفضائية المسيحية "الطريق" في ولاية كارولينا الشمالية ومنظمة "ستاند آب أميركا" وفضائية "الحقيقة" المسيحية قد طالبت بإقامة دولة مسيحية قبطية مستقلة في أجزاء من مصر بالإقتران مع عملية إجراء الإستفتاء في السودان، كما دعت هذه الجمعيات "اسرائيل" إلى التدخل المباشر لحماية المسيحيين الأقباط في مصر.

وكان زعماء جنوب السودان قد أعلنوا مراراً أنهم بصدد إقامة علاقات دبلوماسية مع "اسرائيل"، مما يعني أن هذا الكيان سيكون على مرمى حجر من ينابيع نهر النيل الذي يلعب دوراً حياتياً في الإقتصاد الزراعي في مصر والسودان.

إن ما سيتمخض عنه استفتاء تقرير المصير لا يعني بالضرورة تشكيل دولة مسيحية في جنوب السودان، لكن لا شك أن الأحزاب المسيحية والعلمانية في أوروبا وأميركا سترعى هذه الدولة وتقدم لها الحماية والدعم، فمجلس الكنائس العالمية يعد من المدافعين بقوة عن إقامة كيان منفصل في الجنوب السوداني، والمعونات التي قدمها هذا المجلس إلى جنوب السودان كانت محدودة بالمسيحيين في المنطقة، الأمر الذي دفع بسائر الفقراء والمعوزين إلى اختيار أسامي مسيحية لأبنائهم للحصول على تلك المعونات.

وتبقى الهيمنة على الموارد النفطية في جنوب السودان والتي تبلغ قرابة ٨٥% من نسبة إحتياطي النفط في السودان أحد أهم أهداف هذا التقسيم الذي يحصل بذريعة حماية المسيحيين في الجنوب السوداني، أضف إلى ذلك اليورانيوم وغيره من الموارد المعدنية الإستراتيجية المتوفرة بكثرة في المنطقة.

من جانب آخر تشير التوقعات إلى حدوث هجرة جماعية من الجنوب نحو الشمال وبالعكس على أثر هذا التقسيم، بل ومن المحتمل أن يؤدي إلى وقوع مجازر وعمليات قتل وتشريد في المنطقة، على غرار ما يحصل في إقليم دارفور المرشح الأبرز للإنفصال في المرحلة التالية.

وطوال الفترة السابقة حاول الكيان الغاصب لفلسطين ومن ورائه الإستعمار والصهيونية العالمية تقسيم لبنان إلى دويلات مسيحية وسنية وشيعية ودرزية، ولكن كل تلك المخططات والمؤامرات تحطمت وباءت بالفشل، وهكذا جاء مخطط تقسيم السودان لإرضاء المطامع الصهيونية والتغطية على الفشل الذريع في لبنان.

لقد تلقت الحكومة السودانية وعوداً كثيرة إزاء الموافقة على إجراء الإستفتاء، كإلغاء جزء من ديونها الخارجية أو شطبها من قائمة الدول "الراعية للإرهاب" أو تعليق قرار المحكمة الجنائية الدولية أو ...، والسؤال: إلى أي مدى سوف يتم الإيفاء بهذه الوعود مستقبلاً بعد تقسيم السودان؟ هذا ما ستكشفه لنا تطورات الأحداث في الأيام القادمة ... ولكن الأهم من هذه الوعود بالنسبة لحكومة الخرطوم هو أن تسعى دون استشراء فايروس التجزئة في كافة أنحاء البلاد ... وأن لا تفقد غداً إقليم دارفور.

السيد محي الدين ساجدي
https://taghribnews.com/vdchwvnx.23nqqdt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز