في الأمسية الرمضانية لمركز الإمام القائم (عج) للدراسات والتخطيط الإستراتيجي
الدکتورالراشد : الأمة تمتلك ما من المادة الفكرية والموارد ما يحقق اقصى طموحات البشرية
تنا
شارك المعارض البحراني البارز والباحث الدكتور راشد الراشد في الأمسية السادسة من الأمسيات الجهادية والتربوية في الموسم الجهادي التربوي الرمضاني الأول لمركز الإمام القائم (عج) للدراسات والتخطيط الاستراتيجي بمحاضرة تحت عنوان الأمة في مواجهة التحدّيات المعاصرة.
شارک :
استهل الدكتور الراشد محاضرته بالآية القرآنية الكريمة ”كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر“ وتحدث عن إن قدر الأمة الذي كان يريده الله تعالى لها هو أن تكون الأفضل لقيادة حضارتنا الإنسانية بما تمتلكه من مقومات ومواصفات.
وتسائل: لماذا تراجع دور الأمة عن قيادة الحضارة الإنسانية بعد إن كانت هي في موقع الريادة ولها الفضل في التأسيس والتأصيل. ولماذا تقدمت دول تافهة لتتصدر مشهد آدميتنا وحضارتنا؟ بينما هي تفتقد كل عناصر التفوق الأخلاقي والإنساني والحضاري الذي تمتلكه الأمة.
وتحدث الدكتور راشد مسهبا في العوامل التي أدت الى هذا التراجع منتقلا بالحديث بعد ذلك حول اهمية أن تتحمل الأمة مسؤوليتها لإستعادة عرش قيادة حضارتنا الانسانية مؤكدا على أنه الدور المطلوب منها في هذه المرحلة. مشيراً إلى أن البشرية تحملت الكثير من الآلام والأوجاع وقد حان الوقت لانتشال حضارتنا الإنسانية من وحل التوحش والغطرسة من أجل الهيمنة والسيطرة والتحكم.
واشار الى ضرورة أن ينهض مشروع كبير وعملاق في الأمة يتبنى إعادة الأمة الى موقع الصدارة وقيادة العالم لإنقاذ البشرية من كوارث الحروب والعبث والدمار الذي خلفته قيادة الغرب المتوحشة لحضارتنا الإنسانية.
وأكد على ان الأمة تمتلك ما من المادة الفكرية والموارد ما يحقق اقصى طموحات البشرية في الرفاه والنماء والرخاء الإنساني والمدني والحضاري .. الا أن ذلك وحده ليس كافياً بل أن عملية النهوض بالأمة مجدداً ومحاولة إستعادة دورها الأخلاقي المنشود لإسعاد البشرية يستوجب صياغة مشروع ملائم للنهوض بهذه المهمة ..
وانطلق بعد ذلك في الحديث عن اول الموضوعات الملحة التي يجب معالجتها ألا وهو تحدي وجود هذا المشروع ومعرفة طبيعة التحديات المعاصرة التي تواجه نهوض الامة نحو قيادة العالم. كعقبات مانعة عن الانطلاق وتحول دون الوصول الى الهدف الكبير المنشود والمتمثل في قيادة حضارتنا الانسانية.
ثم انتقل بالبحث في استعراض جملة من التحديات الصعبة التي تعيشها الأمة حالياً ومن غير مشروع التصدي لقيادة الحضارة الإنسانية وتحقيق أهدافها في إسعاد البشرية وتحقيق العدل في ربوع المجتمع الإنساني، مشيراً في البدء بأن الطريق لإنجاز مهمة اعادة الأمة لموقع الريادة والصدارة يواجه عقبات وتحديات صعبة وقاسية وأن الطريق ليس سهلاً ولن يكون معبداً بالورود أو مفروشاً بالرياحين.
مؤكدا على أن الأمة تواجه تحديات شاملة تستهدف وجودها وهويتها وسيادتها وكرامتها مشيرا الى وجود عشرات بل مئات الغرف السوداء التي تستهدف الأمة في وجودها وفكره ودينها وأخلاقها وكل مواردها ومقدراتها. قائلاً بأن هناك عمل جبار تقوم به تلك الغرف السوداء وهي تمتلك الإمكانات المادية والتقنية الهائلة لتحقيق أهدافها في السيطرة والهيمنة والإستحواذ على مقدرات وثروات وموارد الأمة.
وأكد الدكتور الراشد على أهمية الوقوف للتعرف على طبيعة تلك التحدّيات وذلك لتذليل العقبات ولتحديد الأولويات في مسيرة الأمة بما يمكن لها من تحقيق أهدافها وتحمل مسؤولياتها في إنقاذ البشرية وحضارتنا الإنسانية من التيه والظلم.
وقد تحدث بشيء من التفصيل وضرب الأمثلة بعد ذلك حول عدد من أهم التحدّيات المعاصرة التي تواجه الأمة والتي نستعرض هنا ملخص لأهمها:
أولاً: تحدي المشروع: وهو من التحديات الأساسية وفيه تفاصيل كثيرة متعلقة بماهيته وطبيعته وقيادته وما يمتلكه من إمكانات وطاقة وقدرات حتى في الفكرة وما يحمله من طموح وتطلع ومشروعية ذلك.
ثانياً: تحدي القيادة: وهو من أخطر التحدّيات التي يتوقف عليها مشروع النهضة الحضارية الشاملة للأمة.
ثالثاً: تحدي فكر وثقافة التصدي وتحمل المسؤولية: فالأعداء إستطاعوا لعوامل متعددة من الوصول إلى عقل الأمة مستفيدين من الفراغ في المشروع والفراغ في قيادة المشروع في الأمة ليقنعوا عقل الأمة بأنها أمة ضعيفة وليست لديها القدرة في المواجهة والمجابهة أو فاقدة القدرة على الحركة لحماية مقدراتها ومواردها. إن الأمة بحاجة في معركتها الحضارية لفكر التصدي وتحمل المسؤولية والثقة بالذات وبما تمتلكه من دين وعقيدة وقيم بأنها قادرة ليس فقط علي حماية نفسها من أي اعتداء أو أية إهانة للكرامة وإنما لديها ما يؤهلها لقيادة البشرية وتقديم الأنموذج الأفضل لقيادة الحضارة والمجتمعات البشرية.
رابعاً: تحدي الإدارة والتنظيم: في مقابل العفوية والشعبوية في العمل تحتاج الأمة إلى العمل المؤسسي المنظم. فهكذا يمكن المنافسة بل والتفوق في الصراع. وهو تحدي خطير وأساسي في معركة التفوق.
خامساً: تحدي التكتلات والتحالفات: يستهدف التجزئة والتفتيت لإضعاف الأمة وإستنزاف طاقاتها في الصراعات البينية ومشروع قيادة العالم بحاجة عقل التكتل واستقطاب الطاقات واحتوائها وهو من التحديات الصعبة لطبيعة ما يتعرض طريق التكتل من هواجس نفسية ووجدانية.
سادساً: تحدي العلم والمعرفة: إذ لا يمكن قيادة العالم في ظل الجهل والأمة والضعف في جانب المعرفة والعلم. ولابد أن تزدهر حركة المعرفة في الأمة بحيث لا تقف أية سقوف أو حدود أمام مسيرتها.
سابعاً: تحدي التكنولوجيا: فقد بات العالم يشهد طفرة هائلة في التقنيات وتوظيف التكنولوجيا في الإدارة والتعليم والصناعة ولايمكن المجابهة الا بالتفوق في هذه الميادين الحيوية. وهذا من التحديات اليت تواجه الأمة في مشروع نهضتها لقيادة الحضارة الإنسانية.
ثامناً: تحدي الإرهاب والعنف: تواجه الأمة أعداءاً متوحشين، لا يردعهم عن الدماء والحرمات والناموس رادع من قيم أو أخلاق. ونعيش في دوامات هائجة من الدمار والكوارث التي يخلفها توحش البعض من أجل السيطرة والهيمنة. وهو من التحديات الخطيرة القائمة اليوم.
تاسعاً: تحدي القيم: يمكن ملاحظة السقوط الهائل في القيم في الصراعات القائمة حالياً والتي أفرزت الإرهاب ووصوله إلى حالة كونية وظاهرة عالمية كبرى. كما يمكن ملاحظة الانهيار الشديد في أخلاقيات المجتمعات البشرية نتيجة أجندات لم تعد خفية لنشر التحلل من كل القيم. وهذا ايضا من التحديات الخطيرة التي تواجه الأمة في وقتنا المعاصر.
عاشراً: تحدي بناء القوة الشاملة: فلا يمكن للأمة إستعادة أمجادها في تصدر مشهد الحضارة الإنسانية من موقع الضعف والإستكانة والهزيمة والإستسلام. وإنما لابد من تفعيل إستراتيجية شاملة لبناء القوة الشاملة في جميع ميادينها السياسية والاقتصادية والفكرية والمدنية والاجتماعية والعسكرية.
وقد تحدث في ختام البحث عن جملة هذه التحديات مشيراً إلى أن البشرية وحضارتنا الإنسانية تستحق حياة أفضل على كوكب الأرض وأن تقود هذه الحضارة قوة تزخر بقيمها الأخلاقية الرفعية وتمتلك من الدوافع والمنطلقات ما يؤهلها لوضع حد لشقاء وإنحطاط حضارتنا الإنسانية المعاصرة بما تستدعيه وتستلزمه من وضوح الرؤية والأهداف ووجود القيادة المؤهلة لقيادة مشروع نهضة الأمة واستعادة دورها الذي أراده الخالق لها في قيادة الحضارة الإنسانية بالقيم التي يزخر بها الإسلام العظيم.
وفي ختام البحث تلقى الدكتور كم من نقاشات واسئلة الحضور والتى تفضل يالاجاية عليها بالمزيد من تسليط الضوء حول أبعاد المشروع ومتطلباته من الوعي والبصرية.