الغرب يكرر التجربة العراقية والسورية والليبية في ايران
تنا
المخابرات الغربية وخاصة الأميركية والبريطانية لعبت ولا تزال دورا مؤثرا بل رئيسيا في التحريض على الاحتجاجات وتنظيمها ونقلها الى مراحل تصعيدية خطيرة، من خلال القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة الفارسية أو المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
شارک :
المخابرات الغربية وخاصة الأميركية والبريطانية لعبت ولا تزال دورا مؤثرا بل رئيسيا في التحريض على الاحتجاجات وتنظيمها ونقلها الى مراحل تصعيدية خطيرة، من خلال القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة الفارسية أو المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
الهدف الذي يعلنه الغرب من كل هذا الدعم هو الضغط على النظام الايراني وارغامه على تغيير سياسته في مجال الحريات وحقوق الانسان، ولكن عندما نسمع ونقرأ ونشاهد وقوع انتهاكات خطيرة للغاية في دول متحالفة مع الغرب، نرى الاعلام الغربي والمسؤولون الغربيون لا ينبسون ببنت شفة واذا تطرقوا لتلك الانتهاكات فانهم يمرون عليها مرار الكرام.
وهنا لفتني موضوع في هذا الاطار وهو موقف قناة الجزيرة من الاحتجاجات الايرانية، فعلى الرغم من سخونة الحدث وما يعرف عن متابعة القناة لمثل هذه الاحداث إلا أنها تتصرف وكأن شيئا لم يحدث في ايران، ومما لا شك فيه أن لديه موقف سلبي من القناة وايران، فانه سرعان ما يقول أن طهران أرغمت الجزيرة على عدم تغطية الأحداث، أو يقول أن التحالف الايراني القطري لا يسمح للجزيرة بتغطية هذا الحدث، ولكن اذا دققنا في الموضوع فاننا سنلمس شيئا آخرا، وهو، أن الجزيرة واحتجاجا على ازدواجية الغرب، وكيله للأمور بمكيالين تجاهلت الاحتجاجات الايرانية.
فبالامس القريب ارتكبت القوات الاسرائيلية جريمة بشعة عندما قتلت مراسلة الجزيرة في فلسطين شيرين أبو عاقلة، وعلى الرغم من المطالبات العالمية والاقليمية بضرورة محاكمة اسرائيل، وعلى الرغم من اعتراف تل أبيب بالجريمة، إلا أن الغرب مر على هذه الجريمة مرور الكرام، هذا في الوقت الذي كانت فيه أبو عاقلة تحمل الجنسية الأميركية، فيا ترى أين حقوق الانسان؟
الغريب في قضية الاحتجاجات الايرانية، هو أن أحد اسبابها السخط الشعبي من الوضع الاقتصادي، فعلى الرغم من أن الاحتجاجات اندلعت بسبب وفاة مهسا أميني ولكن تختزن في داخلها تذمرا من الوضع الاقتصادي، إلا أن الغريب في الموضوع هو أن الغرب الذي يقف بالكامل وراء تدهور الوضع الاقتصادي فانه يدعم الاحتجاجات، يعني كما يقول المثل الشعبي “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”، فاذا كان الغرب متعاطف مع الشعب الايراني ويقف الى جانبه فلماذا جعله يعيش هذه الأوضاع الاقتصادية؟
الأغرب من كل ذلك هو أن البعض يصدق المزاعم الغربية وعلى الرغم أن التجربة العراقية والليبية والسورية ماثلة أمامه، ولايسأل نفسه من وراء كل هذه المصائب التي يعاني منها العراقيون والليبيون، أليست أميركا هي التي تبنت اسقاط الحكم الديكتاتوري في ليبيا والعراق، وانها هي التي تريد ارساء الحريات والدفاع عن حقوق الانسان في العراق وليبيا؟
على الرغم من تحفظاتي الكبيرة على سياسات القذافي وصدام حسين، ولكن هل ما يجري اليوم في العراق وليبيا أفضل من عهد صدام ومعمر، واذا كانت الحكومة السورية قد سقطت فهل يا ترى سيكون أحوال السوريين أفضل من العراقيين والليبيين؟
للأسف الشديد فان معظم أعمار المحتجين في ايران لا تتسع لما جرى في العراق وليبيا وبالتالي لا يعلمون أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأميركية كانت تحرض العراقيين والليبيين كما تحرضهم اليوم على نظامهم.