بمناسبة ذكرى وفاة الشاعر الإيراني المعاصر "حميد سبزواري"؛
حديث التقريب ..الأدب يجمعنا
تنـا - خاص
وتبقى كلمة "الشريف الرضي" خالدة حين سئل عن رثائه لأبي اسحاق الصابي باعظم قصائد الرثاء العربي، مع أن الصابي غير مسلم، فقال : جمعتنا صداقة الأدب..أفلا يجمع المسلمين اليوم ما بينهم من آداب مشتركة إضافة إلى آلاف المشتركات الأخرى من هموم وآلام وآمال وتطلعات نحو المستقبل؟!!
شارک :
لطالما كان الأدب على مرّ التاريخ يجمع شعوب دائرتنا الحضارية، ويجمع أبناء المذاهب والنحل والملل على صعيده.
في القديم أبو تمام جمع بين الشام وخراسان وبغداد والرقتين والفسطاط في انشاد شعره والتغنّي بجمال خياله وإبداعه. بالشام أهلــــــي وبغــــــداد الـــــــــهوى
وأنا بالرقتين وبالفسطاط إخواني
وما أظن النوى ترضى بما صنعت
حتى تشافه بـــــــي أقصى خراســان
والمتنبي جمع بين العراق والشام ومصر وإيران وتغنّى بشعب بوّان في جنوب إيران: يقول بشعب بّوان حصاني أعن هذا يسار الى الطعانِ..
ملاعب جِنّة لو سار فيهــــــا سليمان لســـــار بتـــــــرجـــــــمانِ
والشعراء الإيرانيون أنشدوا في إيران وتردد صداهم في جميع أرجاء العالم الإسلامي مثل حافظ وسعدي وجلال الدين الرومي والعطار وسنائي و.. ولا يزال حافظ الشيرازي حاضرا في العالم الإسلامي بل في غير العالم الإسلامي يثير اعجاب المتذوقين للأدب مثل غوته الالماني.
وانطلاقًا من هذا الهدف.. هدف وحدة الأمة في إطار الأدب، يهتم الإحيائيون المعاصرون بالأدب، كأن نرى إقبال اللاهوري ينشد دواوينه الشعرية كلها باللغة الفارسية باعتبارها الى جانب العربية هي لغة الحضارة الإسلامية، وكأن نرى السيد الإمام علي الخامنئي يعقد مجالس للشعر العربي والفارسي تستغرق أحيانًا ستّ ساعات يسمع ويعلّق وينقد؛ وفي إحدى تلك الجلسات التي تسمّت باسم شاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابي، طلب سماحته أن تُكرّس للنهضة وللقضية الفلسطينية.. حضر فيها شعراء ينشدون بالعربية والفارسية حول فلسطين وكان بينهم شاعر الثورة الكبير المعاصر "حميد سبزواري".
ونذكر بمناسبة ذكرى وفاته، في 22 خرداد 1495 هجرية شمسية (12/6/1996م)، قصيدته التي أنشدها في تلك الجلسة ثم تحولت الى نشيد معروف تحت عنوان : «جنبا إلى جنب مع الرائد»، يقول فيها ما ترجمته: لقد حان موعد السفر يا أخي! والطريق طويل
لا تتهيّب، أسرع، فالهمّة هي العلاج
الوادي ليس آمناً، قطّاع الطرق قادمون
وجاء فيها أيضاً: متاعي للطريق هو الأمل
متاع الطريق هو أن أستجمع همّتي وعزمي
أسلّم القلب الى الله، واعتزم السير
متاع الطريق هو أن أغرس فيّ روح الصبر
وأحملُه معي من وادٍ إلى وادٍ في اتجاه المقصد
نحن غافون وهو في حالة هجوم على القدس أيضاً
واحتلّ الجولان منّا بجولة أخرى
وصرنا حيارى، وهو يهيمن على القدس وسيناء
لقد وصل النداء: أن استعيدوا هذا البيت من العدوّ
واختتم القصيدة بقوله: لابد أن نخاطر، ونسافر، ونصل
فالعار في الفرار من الميدان وفي الرقود
لابد أن نجدّ في الطلب مجتازين الوديان والبحار
لابدّ من المواصلة ليلاً ونهارًا وفي كل آن
حتى إذا أمطرت السماء سيوفًا قل لها امطري، ليس في الأمر عسرٌ ومشقّة
امتطوا ظهور الخيل مكبّرين ملبّين
فالمقصد ديار القدس جنباً الى جنب مع رائد المسير
وبالمناسبة أيضًا نذكر قصيدة الشاعر الإيراني علي معلّم الدامغاني في تلك الجلسة وقد أنشدها تحت عنوان: «أمة واحدة تنهض من الشرق»؛ يقول فيها ما ترجمته: يا قدس، يا أرض مواجهة البلايا، واصلي صبركِ
نحن السهام المنطلقة من الهمّة المحمّدية
واصلي مقاومتك، كوني قويّة، فنحن قادمون...
الشرق ينهض من «مرمرة» حتى «السند»
الشعوب تنهض من أفريقيا حتى الهند
سيغلي ثانية دم التاجيكيين
وسيتدفق الازبكيون من «آمويه» وهم مستعدون
ستزداد النسور على صخرة كشمير
وسيخرج النمر من غابات البنغال
والتركمان سيعتزمون السفر على متن الرياح
وسترتفع مرّة أخرى في العالم عقيرة الافغان
بالأمس حلّت في الأرض ملحمة وارتفعت منها ملحمة
سَطَعَ برقٌ وارتفعت راية
وصوّر فيها ما يراه في الأفق من اتحاد المسلمين بكل فرقهم وطوائفهم قال:
اليوم، يوم انبلاج فجر الإمكان في عالم المحال
اليوم، يوم ارتفاع رايات الجلال في العالم
سَيرى العالم قدرة الشسيعة على الصمود
سيرى اتحاد جُند السنة والاباضية
وسييسطر الزيدية والمالكية ملحمة أخرى
وسيهجر الشافعي والحنفي ليالي السمر
أمة واحدة تنهض من الشرق
وتبقى كلمة "الشريف الرضي" خالدة حين سئل عن رثائه لأبي اسحاق الصابي باعظم قصائد الرثاء العربي، مع أن الصابي غير مسلم، فقال : جمعتنا صداقة الأدب.. أفلا يجمع المسلمين اليوم ما بينهم من آداب مشتركة إضافة إلى آلاف المشتركات الأخرى من هموم وآلام وآمال وتطلعات نحو المستقبل؟!!
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية