حديث التقريب.. الاساءة إلى القرآن الكريم في الغرب فرص للوعي والوحدة
تنـا - خاص
المقصود بانتهاك حرمة القرآن الكريم هو الاستهانة بالمسلمين ومحاولة تحقيرهم، و واضح أيضًا أن الذين يرتكبون هذه الجرائم ليسوا أفرادًا بل تقف وراءهم مؤسسات حاقدة تعبّر عمّا تحمله من كراهية بهذه الصورة المشينة.
شارک :
الإساءة إلى القرآن الكريم في السويد والدانيمارك جرحت عواطف المسلمين واستثارت مشاعرهم في العالم كلّه. وكانت ردود الفعل الشعبية الغاضبة والمواقف الرسمية الرافضة تعبيرًا عمّا عمّ في الساحة من سَخَط وشعور بانتهاك الكرامة.
من الواضح أن المقصود بانتهاك حرمة القرآن الكريم هو الاستهانة بالمسلمين ومحاولة تحقيرهم. و واضح أيضًا أن الذين ارتكبوا هذه الجرائم ليسوا أفرادًا بل تقف وراءهم مؤسسات حاقدة تعبّر عمّا تحمله من كراهية بهذه الصورة المشينة.
لقد كانت ردة الفعل الغاضبة الساخطة واسعة وشديدة وإن لم تكن بحجم الجريمة النكراء، لكن الذي يهمنا أن نقف عنده في هذا الحديث هو كيف يمكن أن نبدّل هذا الانتهاك وهذا التحدّي إلى فرصة لإيقاظ المسلمين و وحدتهم.
منذ أن دنّس الاستعمار الغربي عالمنا الإسلامي وهو يسعى إلى إذلال المسلمين.. لأن الاذلال هو أكثر شدّة من القتل في القضاء على حياة الشعوب؛ الذلّ هو الموت الأكبر، والذليل يفقد القدرة على المقاومة وعلى طلب العزّة والكرامة.
كل شبكات الإعلام الغربي الموجه الى العالم الإسلامي والإعلام المرتبط به في منطقتنا نرى فيها تخطيطًا دقيقًا مدروسًا لبثّ روح الهزيمة والإذلال بين المسلمين. وهكذا جميع الممارسات السياسية والإجراءات الاقتصادية الغربية بحق المسلمين تتجه نحو هذا الهدف الإجرامي.
وهذه الإساءة للقرآن الكريم تأتي في هذا السياق، نعم لقد واجهت مايجب أن تواجهه من غضب يعبّر عن عزّة الإسلام والمسلمين، ولكن يجب أن لا نكتفي بهذا بل أن نواجه هذه الظاهرة وسائر ظواهر الإذلال بتصعيد روح العزّة في نفوس المسلمين، وهذا يتطلب فضح ما يقوم به أعداء الأمة من عمليات خفيّة لغرس روح الهزيمة والتراجع في نفوس المسلمين. لابدّ من تبيين حقيقة ما يستهدفه الاعداء من إغداق الأموال الطائلة والأسلحة الفتاكة على العدوّ الصهيوني، فالهدف من إنشاء هذا الكيان العنصري المتوحش ومن كل ما يقدم له من دعم هو إذلال المسلمين.
والهدف من فرض العقوبات الاقتصادية على هذا البلد المسلم أو ذاك إنما هو للاذلال لا غير. وهذه الشبكات الفضائية و وسائل التواصل الاجتماعي إنما عبأت جهودها من أجل تشويه صورة المسلمين لتتابع هذا الهدف.
إنها فرصة لكي يعي المسلمون على ما تخطط لهم الدوائر الغربية والأمريكية من عمليات لكسر شوكتهم والوقيعة بهم وإنزال الهزيمة في نفوسهم عن طريق الاذلال.
وإذا ساد الوعي على هذه الحقيقة فسوف ينهض العالم الإسلامي بحكوماته الحرّة وبشعوبه لمواجهة كل عمل يذلّ المسلمين، ولاستئصال روح الهزيمة والانبهار أمام الغرب من نفوس شبابهم ومسؤوليهم، ولوضع خطة شاملة اعلامية وتعليمية وتثقيفية لصيانة العزّة في نفوس أبنائهم.
ولابدّ من الإشارة الى أن العزّة يجب أن تكون حقيقية لا سرابية، أي أن لا تكون بالمفاخرات القومية والطائفية والاقليمية، بل أن تكون العزّة بالله ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾.
وثمة فرصة هامة أخرى يمكن أن يوفّرها هذا التحدّي المتمثل بالإساءة الى القرآن الكريم هي توحيد صفوف الأمة و وحدة كلمة علمائها وحكوماتها. فالشعوب بكل مذاهبها الإسلامية هبّت لتدافع عن حرمة القرآن الكريم، ولتؤكد أن هذه الأعمال المشينة لا تضعف من اعتزازهم بكتابهم المقدّس، بل لتزيدهم تمسكًا به واعتصامًا بحبله. كما أن العلماء من الفريقين السنّي والشيعي كان لهم الموقف الرافض المندّد نفسه.
وعبّر الإمام الخامنئي عن وحدة الموقف هذا في بيانه الذي جاء فيه: «إن التطاول على حرمة القرآن الكريم في السويد حادثة مرّة وتآمرية وخطيرة. وعلماء المسلمين مجمعون على أن مرتكب هذه الجريمة يستحق أشدّ العقوبات، وعلى الحكومة السويدية أن تعلم أيضا أنها بمساندة المجرم قد اتخذت اصطفافًا حربيًا تجاه العالم الإسلامي، وجذبت نحوها كراهية وعداوة الشعوب الإسلامية وكثير من حكوماتهم».
والأزهر الشريف على لسان فضيلة شيخه اتخذ نفس هذا الموقف وهكذا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعلماء العراق وغيرهم من علماء البلدان الإسلامية..
هذه الوحدة في المواقف يجب أن لا تكون (فورة) بل أن تبقى (ثورة) على واقع التجزئة والتناحر، يجب أن تكون بداية نهاية لما يعانيه المسلمون من حروب بينية ومن تراشق بالتهم، عندئذ يتحول هذا التحدي بإذن الله إلى فرصة. والله غالب على أمره.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية