حديث التقريب.. الذكرى الـ 17 للانتصار الكبير والتقريب
تنـا - خاص
لقد ساد في العالم الإسلامي بعد الانتصار الكبير، في حرب الـ 33 يوما، على العدوّ الصهيوني جوّ من الفرحة والسرور في جميع أرجاء العالم الإسلامي، وأكثر من ذلك تصاعد صوت الألفة والمحبة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، إذ قد علا صوت الجهاد والانتصار والإيمان بالمقاومة على صوت الفرقة والاختلاف.
شارک :
في تموز 2006 مـ، نشبت حرب استمرت 33 يوما شنّها العدوّ الصهيوني على لبنان حشدّ فيها كل معداته المتطورة آملاً أن يفرض الاستسلام على المقاومة الاسلامية في لبنان؛ لكنه خرج من هذه المعركة الطويلة خائبًا خاسرًا متكبدًا خسائر في الأرواح والمعدات، وأكثر منها خسارة في أسطورته التي حاول غرسها في الأذهان بشأن «جيشه الذي لا يُقهر»!
لقد ساد في العالم الإسلامي بعد هذا الانتصار الكبير على العدوّ الصهيوني، جوّ من الفرحة والسرور في جميع أرجاء العالم الإسلامي، وأكثر من ذلك تصاعد صوت الألفة والمحبة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، إذ قد علا صوت الجهاد والانتصار والإيمان بالمقاومة على صوت الفرقة والاختلاف.
هذا هو شأن كل انتصار، مثل هذا الجوّ شاهدناه لدى انتصار الثورة الإسلامية في إيران. وشاهدناه في الانتصارات التي تحققت في جميع بقاع العالم الإسلامي، وليس ببعيدة عنّا أجواء ما سمى «الربيع العربي» وما بعثته في النفوس من شعور بالعزّة والكرامة، وباستجابة مقادير الكون والحياة لإرادة الشعب الذي يريد الحياة، وإن طوّقت هذه الصحوة، وصادر الأعداء معظم الآمال المعقودة عليها.
هذا هو الارتباط الوثيق بين الحالة النفسية للأمة الإسلامية وبين التقريب بين مذاهبها والوحدة بين أجزائها.
إذا كانت أجواء الأمة يسودها الإحباط واليأس والهزيمة النفسية فإن حالة النزاع والخصام والتفرقة تنمو في هذه الأجواء، أما إذا سادها الانبساط والانشراح والثقة بالنفس ودبّت فيها روح الحياة فإن أجزاءها تتلاحم وتتواسى وتتعاضد.
ولا يقتصر الأمر على الانتصارات الثورية أو العسكرية لتدبّ الحياة في جسد الأمة بل إن الانتصارات الثقافية والعلمية.. بل حتى الرياضية تفعل فعلها في عملية الإحياء.
الأمثلة على ذلك كثيرة، ونكتفي بمثال واحد هو ما تحقق من انتصار فكري إسلامي على المدارس الفكرية الليبرالية والماركسية في حقل الفلسفة والاقتصاد حين صدور كتاب (فلسفتنا) وكتاب (اقتصادنا) للسيد الشهيد محمد باقر الصدر، لقد صدر الكتابان من النجف الأشرف في العراق، لكن صداهما انتشر في أرجاء العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وأقبل عليهما العلماء والكتاب والمثقفين، باعتبارهما انتصارا إسلاميا في ساحة الصراع الفكري بين الإسلام والمدارس الشرقية والغربية.
لقد اخترق الكتابان جميع الأوساط من مختلف المذاهب والتيارات، وأوجد وحدة تجاوزت الطائفية والاقليمية، وأصبح الشباب خاصة فخورين بإسلامهم مرفوعي الرأس برسالتهم.
المسألة التي يجب أن نقف عندها هي إن أعداء الإسلام سرعان ما يتجهون إلى خلق أجواء لاحتواء موجة الإحياء هذه، وإلى محاولة إعادة حالة اليأس والإحباط إلى المجتمعات الإسلامية.
يحاولون حتى تغييب حالة الأحياء من الذاكرة، وذلك بخلق أجواء سلبية، خاصة في ذكرى تلك الانتصارات.
ما رأيناه أخيرًا من عدوان ارهابي في شيراز بمرقد السيد احمد بن موسى بن جعفر (شاه جراغ) وما حدث قبل ذلك من تحشيد طائفي هائل ضد حزب الله وما نسمعه من أحداث متزامنة طائفية وإرهابية إنما يأتي في سياق هذا الهدف، هدف تغييب ذاكرة الإحياء، وتعتيم الأجواء كي لا تستمر فيها روح الحياة.
لكن كل هذه المحاولات هي في اعتقادنا زبد سرعان ما يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض؛ وليس هذا رجمًا بالغيب، لأن حوادث التاريخ عامة وحوادث القرن الأخير تشهد على ذلك.
ولأن القرآن الكريم والرسالة الإلهية الإسلامية تمدّ الأمة بالحياة باستمرار، طبعًا لابد من الجهاد في سبيله سبحانه ولابدّ من الاستجابة لنداء الله ورسوله، وهذا قائم والحمد لله بين الأمة الإسلامية حتى يرث الله الأرض ومن عليها: