يسجّل لصنعاء وحلفائها القدرة على ضرب الدعاية الأميركية في هذه المرحلة.. وعليه، يمكن القول: إن الدعاية الأميركية رافقت السفينة البريطانية وغرقت معها.
شارک :
عند توقيف صنعاء السفينة الإسرائيلية وجرّها إلى الشواطئ اليمنية، حرّكت الآلة الدعائية الأميركية عجلاتها، وصوّبت نحو خطورة تتعرض لها الملاحة الدولية متجاهلة السبب الرئيس لعمليات القوات البحرية اليمنية وهو العدوان الإسرائيلي الموجه أميركيًا ضدّ قطاع غزّة.
منذ اللحظات الأولى، وصفت واشنطن بدء المرحلة الثانية من عمليات صنعاء، والتي تمثلت بمنع السفن الإسرائيلية من عبور باب المندب، بالعمل "المتهور" و"العبثي" ووضعته في خانة الحرب على الملاحة الدولية، مع أنه محصور جدًا وهدفه واضح.
لاحقًا، صعّدت صنعاء من عملياتها، وذهبت إلى خطوة ثالثة تمثلت بمنع السفن غير الإسرائيلية والمتجهة نحو موانئ فلسطين المحتلة من العبور. وفي هذه المرحلة، واصلت واشنطن الدعاية ذاتها، وعملت بموازاتها على بدء إعداد تشكيل عسكري بحري يشمل أوسع مروحة من دول المنطقة والغرب، وهدفه التدخل عسكريًا. فشلت في إغواء دول المنطقة التي كانت تعير حسابًا لرد الفعل اليمني، ولمعايير تتعلق بأصل الأحداث وارتباطها بما يجري في فلسطين من عدوان، لكنّها نجحت في بدء عمل عسكري - غير محسوب - عبر مرافقة السفن أولًا ثمّ العدوان المباشر.
مع بدء العدوان المباشر، أميركيًا وبريطانيًا، ذهبت صنعاء نحو خطوة رابعة، هي من جهة تشكّل إسنادًا لغزّة، ومن جهة أخرى ترد على العدوان، وكان لاستهداف بحارتها العشرة واستشهادهم الطلقة التي دفعت نحو تسريع الخطوة. وسّعت صنعاء مروحة الاستهداف ضمن الخطوة الرابعة، لتشمل السفن الأميركية والبريطانية وبوارجهما، ونتيحة ذلك ارتفع منسوب النار في البحر، فأُصيبت سفن وبوارج حربية، لكن الحدث الأبرز يكمن في إغراق سفينة بريطانية كانت تحمل أسمدة وتعبر مضيق باب المندب، حيث أصيبت بصاروخ بحري مناسب، وعلى مدى أسبوعين رست تحت مياه البحر.
هذه العملية، سرعان ما استندت إليها واشنطن لإطلاق حملة دعائية جديدة لتحريض دول العالم ودول المنطقة على صنعاء، تحت عنوان تهديد الحياة البحرية، وهو ما لم يفلح حتّى الساعة في تغيير أي من المواقف، ويمكن تأكيد ذلك من خلال هبوط مستوى الدعاية، يوم أمس، إلى حد دفع السفارة الأميركية في اليمن إلى بث منشور عبر صفحتها على منصة "اكس" يربط بين غزّة والبحر الأحمر، لكن بشكل مختلف عن الواقع، عبر تصوير صنعاء قوةً متوحشةً تهدّد الحياة البحرية، في ما واشنطن هي الحمل الوديع وداعية السلام الذي يلقي المساعدات جوًّا للشعب الفلسطيني في غزّة. هذا المستوى من الدعاية الهزيلة، يعلق عليه مراقبون بالقول: "حتّى من كتبها كان يستهزئ بنفسه".
في المحصلة، إن الدعاية الأميركية قابلتها صنعاء بالتأكيد على مواصلة عملياتها، بل وتصعيدها، كما عبّر أكثر من مسؤول يمني، في تأكيد على استهزاء صنعاء بتلك الدعاية التي فشلت سابقًا، فكيف في هذه المرحلة؟ خصوصًا أن العمليات مرتبطة بأكثر قضايا المنطقة حساسية عند شعوبها، وهي القضية الفلسطينية.
يسجّل لصنعاء وحلفائها القدرة على ضرب الدعاية الأميركية في هذه المرحلة، خصوصًا أن صداها حُصر بما قاله الأميركيون، وفي وسائل إعلام لم يعهد منها سابقًا إلا الترويج للدعايتين الغربية والإسرائيلية، مع فشل متراكم في إقناع الشعوب بعكس الوقائع.
وعليه، يمكن القول: إن الدعاية الأميركية رافقت السفينة البريطانية وغرقت معها.