المقاومةُ بعدَ استشهاد رئيس جمهوريّتِها ووزير خارجيّتِها
تنـا
إنّ سياسةَ الدعم السياسيّ غير المحدود للمقاومة، التي اتَّبَعَها الرئيسُ الشهيد إبراهيم رئيسي، سيجدُها المُتابِعُ لدى وزير خارجية جمهورية المقاومة الشهيد حسين أمير عبد اللهيان، والذي أثبتَ كفاءةً عالية في قُدرةِ الصقر الثوريّ والديبلوماسيّ المقاوم على خوض المعارك الديبلوماسية وإعلانةِ فولاذِ المواقف المُتعنّتة بفضل براعتِه وحنكتِه الدبلوماسية وحُسنِ تقديره المواقف...
شارک :
بمناسبة يوم القُدس العالميّ، في الرابعَ عشرَ من نيسان عام ٢٠٢٣، كان الرئيسُ الإيرانيّ الشهيدُ إبراهيم رئيسي حاضراً بقوّة في ملعب فلسطين الدوليّ في قطاع غزة من خلال الكلمة التي ألقاها في تلك المناسبة عبرَ (الفيديو)، وكانت خطوةً لم يَسبِقْهُ إليها غيرُهُ من الرؤساء السابقين، بل إنّ حضورَهُ في تلكَ الفعالية كان تأكيداً لانحيازه المُطلَق وتماهيه مع الفعل المقاوم، وهو ما ظهرَ جليّاً في كلمته تلك، التي أكّدتْ مبادِئَهُ الراسخةَ والمُتجذّرةَ تجاهَ القضية الفلسطينية، ودعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير المحدود لقُوى المقاومة، وهو ما جعلَ الإعلامَ الصهيونيّ يصفُ الخطابَ بأنّهُ غيرُ مسبوق، ولا سيّما أنه الأولُ لزعيمٍ في العالم يقفُ إلى جانبِ الشعب الفلسطينيّ المقاوم.
لقد كانَ ظهورُ الرئيسِ الشهيد في ذلك الخطاب، مُرتدياً الكوفيةَ الفلسطينية، إعلاناً كاشفاً وجهراً واضحاً بأنّ الدكتور إبراهيم رئيسي هو رئيسُ جمهورية المقاومة، على الرغم ممّا يُسبّبُهُ هذا الإعلانُ من عداءٍ للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وزيادةٍ في الضغط والحصار عليها من القُوى الغربية والحليفة لها، ومن حقدٍ كبير من الكيان الصهيونيّ الذي ما فتئَ يستهدفُ العقولَ والمراكزَ المُقاوِمةَ داخلَ الجمهورية الإسلامية وخارجَها، ولم يكنْ هذا الاستهدافُ ليُضعِفَ الرئيسَ الشهيد، أو ينالَ من موقفه الداعم لقوى المقاومة في فلسطين، وعلى مرأى العالمِ وقادتِهِ ومَسْمَعِهمْ، تماماً كما حدثَ في كلمته التي ألقاها بمناسبة انعقاد القمّة العربية الإسلامية بالرياض في تشرين الثاني ٢٠٢٣، التي ظهرَ فيها، مُرتدياً الكوفية الفلسطينية أيضاً، وكان الوحيدَ، تقريباً، من بين (٥٧) زعيماً عربياً وإسلامياً، مَنِ اتّسَمَ بوضوح الرؤية والهدف والدعم المطلق للشعب الفلسطينيّ وقُواهُ المقاومة، مع تأكيده ضرورةَ دعمه بالأشكال الممكنة كافّةً من أجل تعزيز صموده في مواجهة المحتل الصهيوني، ولا سيما أن قوى المقاومة في فلسطين تُقدّمُ التضحياتِ، وتخوضُ الحروبَ العسكرية المباشرة في مواجهة قوّات الاحتلال لحماية العرب وتجنيبهم خَوْضَ الحروبِ المباشرة مع المحتل الصهيوني.
لهذا كان تأكيدُ الرئيسِ الشهيدِ في تلك القمّة، ضرورةَ تسليحِ الشعب الفلسطينيّ في مواجهة عُدوانيّةِ الاحتلال، والعمل بأقصى ما يُمكنُ من جهود لإعادة إعمار البنية الأساسية المُدمَّرة في غزة وتلبية احتياجاتها الأساسية من دواء وغذاء، وهو الدعمُ الذي أعلنَهُ الرئيسُ الإيرانيّ في أثناء زيارته سورية في شهر أيار ٢٠٢٣ برفقةِ وزير خارجيّتِه ورفيقِ دربِه في دعم دُوَلِ حِلْفِ المقاومة، ومنها سورية التي أعلنَ تأييدَهُ المطلق لها، وإشادتَهُ بالانتصار الذي حقّقتْهُ على الإرهاب والقُوى الداعمة له، على الرغم من التهديدات والعقوبات المفروضة عليها.
إنّ سياسةَ الدعم السياسيّ غير المحدود هذه، التي اتَّبَعَها الرئيسُ الشهيد إبراهيم رئيسي، سيجدُها المُتابِعُ لدى وزير خارجية جمهورية المقاومة الشهيد حسين أمير عبد اللهيان، الذي أثبتَ كفاءةً عالية في قُدرةِ الصقر الثوريّ والديبلوماسيّ المقاوم على خوض المعارك الديبلوماسية وإعلانةِ فولاذِ المواقف المُتعنّتة بفضل براعتِه وحنكتِه الدبلوماسية وحُسنِ تقديره المواقف، كما أنّهُ كان حريصاً في زياراته كلِّها للمنطقة على اللقاء بقادة المقاومة، سواء في سورية أم في لبنان والعراق واليمن وإيران وغيرها، وكانَ دائمَ الحرص على تقريب وجهات النظر بين أولئك المقاومين، الذينَ يعتري علاقاتِهم بعضُ الاختلافات أو الخلافات في وُجهاتِ النظر والتكتيك أو الإستراتيجية في العمل المقاوم، وهو ما حَرَصَ عليه الرئيسُ الشهيد إبراهيم رئيسي منذ اللحظات الأولى لانتخابه رئيساً للجمهورية، فقد كان حرصُهُ شديداً على لقاء قادة الفصائل في قوى المقاومة الفلسطينية، بعد أدائه القسم، على الرغم من انشغالاته الكثيرة ووجود عشرات الوفود من الدول العربية والغربيّة والإسلامية الزائرة حينئذٍ، ومعَ هذا كان حريصاً على لقاء المقاومين والوقوفِ على حقيقة واقعِ الشعب الفلسطينيّ وواقع المُعتقَلينَ في سجون الاحتلال الصهيونيّ، ومعرفة احتياجات الشعب وقواه المقاومة في فلسطين.
لقد أثبتَ التشييعُ المهيبُ للشهيد الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيّته الشهيد حسين أمير عبد اللهيان، حُضورَهما القويَّ والفاعلَ في المعركة المصيريّة من أجل تحرير فلسطين وخلاصِها من المحتلّ الصهيوني، كما أثبتت الكلماتُ والشهاداتُ التي قِيلتْ في حقّهما أن الخِيارَ الوحيدَ الذي يمكنُ تَبَنِّيهِ والانحيازُ إليه هو خيارُ المقاومة والاستبسال في الدفاع عنها، وهذا لا يعني في حالٍ من الأحوال إهمالَ بقية المفاصل في العمل الخارجيّ والداخليّ للبلد، فقد أثبتتْ مُدّةُ حكم الدكتور رئيسي لإيران وتَولّي عبد اللهيان منصبَ وزير الخارجية، أنّها المُدّةُ الأكثر أهميةً وتحقيقاً للإنجازات الداخلية والخارجية، ولا سيّما لِمَا حدثَ من إنجازات في ملفّات التفاوُض مع الولايات المتحدة الأميركية والإفراج عن بعض الرهائن والأموال، وما حُقِّقَ من إنجازاتٍ ومن تعميقٍ للعلاقات مع روسيا والصين وغيرِهِما من دُوَل العالم، وكذلك مع بعض الدول العربية مثل الإمارات العربيّة المُتّحدة والمملكة العربيّة السعودية، وما كان يُشتَغَلُ عليهِ بغيةَ ترميمِ العلاقات الإيرانية المصرية.
إنّ التماهي في العلاقة بينَ الشهيدَين رئيسي وعبد اللهيان، يُؤكّدُ وحدةَ الهدف والرؤى بين الرّجُلَين، وهي الرؤى التي تُؤكّدُ صلابةَ موقفهما من المقاومة وقضيةِ فلسطين، القضيّة المركزيّة الأولى لديهما، ولهذا فإنّ عمليةَ “الوعد الصادق” كانت المثالَ الأبهى والأصدقَ على تعزيز الرؤية والفعل (الرئيسي اللهياني) في مواجهة الغطرسة الصهيونية وحرب الإبادة التي يَشنُّها المُحتلُّ على أهلنا في فلسطين، كما أنّ الرئيسَ الشهيد كانَ شُجاعاً في تحمُّل المسؤولية السياسية كاملةً عن عملية “الوعد الصادق”، ولعلّ ما حدثَ من لقاء بين قائد الحرس الثوريّ الإيراني، اللواء حسين سلامي، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ العميد إسماعيل قآني، مع قادة المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن يُؤكّدُ استمرارَ الدعم غير المحدود للمقاومة، حتى تحقيقِ النصر وتحقيقِ الخلاص لفلسطين ورَفْعِ المظلومية عن شعبها.