الرابع من تموز في التقويم الايراني هو «يوم القلم»، وهو تكريم لوسيلة من أعظم الوسائل التي تربط بين أفكار البشر وحضاراتهم؛ وللدور الحضاري للقلم ولقدسية دوره، أقسم الله سبحانه به، إذ قال : ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾، وقال عز وجل : ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ .. وهذا يعني أنه سبحانه مجّد الدور الذي ينهض به القلم في نقل الثقافات من جيل الى جيل وفي التبادل المعرفي بين الشعوب.
شارک :
والتبادل المعرفي أو (التعارف) بالتبعير القرآني، هو سبب التعددية البشرية والتعددية الجنسية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
التعارف بمقدوره أن يتغلب على نراه بين البشر من تخاصم ونزاع وحروب وتراشق بالتهم. لذلك فإن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية لابد أن يهتم بهذا اليوم لأنه تكريم للوسيلة التي تحقق التقريب بأوسع معانيه وأبعاده.
أمتنا الاسلامية التي هي أمة ﴿اقْرَأْ﴾، وأمة ﴿وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾، وأمة ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾، ينبغي أن يكون لها اهتمام بهذا اليوم ليكون في تقويمها.. في تقويم جميع الشعوب الاسلامية، لا في تقويم إيران فحسب، لتعرف البشرية جمعاء بأننا أمة تريد أن ترتبط بالعالم عن طريق الفكر والحوار والتبادل المعرفي، وبذلك تكون فريدة في الساحة البشرية التي تضجّ بالنزاعات المصلحية المادية.
ولكي تنهض أمتنا في هذا المضمار، لابدّ أن تقدم النموذج الأسمى لرعاية حرمة القلم ولتكريم دوره في التبادل الثقافي وإحلال التفاهم بين أبنائها.
كل نزاع بين أبناء الأمة الاسلامية طائفيًا كان أو قوميًا أو إقليميًا فإنه يسيء الى ما أراده الله لهذه الأمة من أن تكون ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ لأنها أمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. أنه جلب كل خير ودفع كل ما يسيء لبني الإنسان.
إن القلم اليوم في العالم عامة وفي عالمنا الاسلامي بشكل خاص، لا يرتفع في كثير من الأحيان الى مستوى القدسية التي عبّر عنها القرآن الكريم.
في كثير من الاحيان نرى أقلامًا تمجّ سمًا زعافا لاهدف لها سوى التفرقة وإثارة الحزازات والضغائن والاحقاد، هذه الاقلام المفرّقة الطائفية والعصنرية تشكل اكبر خطر على وحدة الإنسانية و وحدة الأمة الاسلامية. تشكل أكبر خطر على (الحب) و(الوئام) و(السلام).
في الغالب لا يمكن أن نطلب من هذه الأقلام المسمومة أن تكف عن ممارسة هذا الدور المخرّب لأنها تنطلق إما من ما تمليه عليها مصالح القوى المتفرعنة في العالم، أو من نفوس مريضة تحمل عقدًا من الحقد والكراهية.
لكننا يمكن أن نوجّه خطابنا الى عامة أبناء أمتنا كي يكونوا على حذر من سموم المفرقين ومن أبواق الضالين المضلين الذين يحملون ﴿أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾ نوجّه خطابنا الى أبناء أمتنا التي تحمل مسؤولية الأمانة الكبرى.. وتتوجه لتقديم النموذج الأمثل بإذن الله لمجتمع الحضارة الاسلامية الحديثة.
أجهزة المفرقين الاعلامية والثقافية ضخمة هائلة ومعقدة، قد لا تستطيع جبهة الاقلام الملتزمة أن تبلغ ضخامتها وقوة تأثيرها. غير أن أصحاب القلم الملتزم مسنودون بالفطرة الانسانية التي تنشد الحق وترفض الباطل، ومسنودون بنصرة الله سبحانه الذي أخذ على نفسه أن ينصر عباده الصالحين، وأن تكون العاقبة للمتقين.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية