لايجوز أن تبقى ذكرى الحسين (ع) حيّة لدن طائفة من المسلمين ويُحرم من عطائها غيرهم.. لابد من إحيائها على الصعيد الاسلامي.. عندئذ ستكون وسيلة «تقريب»، بل توحيد لعواطف الامة وأفكارها واهتماماتها وتطلّعاتها.
شارک :
حلْ علينا شهر محرم الحرام 1446 هـ، ونستقبل يوم العاشر منه (يوم عاشوراء) ذكرى واقعة كربلاء، لترسم أمام الأعين مرة أخرى صفحة من أنصع صفحات تاريخنا الإسلامي.
ذكرى العاشر من محرّم سنة 61هـ، رغم كلّ مافيها من مآس وفجائع.. وما اشتملت عليه من صور انحطاط النفس الانسانية وبيع الضمير والقسوة والوحشيّة في جبهة قتلة الحسين بن علي (عليه السلام)، تشكّل قمة شامخة من قمم المواقف الاسلامية المشرّفة الرامية الى تسجيل المثل الاعلى في السموّ الانساني، والصمود على طريق المبدأ، وإباء الضيم والطغيان، والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل تحقيق رضا اللّه سبحانه، وفي سبيل انتشال الامة من حالة الذل والهوان والاستسلام.
ذكرى كربلاء الحسين (ع) درس ضروري وهام لامتنا تحتاجه دائما.. خاصة حين تتفاقم ظروف الاذلال والاستسلام؛ وهذا الدرس يجب أن يدخل في وجدان الامّة ويختلط بمشاعرها وأحاسيسها، وذاك مالا تستطيع الكتب والمقالات وحدها أن تفعله.
لابدّ من استخدام الادب والفنّ.. ولابُدّ من اهتمام تربوي وإعلاميّ وشعبي واسع.. وهذا غير شائع ـ مع الاسف - على النحو المطلوب على صعيد عالمنا الاسلامي. الاهتمام الاسلامي بهذا المقطع التاريخي الهام، وإحياؤه أحياء يدخل في الوجدان الشعبي، يستطيع أن يحيي روح «العزّة» في نفوس المسلمين، ويستطيع أن يشدّ عواطف الامة المسلمة في اتجاه رفض الخضوع للظلم والاستسلام للطغاة والمتجبرين.
لايجوز أن تبقى ذكرى الحسين (ع) حيّة لدن طائفة من المسلمين ويُحرم من عطائها غيرهم.. لابد من إحيائها على الصعيد الاسلامي.. عندئذ ستكون وسيلة «تقريب»، بل توحيد لعواطف الامة وأفكارها واهتماماتها وتطلّعاتها.
الاسلاميون الذين ارتفعوا عن الحالة الطائفية توجّهوا نحو هذه الصفحات المضيئة من تاريخنا، واستلهموا منها العبر والدروس، ومنهم «سيد قطب» رضوان الله تعالى عليه.
فهو حين يقف عند معنى النصر في قوله سبحانه : ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾، يضرب مثلا من تاريخ الانبياء بابراهيم (عليه السلام) وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا الدعوة اليها، فهو في موقف نصر لا هزيمة..
ويضرب مثلا من تاريخنا الاسلامي بالحسين، قائلا : «وهو يستشهد في تلك الصور العظيمة من جانب، المفجعة من جانب.. أكانت هذه نصرا أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة.. فاما في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كانت نصرا. فما من شهيد في الارض تهتزّ له الجوانح بالحبّ والعطف، وتهفو له القلوب، وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله عليه. يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين، من المسلمين. وكثير من غير المسلمين!».
من منطلق "التقريب" والحرص على وحدة المسلمين.. ومن الاحساس العميق بالحاجة الملحّة الى إحياء روح العزّة والكرامة في نفوس المسلمين، ندعو الى إحياء ذكرى الحسين (ع) في الوجدان الشعبي الاسلامي.. لانه الشهيد الذي تهفو اليه القلوب وتنشدّ اليه العواطف وتجيش لذكراه روح الغيرة والفداء «يستوى في هذا المتشيعون وغير المتشيعين من المسلمين، وكثير من غير المسلمين».
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية