تاريخ النشر2010 19 November ساعة 21:30
رقم : 31582

علماء ومفكرون يحذرون من خطورة الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني

وكالة أنباء التقريب (تنا)
خرجت مؤخرا دعاوى صهيونية تشترط قبول الفلسطينيين والعرب بالإعتراف بإسرائيل كدولة يهودية مقابل بدء مفاوضات السلام وهي الدعاوى التي خرجت في البداية على استحياء ثم ما لبثت ان انتشرت بصورة مريبة ليتضح أن إسرائيل بدأت جزءا جديدا من مخططاتها ضد الإسلام والمسلمين.
علماء ومفكرون يحذرون من خطورة الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني
الغريب أن تلك الإشتراطات الصهيونية ظهرت فى الوقت الذي بدأت فيه وسائل الإعلام الصهيونية في إسرائيل وخارجها تروج لفتوى مشبوهة تقول الصحف العبرية أنها صادرة عن علماء دين مسلمين وتحرم عودة اللاجئين الفلسطينيين لفلسطين كما تحرم إقامة المسلم في إسرائيل كما تحرم على المسلمين الجهاد ضد اسرائيل وبالطبع فإن هذه الفتوى مدسوسة على المسلمين خاصة وان الصحف العبرية لم تذكر اسم اي عالم من الذين أصدروا هذه الفتوى وما يهمنا هنا أن هناك محاولات ومخططات صهيونية واضحة لتهويد المنطقة من البحر الى النهر.

استطلع أراء العلماء حول مسألة الإعتراف باسرائيل كدولة يهودية وهل الفقه الإسلامي يبيح هذا حتى لو كان من أجل السلام كما تزعم اسرائيل.

مقدساتنا وحرماتنا
يؤكد الدكتور محمد الدسوقى أستاذ الشريعة بجامعة قطر سابقا وعضو مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية بطهران أن انتزاع اعتراف المسلمين بالكيان الصهيونى باعتباره دولة يهودية يجب ألا يحدث أبدا لأن معنى هذا التنازل عن حقوقنا فى القدس ..ثم أى سلام ننتظره بعد الاعتراف بالدولة اليهودية التى ما تزال تسفك دماءنا وتدنّس مقدساتنا وحرماتنا فى الأرض المحتلة؟!إن المسألة ليست أكثر من خدعة جديدة فى سلسلة الخدع الإسرائيلية الصهيونية فى محاولة لإقرار شرعية وجودها في المنطقة وأكد أن أحدا لا يستطيع القبول بهذا الفكر أو الإستسلام لأنه لا معنى له غير ذلك.

إقرار بالوهم الصهيوني
من جانبه قال الشيخ محمود عاشور رئيس لجنة التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة ووكيل الأزهر الأسبق : إننا إذا ما اعترفنا بهم كدولة يهودية مقابل المفاوضات فمعنى ذلك أننا نقر بوجودهم الذي حاولوا انتزاعه منا طوال أكثر من نصف قرن أزهقت فيه أرواح أبنائنا وشهدائنا وانتهكت حرماتنا ومقدساتنا ألم نتعلم بعد من كل الأطروحات والشعارات الخادعة التى روّج لها الصهاينة وأذنابهم منذ فجر التاريخ الإسلامي ومؤخرا ما خدعونا به مثل "غزة- أريحا أولا" ثم اكتشفنا أنها لا أولا ولا آخرا وإنما هى سجن كبير لمزيد من الحبس والتقييد وإشعال نيران الفتن الداخلية بين الأخوة الفلسطينيين!ثم فوجئنا بشعار "الأرض مقابل السلام" الذي تحول مع الوقت الى "السلام مقابل السلام" ولم نر أرضا ولا سلاما ولن نره لأن الله تعالى خالقنا جميعا يعلم قدر خيانة هؤلاء القوم وعدم وفائهم أو التزامهم بأي عهد يتخذونه على أنفسهم وإنما هي مسألة "تكتيك" وتخطيط حتى ينفذوا ما يريدون ثم ينكثون على أعقابهم ويجب أن نعلم أن هذا ليس اشتراطاً من أجل السلام وإنما عملية إملاء علنية على الطرف الفلسطيني بل وعلى المسلمين جميعا ويجب أن نرفضه مهما كان الوضع حفاظا على عزتنا وكرامتنا ويجب ألا ينطلق من داخلنا صوت علماني أو إسلامي ضعيف يزعم أننا فى مرحلة من مراحل الضعف ولسنا بمتمكنين في الأرض حتى نضع شروطنا للسلام فكل المعطيات تؤكد أننا ما زلنا نملك خيار النضال والجهاد إذا رفضت اسرائيل صنع السلام بشروط عادلة وهو ما سيرفضونه حتما. 

فقه الموازنات
وأشار الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق إلى أنه حتى في حالة تطبيق المسلمين لما يسمى فقه الموازنات والقائم على تقديم تنازلات مقابل تحقيق مصلحة كبرى فإنه لا يجوز لهم الإعتراف بكيان غاصب على أنه دولة يهودية لأنهم بذلك يساهمون في وقوع مفسدة كبرى فالكيان الصهيوني سيستغل هذا الإعتراف لتهويد المزيد من الأرض المسلمة في فلسطين وسيقابلون أي اعتراض عربي أو إسلامي بمقولة أنهم دولة تم الإعتراف بها على أنها دولة يهودية وهم يطبقون ما جاء به تراثهم الديني الذي يطالبهم بإقامة ما يسمي إسرائيل الكبرى من النيل للفرات أي أننا باعترافنا بهم كدولة يهودية نمنحهم فرصة إعادة حلمهم القديم إلى واجهة المشهد السياسي في المنطقة وهو أمر مرفوض تماما والإسلام تحدث عن الفقه في التنازلات بشرط تحقيق المصلحة الكبرى، وإن وقعت مفسدة أقل أما إذا كانت المصلحة أقل والمفسدة أكبر فالتنازلات مرفوضة.

وأضاف أنه يجب أن يدرك العرب وقبلهم الفلسطينيون أن الإعتراف بيهودية الكيان الغاصب لفلسطين يعنى إطلاق العنان للمشروع الصهيوني الكبير كي ينطلق فوقتها سيزعم اليهود هدم المسجد الأقصى و قبة الصخرة حق من حقوقهم التي اعترف بها العرب مع اعترافهم بيهودية ذلك الكيان لأنهما ملك خالص لليهود!؟والدولة اليهودية لمن لا يعرف تتميز عن باقي دول العالم بخلوها من دستور مكتوب ولا حدود دولية على الخريطة الجغرافية معلومة و معترف بها رسميا وتتميز العقيدة الفاسدة التى يدينون بها بكم هائل من الأساطير التوراتية التي تتطلع الى إعادة أمجاد مملكة سيدنا سليمان عليه السلام التي كان يمتد نفوذها و سطوتها من فلسطين الى اليمن مرورا بنجد و الحجاز حتى أراضي فارس و الخزر على بحر قزوين ,و الى ليبيا و الجزائر مرورا بوادي النيل و إلى نهري دجلة و الفرات في العراق ويجب أن ندرك ان تزامن ذلك الشرط الصهيوني مع مزاعمهم التي يطالبون من خلالها بما يقولون أنها ثروات اليهود العرب يعني دون شك أن مرحلة الإبتزاز الصهيونى قد وصلت أعلى معدلاتها.


مقاومة الإحتلال
وشاركه في الرأي محمد حسين مفتى القدس والذي أكد أنه لا يجوز الإعتراف بدولة الإحتلال بحال من الأحوال بل ان حكم الشرع الإسلامي هو مقاومة هذا الإحتلال بكل السبل وهذا واجب المسلمين جميعا وليس الفلسطينيين فقط والتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية يجب أن يكون بصفتها تمثل عدو غاصب وليس بصفتها دولة لها شرعيتها وإذا وصلت المفاوضات إلى ما يرضي المسلمين فلهم حينئذ الإعتراف بهذا الكيان كدولة لها حدود سياسية ولكن دون أي أساس ديني حتى لا يستخدم ذلك الإعتراف فيما يضر المسلمين.

وطالب حسين المسلمين بتفنيد دعاوى اسرائيل الخاصة بكونها دولة يهودية حتى لا يتم ترويج تلك الأكاذيب في العالم كله وهو ما يضعف الموقف العربي والإسلامي.

صنع السلام
ورفض الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى وصف اسرائيل بالدولة اليهودية مؤكدا أن اسرائيل لم تكن جادة يوما في صنع السلام وأن هذا الشرط الجديد إنما يمثل جزء من العنجهية الصهيونية بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب دون تقديم أي التزامات ويجب على المسلمين ألا يغفلوا أو يتغافلوا عن المقصود الصهيوني من وراء هذا الشرط خاصة وهو يأتي بعد فترة قصيرة من انطلاق نفس التعبير من الرئيس الأمريكي جورج بوش الأمر الذي يفرض علينا أن نتحاور معا ونحاور الآخرين أيضا في كل المستجدات على الساحة الدولية قبل أن نفاجأ بأنهم خدعوا بعض الفلسطينيين وحصلوا منهم على هذا الإعتراف الذي سيكون الواجهة التى تقف خلفها اسرائيل وهى تبيد وتنسف كل مقدساتنا فى فلسطين.

وهناك عملة معدنية اسرائيلية لو لاحظنا الصورة المرسومة عليها وهي خريطة لأرض إسرائيل فسنلاحظ أنها تشمل أجزاء من السعودية وأجزاء من العراق وسيناء وأجزاء من مصر إضافة لفلسطين والأردن وسوريا ولبنان.. وهذه الخريطة تعبر عن الأحلام اليهودية وتشير ضمنا لخيبر وقينقاع وبني النضير.. وهذا النمط من أساليب التربية اليهودية والشحن الداخلي في أوساط اليهود المتدينين، ولا يعتمدها الطرف العلماني في إسرائيل إلا عندما يحتاجها.. وعندما زار بيغن مصر بعد اتفاقية "كامب ديفيد" رفض إقامة السفارة الإسرائيلية شرق نهر النيل، وطلب من سفارته البحث عن مكان غرب نهر النيل، لأنهم يعتبرون منطقة شرق نهر النيل منطقة ضمن أرض إسرائيل.

والعلم الإسرائيلي عليه خطّان أزرقان يمثلان نهري النيل والفرات وعندما زار "بيغن" مصر أيضا تحدث عن أن أجداده بنوا الأهرامات وهذه كلها أساطير يهودية لا تستند إلى أي دليل تاريخي وحتى أن "هرتسيل" مؤسس الحركة الصهيونية كان علمانيا ولم يكن متدينا، وأصبح متدينا في المؤتمر الصهيوني عام ١٩٢٠،وعندما عرضت على اليهود "أوغندا" وافق هرتسيل على ذلك، ولما وجد غالبية اليهود من المتدينين رفضوا ذلك، ركب الموجة وهذا يحصل للآن في اللعبة السياسية في إسرائيل بين العلمانيين والمتدينين لذلك فإن اليهود يطرحون يهودية الدولة كتعبير عن أحلامهم القادمة.

حرب المصطلحات
وانتقد الدكتور أحمد حماد رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية الأسبق بجامعة عين شمس الصمت العربي حيال تلك المطالبات الصهيونية مؤكدا أن لها أبعادا خطيرة حيث يعني الإعتراف العربي بيهودية اسرائيل إسقاط حق العودة كما يعنى فتح الباب أما ترحيل ملايين العرب المسلمين من أسرائيل وهو ما يعنى ضرورة أن يحذر العرب تماما ومعهم الفلسينيون من الإنزلاق فى هذا الفخ لأنهم سيستخدمون هذا الإعتراف للقضاء على كل ما يمت بصلة للإسلام في فلسطين وقد علمتنا التجربة أن الصهيونية لا تمنح مقابل ما تحصل عليه مقدما أضف إلى ذلك موقف القدس الشريف الذي سيكتمل ضياعها في حال حصول اليهود على هذا الإعتراف من العرب والمسلمين أو حتى الفلسطينيين. 

ولفت حماد إلى ضرورة أن يحترس العرب والمسلمين من حرب المصطلحات التي تشنها إسرائيل من أجل تغيير هوية فلسطين ومقدسات المسلمين فيها كما أن هناك طائفة يهودية معتبرة ما زالت تؤكد أن اسرائيل هي دولة صهيونية ليس هذا فحسب بل أن هذه الحركة تقول بكلمات واضحة : ليس للديانة اليهودية أي اثر في هذه الدولة وانها دولة سياسية و عنصرية و كل سوء الفهم الذي حصل خلال هذه الفترة و الذي يعود للقضية الفلسطينية و اسرائيل استغلوه الصهاينة لتمرير مخططاتهم و الصهيونية تعتبر شرّ في العالم و نحن لا نعترف بهذه الدولة اليهود الحقيقيين لا يعترفون بدولة اسرائيل في الوجود" هكذا يقول زعماء هذه الحركة بوضوح شديد ومن هذا المنطلق فقط يجب أن نتعامل مع هذه الدولة الغاصبة للمقدسات وللأرض المسلمة.

مناقشة مرفوضة
ويقول الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث بالأزهر والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر : مجرد مناقشة هذا الموضوع مرفوضة فهذه ليست سوى دعوة صهيونية للاستسلام وإعلان الهزيمة بعد كل هذه السنوات والحروب التي استشهد فيها فلذات أكبادنا ثم أي سلام يتحدثون عنه مقابل هذا الاعتراف الخطير الذي ينسف أي فكر للمقاومة أو الدفاع عن الحقوق المهدرة في الوطن والدين إن مجرد الحديث عن هذا الاعتراف يعد خيانة عظمى ليس للوطن والشهداء وإنما للدين ذاته الذي حملنا أمانة الدفاع عن المقدسات وخاصة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كما أن هناك أمر أساسي يغفل عنه الجميع وهو أن اليهود لا يعترفن بنبوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يرفضون عم الإعتراف بهذا ويطالبوننا بالإعتراف بباطلهم المزعوم.

ويضيف أن أحد أهم المبادئ التي يعتنقها اليهود ويؤمن بها المتدينون منهم القول الأثير لديهم : "حينما نمكن لأنفسنا فنكون سادة الأرض لن نبيح قيام أي دين غير ديننا ولهذا السبب يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان على أن تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار ملحدين فلن يدخل هذا في موضوعنا ولكنه سيضرب مثلا للأجيال القادمة التي ستصغي إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وكل إلينا – بعقيدته الصارمة – واجب إخضاع كل الأمم تحت أقدامنا " وهكذا فإن محاولات تهويد فلسطين وإجبارنا على الإعتراف بهذا التهويد ليس إلا مرحلة من تلك المراحل الصهيونية الخبيثة كى يسودوا العالم حسب معتقداتهم البالية .

المصدر : التوافق؛ حسام وهبة


https://taghribnews.com/vdcaumne.49n6a1kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز