لدى سوريا اثباتات بمدى التورط الإقليمي والدولي على أرضها
وكالة أنباء التقريب (تنا)
شارک :
أرخت الأحداث الأمنية الحاصلة في سوريا بظلها على معظم مقالات الصحف اللبنانية وتأثير ذلك على العلاقات الودية التي تجمع البلدين لا سيما مع بدء الحديث عن تورط جهة لبنانية لمساندة ما يحصل في سوريا من أعمال واضطرابات . فقد نقل الكاتب في صحيفة "الأخبار" حسن عليق عن ما أسماه أروقة صناعة القرار في دمشق، الإقتناع أن «مَن تآمر على سوريا عام ٢٠٠٥، وعلى المقاومة في لبنان عام ٢٠٠٦، عاد اليوم ليتآمر على سوريا». مع تأكيد هذه المصادر أن القيادة السورية أصدرت أمراً بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، وبعدم استخدام السلاح سوى في حالات الدفاع عن المراكز الأمنية والعسكرية التي تعرضت في أكثر من موقع لهجوم مسلح، على حد قول القريبين من دوائر القرار في دمشق. ويضيف عليق أن مقربين من نظام دمشق يشبهون ما يجري اليوم (على صعيد الأعمال الأمنية) بما حدث عام ٢٠٠٥، «عندما شنّت الأجهزة الأمنية السورية حملة على تنظيم القاعدة، بعدما قرر الأخير تحويل سوريا من ممرّ إلى مقرّ، ونشبت حرب أمنية بين أجنحته دارت رحاها في المناطق الشمالية من سوريا». لكن الحملة الأمنية حينذاك «حظيت بغطاء دولي سمح بالقضاء على جميع الخلايا الناشطة التي هرب جزء منها إلى العراق ولبنان». وينقل عن هذه المصادر أن ما ذُكِر في كل تلك الأحداث ليس «سوى الجزء اليسير من الأحداث الميدانية التي تشهدها البلاد. أما العمل الاستخباري اليومي، فما انكشف منه أدهى وأعظم، وهو يثبت حجم التورط الإقليمي والدولي في ما يجري داخل سوريا. وليست الكمية الكبيرة من الأسلحة التي ضُبطت آتية من العراق قبل يومين، سوى رأس جبل الجليد.
من جهته، أكد الكاتب في صحيفة "السفير" سليمان تقي الدين إن تاريخ لبنان كان محكوماً بالعلاقة مع سوريا . لكن المستجد الآن أن سوريا طوت مرحلة التدخل التي جعلت منها طرفاً حاكماً وانتقلت إلى مرحلة من التفاعل والتأثير عن بُعد. مضيفاً أن هذا هو مغزى أن تشكو سوريا من وسائل وأشكال مختلفة للتدخل من بعض الفئات اللبنانية ضدها. بقطع النظر عن حجم التدخل اللبناني وأهميته، فهو مظهر لتداعيات إقليمية أكبر يندرج في خانة الضغوط السلبية على سياسة سوريا، ويتوسل اللعب والعبث بالأمن والاستقرار عن طريق شبكات تخريبية وليس عن طريق مساندة ودعم تيارات سياسية لها شرعيتها وحضورها وتمثيلها الشعب. وتحدث تقي الدين عن "خيار فئة سياسية أضرّت وتضر بلبنان إلى حد المقامرة بوحدته واستقراره ومصالحه الوطنية. هذه الفئة انخرطت في المشروع السياسي الانقلابي الواسع غربياً وعربياً على لبنان وسوريا معاً وهي المسؤولة عن كل التداعيات الخطيرة التي يعيشها لبنان منذ ست سنوات". قائلاً إن الغايات التي أرادها فريق سياسي كانت ولا تزال ليست مجرّد غلبة سياسية أو تغيير توازن، بل هي تورّط في خيارات تأخذ المنطقة كلها إلى صراعات التفكيك والفوضى الكيانية.
أما رئيس تحرير صحيفة "اللواء" صلاح سلام فقد أورد في افتتاحيته أن التجارب اثبتت ان ما ورد في اتفاق الطائف حول "العلاقات المميزة" والعمل على تنمية اواصر الاخوة بين الشعبين، وعلى اعتبار امن لبنان من امن سوريا، والعكس صحيح، ليست شعارات للاستهلاك، بقدر ما هي اسس وقواعد لعلاقات اخوية متينة، تحفظ اواصر القربى والتكامل بين الشعبين، وتحمي الامن والاستقرار في البلدين. مضيفاً استقرار سوريا هو استقرار للبنان، وان اندلاع الفتنة في سوريا ستصل نيرانها الى لبنان، وبالتالي فإن أي لبناني عاقل لا يمكن الا ان يكون مع كل ما يحفظ للشقيقة سوريا امنها واستقرارها ووحدتها الوطنية، خاصة وان اللبناني يدرك اكثر من غيره، اهمية الحفاظ على تماسك الوحدة الوطنية، وعدم السماح للخلافات السياسية، مهما بلغت حدتها، بزرع بذور الانقسام بين ابناء الشعب الواحد، والبلد الواحد، والذي يدفع اللبنانيون اثمانه غالياً، لانهم وقعوا أسرى هذا الانقسام الاعمى الذي يعطل اللعبة السياسية في البلد . خاتماً بالقول أن" خطاب الرئيس بشار الاسد وضع للحكومة السورية الجديدة المعالجة الجذرية للاضطرابات الحالية في سوريا على سكة الاصلاح بكثير من الواقعية المقرونة بالعزم والحكمة ولعل نجاح المعالجات المتداولة يُعيد الامور بين البلدين الشقيقين الى الهدوء المنشود، الذي يحتاجه كل لبناني وكل سوري يؤمن بقدرية العلاقات الأخوية، والتي تبقى اقوى من كل الازمات".