عاصفة ترابية في "طبس" تفشل عملیه مخلب النسر الامريكي عام 1980
تنا- خاص
ذكرى طبس، أو عمليّة «مخلب النسر»، كما سمّاها الأميركيون، من الذكريات غير السارّة للأعداء وأتباعهم، فإنّ الأمثولة فيها تستحق أن تُستحضر وتستذكر. وأوّل الدروس في منظر الطائرات الأميركية المحطّمة في صحراء طبس الإيرانية .
شارک :
العِبر في مشهد عملیه مخلب النسر.فی صحراء طبس الایرانی لتحریر الرهائن الامریکیین فی طهران : جثث الجنود الأميركيين المتفحمة، هو أنّ جيش العدو، على ضخامته وتجهيزه، لا يخلو من مواطن الضعف، من رأسه المفكر إلى قبضته الضاربة. ولقد طال الفشل والعجز في تنفيذ عملية الإغارة على طهران جميع المشاركين فيها، من الرئيس ومستشاريه، إلى كبار الجنرالات، إلى أصغر الجنود.
هل يتصوّر أحد أنّ العملية التي تابع تفاصيلها الرئيس الأميركي كارتر بنفسه، وقادها الجنرال ديفيد جونز رئيس هيئة الأركان المشتركة، ونفّذها الجنرال جيمس فوت مدير هيئة العمليات والتعبئة، وتواصل إعدادها في البنتاغون خمسة شهور كاملة... ثمّ بعد كل ذلك فشلت المهمّة فشلاً ذريعاً ، لأنّ المخطِّطين نسوا ارادة رب العالمين - و ضمن ما نسوه- البحث في حالة الطقس في يوم الإغارة المشهودة؟!
إنّ مجرّد عاصفة ترابية غير متوقعة من فضل الله تعالى أطاحت بكل تخطيط البيت الأبيض، و«البنتاغون»، و«السي آي إيه» دفعة واحدة. وأحبطت جهود عشرات الطيّارين في سلاح الجو، ومئات من جنود «المارينز»، وقوات الكوماندوس في وحدتي «دلتا» و«رينجرز»، وآلاف البحارة العاملين في حاملة الطائرات «نيميتز»، والمدمّرات والطرّادات المواكبة لها. وفوق كلّ ذلك أفسدت عاصفة التراب الإيرانية حملة جيمي كارتر من أجل نيل ولاية رئاسية ثانية.
دوّن الكولونيل تشارلي بيكويث، وهو قائد القوة الخاصة «دلتا» التي أنيطت بها مهمة تحرير الأسرى الأميركيين في طهران، شهادته عن كل ما جرى أثناء تنفيذ عملية «مخلب النسر»، وضمّنها في كتاب. ويقول بيكويث إنّ جنوده لم يتمكنوا، قبل الشروع في العملية داخل الأراضي الإيرانية، من أخذ أقساط ضرورية من النوم. وكان التوتر والقلق من خطورة العملية العسكرية سبباً كافياً لأَرَقهم. وتكفّل البعوض، أيضاً، بطرد النوم من جفون جنود «دلتا»، فقد كان ينتشر في كل مكان، ويحطّ على كلّ شيء، في قاعدة وادي أبو شحات الجوية، في محافظة قنا المصرية التي اتّخذها الأميركيون مركزاً تتجمّع فيه قواتهم الخاصة، ومحطة ينطلقون منها للإغارة على طهران .
وحينما غادر الجنود الأميركيون «وادي البعوض والأوساخ»، كما سمّاه بيكويث، على متن طائرات «سي 141»، لتنفيذ مهمّتهم في إيران، فإنّ معظمهم كان يعاني من الإرهاق والنعاس، في الوقت الذي يجب على الجميع أن يكونوا في أوج استيقاظهم، وانتباههم. ثم ينتقل الكولونيل تشارلي بيكويث إلى وصف حالة اللخبطة التي أصابت الجنود والطيارين الأميركيين، بعد صدور الأوامر من قيادتهم بإيقاف العملية في صحراء طبس، وإخلاء موقع العمليات فوراً.
فقد أدّى ارتباك الجنود الأميركيين، ومحاولاتهم للانسحاب السريع من إيران، إلى حدوث اصطدام عنيف بين مروحية من طراز «RH-53»، وطائرة شحن ضخمة من نوع «EC-130» محمّلة بقرابة ألف غالون من الوقود. ونتج عن هذا الحادث مصرع ثمانية جنود حرقاً، وجرح عشرات آخرين.
ويروي الكولونيل بيكويث حكاية طريفة تكشف نوعية أداء جنود النخبة الأميركيين، في «قوة دلتا»، ومستوى ذكائهم وكفاءتهم. فخلال عملية إخلاء موقع طبس، كان بعض الجنود يغطّون في النوم بدل مساعدة زملائهم. وحينما حدث الاصطدام بين الطائرتين أفاق الجنود الراقدون، وهم مذعورون من شدّة دويّ الانفجار. وحاولوا الخروج بسرعة من إحدى بوابات الطائرة التي كانوا ينامون داخلها، فوجدوا الدخان والنار يلفّان المكان كلّه. ولم يدرِ أحد جنود العمليات الخاصة ماذا عليه أن يفعل بالضبط. وحسب ذلك الجندي أنّ عملية الإنزال فوق السفارة الأميركية لتحرير الرهائن، قد بدأت. وظنَّ أنّ الطائرة تطير في الجوّ، مع أنها ما زالت رابضة على الأرض. وقرّر الجندي بسرعة أن يتخذ وضعية السقوط الحرّ في الإنزال المظلّي. وقفز من باب الطائرة، وهو يمدّ يديه وساقيه وبطنه. وسرعان ما افترش الجندي الأميركي الأرض بطريقة مؤلمة ومضحكة. وحين سأله أحد رفاقه لماذا فكّر بالقفز مع أنه لا يحمل فوق ظهره مظلة؟ أجاب جندي الكوماندوس الهمام: «لا أدري، لم أفكّر في الأمر. كلّ ما خطر في ذهني هو أن أقفز بسرعة من الطائرة».
خسر الأميركيون خسارة فادحة مادياً ومعنوياً، في عملية «مخلب النسر» ضدّالجمهورية الاسلامية الايرانية، في يومي 24 و25 نيسان 1980. وكان الأميركيون يمنّون أنفسهم بأنهم سينفّذون واحدة من أنجح عملياتهم السرية وأقواها في القرن العشرين، وأنهم سيوجّهون للإيرانيين صفعة سياسية مدوية. وفي نهاية المطاف، لم يتسنّ للأميركيين، في أثناء انسحابهم المرتبك من طبس، أن يسحبوا جثث قتلاهم المتفحّمة، فتركوها على الأرض بين ركام الطائرات المحترقة، ولاذوا بالفرار. ونسي الأميركيون، وهم يهربون، أن يتلفوا بعض أخطر وثائق العملية، فوجد الإيرانيون ملفاً بالغ السرية، في إحدى الطائرات المتروكة، واكتشفوا فيه معلومات دقيقة عن شبكة العملاء المحليين الذين جنّدتهم «السي آي إيه» ليقطعوا الكهرباء عن مدينة طهران في ليلة الإغارة. ثمّ إنّ الجنود الأميركيين، وهم يغادرون ساحة العملية مضطربين، لم ينفّذوا الأوامر الصارمة التي قضت بوجوب التخلص من خمس طائرات من نوع «RH-53» لأنه لم يعد فيها وقود كاف لتشغيلها. فغنم الإيرانيون ما وجدوه في انتظارهم غنيمة سهلة. وما زال بعض تلك الطائرات الأميركية التي تُركت في الصحراء، تعمل إلى اليوم بكفاءة في سلاح الجو الإيراني.
وهاكذا افشلت عاصفة رملية أقوى عملية امريكية في القرن العشرين :
وفي الذكرى السنوية لاكبر عملية عسكرية فاشلة شنتها الولايات المتحدة داخل الاراضي الايرانية مساء الرابع والعشرين من ابريل من عام 1980 في عملية اطلق عليها الاميركان اسم " مخلب النسر".
و اليوم الاحد الذكرى السنوية لواقعة طبس، حيث تحطمت عام 1980عدة طائرات اميركية معتدية في الصحراء، في الوقت الذي كانت تعتزم فيه تنفيذ عملية أطلق عليها البنتاغون اسم "مخلب النسر" وترمي الى تحرير جواسيس السفارة الاميركية في طهران الذين اعتقلهم الطلاب الايرانيون السائرون على نهج الامام الخميني(قىس) ابان انتصار الثورة الاسلامية.
وفي ليلة ۲۴ من ابريل ۱۹۸۰ «الساعة ۱۱ مساء» حلقت اربع مروحيات اميركية من نوع سيكيورسكي من حاملة الطائرات «نيميتز» وعلى اثرها حلقت ست طائرات اميركية «سي ۱۳۰» من عمان ودخلت الاجواء الايرانية وانتهكت السيادة الايرانية . هذه الطائرات دخلت من طرف الحدود الجنوبية.
ثم انطلقت الطائرات الاميركية العملاقة التي كانت مستقرة في مصر وعمان وقطعت مسافة اكثر من «۱۰۰۰» كيلومتر ودخلت الاجواء الايرانية دون أي مانع وهبطت في مطار مهجور بالغرب من رباط خان في صحراء طبس وسط ايران من اجل التزود بالوقود والتنسيق للعمليات من اجل اطلاق سراح الرهائن الاميركان الذين تم القبض عليهم في مقر السفارة الاميركية.
المطار الذي وصلت اليه الطائرات تم تشييده منذ الحرب العالمية الثانية من قبل قوات الحلفاء. وكان الاميركيون وقت الهجوم مزودین بكافة الاجهزة، وقد حدثت عملية الهبوط عند منتصف الليل. وفي هذة الاثناء مرت احدى حافلات الركاب بالقرب من المكان وخشي الاميركان كشف امرهم، لذلك قاموا باحتجاز كافة الركاب واخذهم كرهائن.
وعندما حاول هؤلاء الاقلاع بالطائرة، استنادا لاقوال شهود العيان «ركاب الحافلة المذكورة»، احترقت طائرتين وحدث انفجار هائل اثر ذلك، كما وقعت حوادث اخرى للمروحيات الاميركية. ادى ذلك الى اصدار امر من قيادة الاركان في جيش الولايات المتحدة بوقف العمليات.
واجهت عدد من المروحيات عواصف رملية وفشلت في التحليق جوا، وقد قتل ۹ او اكثر من الذين كانوا في ركاب الطائرتين اللتين انفجرتا. وعند الساعة الرابعة و ۳۰ دقيقة فجرا، غادر المهاجمون الاراضي الايرانية، وتركوا ركاب الحافلة خلفهم.
وفي 25 أبريل 1980،أعلن البيت الابيض عن فشل عملية انقاذ الرهائن. ودان الامام الخميني (ره) مؤسس الجمهورية الاسلامية الرئيس جيمي كارتر، في خطابه بعد وقوع حادثة طبس، قائلاً "ان الله قد انعم على الحكومة الاسلامية بمعجزة العاصفة الرملية".
و عندما تفقد سماحة الامام الخامنئي حطام الطائرات الأميركية في صحراء طبس (وسط ايران).انذالك قائلاً: «فلم تقتُلوهم ولكنّ اللهَ قتلَهم، وما رميتَ إذ رميت ولكنّ اللهَ رمى. ذلكم وأنّ اللهَ موهنٌ كيدَ الكافرين».