تجددت الوقفات الاحتجاجية في أنحاء كندا، الجمعة، للمطالبة باتخاذ إجراءات عملية تحد من جرائم الكراهية ضد المسلمين، حيث تجمع الآلاف في عدة مدن للتنديد بظاهرة الإسلاموفوبيا، وذلك بعد جريمة دهس عائلة مسلمة في السادس من الشهر الجاري بمدينة لندن في أونتاريو.
شارک :
وجاء هذا التحرك بمبادرة دعت إليها الجمعية الإسلامية الكندية (MAC)، بالتعاون مع أكثر من 100 مؤسسة إسلامية ومن منظمات المجتمع المدني، وتم تنفيذه في 11 مدينة، ومنها أوتاوا ومونتريال وتورونتو وفانكوفر، وكذلك كالغاري وإدمنتون وكتشنر، إضافة إلى لندن- أونتاريو التي شهدت الجريمة.
وردا على استفسار من الجزيرة نت، قالت الجمعية الإسلامية الكندية إن الآلاف من أفراد المجتمع تجاوبوا مع دعوتها بشكل متزامن في أنحاء البلاد، "على اختلاف أعمارهم وأعراقهم وأديانهم، وارتدوا اللون البنفسجي تضامنا مع من سقط من المسلمين في نضالهم وحراكهم ضد ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتأكيدا على اتحادهم معا في كل ما فيه الخير لوطنهم كندا".
وأضافت الجمعية أن هذه الآلاف تتوقع من الحكومة ومن الهيئات المنتخبة والتشريعية القيام بخطوات جدية وملموسة لمحاربة الإسلاموفوبيا وما تسببه من حقد وكراهية، والتعامل مع المشكلة من جذورها، وهذا يشمل سن القوانين وتخصيص الميزانيات والتمويل وتغيير السياسات، حسب وصفها.
واعتبرت الجمعية أن الفعاليات تطالب برفض القانون 21 الخاص بمقاطعة كيبيك، والذي ينص على حظر الرموز الدينية، بما فيها الحجاب، كما تطالب بتوفير الحماية الكافية لتجمعات المسلمين ومراكزهم ومساجدهم، والتصدي لأفكار اليمين المتطرف.
ومنذ أسبوعين، تنشط الجالية المسلمة في كندا للتنديد بالجريمة التي دهس فيها شاب متطرف بشاحنته عائلة مسلمة، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة طفل خامس بجراح، حيث شهدت مدينة لندن بعد الجريمة مسيرة حاشدة لمسافة 7 كيلومترات للتنديد بالجريمة، كما أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو أن "هذه المجزرة لم تكن حادثا، بل هجوم إرهابي دافعه الكراهية".
وتتواصل اتصالات المنظمات الإسلامية مع المسؤولين لحث الحكومة على "تنظيم قمة عمل وطنية بشأن الإسلاموفوبيا، تجمع قادة من جميع مستويات الدولة، وتسفر عن رسم خارطة طريق لإنهاء العنف ضد المسلمين"، وفقا لعريضة وقعت عليها أكثر من 50 منظمة.
تجمع مونتريال
وفي ساحة فيكتوريا بمدينة مونتريال، تجمع المئات أمس الجمعة تحت الأمطار للتنديد بتكرار جرائم الكراهية ضد المسلمين، وتحدث عدة ناشطين على المنصة مطالبين الحكومة بالتحرك.
وعلى هامش الوقفة، قال مدير المعهد الكندي للحضارة الإسلامية في مونتريال إياد أبو حامد للجزيرة نت، إنه يجب التعامل مع ظاهرة الإسلاموفوبيا بجدية، حيث سبق أن استنكرت الحكومة هذه الظاهرة ونددت بها، ولكن تكرار الجرائم يعني ضرورة تجريمها قانونيا.
واستنكر أبو حامد وضع المؤسسات الإسلامية تحت المتابعة والتعامل معها بشيء من الريبة، معتبرا أنه يجب التعامل مع هذه المؤسسات على قدم المساواة مع كل المؤسسات الأخرى في البلاد دون تمييز.
وعلى الصعيد الإعلامي، لفت أبو حامد إلى غياب أو نقص التغطية الإعلامية الرسمية للوقفة، مطالبا الإعلام الكندي بأن يكون أكثر موضوعية ومهنية في التعاطي مع قضايا المسلمين.
حالة إرهابية
وخلال الوقفة في مونتريال، قال رئيس المنتدى الإسلامي الكندي سامر مجذوب للجزيرة نت إن هذا التجمع يهدف إلى التذكير مجددا بأن الإسلاموفوبيا لم يعد حالة مرضية بل حالة إرهابية، معتبرا أنها ليست مجرد حالة كراهية وحقد ضد المسلمين بل تطورت إلى العنف وارتكاب المجازر، حسب وصفه.
وأضاف "نحن هنا لنقول إنه من الجيد أن نسمع عبارات التعاطف، وأن يكون هناك اعتراف بوجود ظاهرة الإسلاموفوبيا، وكندا هي البلد الغربي الأول الذي يعترف بذلك، ولكن علينا الآن أن ننتقل من الاعتراف اللفظي والتعبير عن المشاعر إلى الإجراءات العملية".
وأشار مجذوب إلى أن الحكومة الاتحادية برئاسة جاستن ترودو متفهمة بشكل جيد لمطالب المسلمين، لكن كندا دولة كونفدرالية، فكل مقاطعة فيها تحكمها حكومة محلية مختلفة بتوجهاتها وأحزابها عن الأخرى، ما يعني التفاوت في التعاطي العام مع مطالب المسلمين، إلا أنه أعرب عن تفاؤله عموما بالحصول على تجاوب إيجابي.
مطالب الشباب
وفي حديث للجزيرة نت، قالت ممثلة الشباب سلسبيل زايد "نحن هنا كشباب كي نوصل صوتنا إلى صناع القرار وقادة الأحزاب، ولتذكيرهم بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا تنتشر في كندا، وأن عليهم اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للتصدي لها ومعالجة أسبابها".
ولدى سؤالها عن رأيها في الموقف الحكومي، قالت سلسبيل، التي كانت أحد المتحدثين خلال الوقفة، إن الحكومة تأخرت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار هذه الأفعال الإرهابية بعد مجزرة مسجد كيبيك عام 2017.
وطالبت بضرورة ملاحقة وتجريم جماعات أقصى اليمين التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض، لأنها تزرع في عقول الشباب الكراهية والتطرف، معتبرة أن مرتكب المجزرة الأخيرة لم يولد حاملا تلك الكراهية، بل تم زرعها في عقله وهو ما حرضه على ارتكاب الجريمة وهو في سن الثانية والعشرين.