تجاوز رأسا الهرم السياسي والعسكري الإسرائيليان، رئيس الوزراء ايهود اولمرت ورئيس اركان الجيش دان حالوتس، خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان عام ٢٠٠٦، الهدف الاستراتيجي لهذه الحرب، الذي أعلنه أولمرت نفسه خلال خطاب له أمام الكنيست، في ١٧ تموز، بعد خمسة ايام من بدء العدوان الاسرائيلي، وهو تطبيق القرار ١٥٥٩.
وحاول كل من أولمرت وحالوتس التركيز على بعض النتائج التي لم تكن في صلب الاهداف السياسية والعسكرية للحرب، متجاوزين ايضاً الفشل الذي اصاب المشروع الاميركي في لبنان ومنه، بفعل عجز الجيش الاسرائيلي عن تدمير القدرات العسكرية والقتالية لحزب الله.
وبعد مرور ست سنوات على «وقف العمليات القتالية» في العام ٢٠٠٦، اعتبر اولمرت، خلال كلمة له في معهد ابحاث الامن القومي، ان «حرب لبنان الثانية بدأت عندما فقدت اسرائيل قدرة ردعها ولم تعمل كما التزمت». ورأى أولمرت أن إسرائيل «استعادت ردعها بعد هذه الحرب»، مستنداً في هذا القول إلى «الهدوء الذي يسود الجبهة الشمالية منذ ذلك الحين».
وفي محاولة للتنصل من مسؤولية إستهداف العمق الاسرائيلي، جراء قرار الحرب على لبنان، أكد أولمرت أن «من اعتقد انهم لن يستخدموا مطلقا مخزونهم الصاروخي، ولن يطلقوه من الشمال ولا من الجنوب أو أن السوريين لن يطلقوه، فهو مخطئ».
أما في ما يتعلق بتطور المخزون الصاروخي لحزب الله كما ونوعا بعد الحرب، فقد حاول اولمرت الالتفاف على ذلك بالقول «الاختبار ليس في عدد الصواريخ الموجودة في حوزة شخص ما، وانما في ارادته لاستخدامها»، رغم أنه عاد وأقر بأن «ساحة الميدان المستقبلية للحرب ستكون داخل مدننا وليس على أي خط بعيد عن اماكن سكننا، وهذا ما ينبغي
ان نفهمه».
وفي إقرار صريح بأنه لم يعد من المجدي احتلال أي بقعة جغرافية، ضمن استراتيجية حماية العمق الاسرائيلي، رأى اولمرت أن من غير الجدي «الاعتقاد بأن الدفاع بشكل أفضل عن إسرائيل يحتاج الى ٣٠ كلم في الشرق و٣٠ كلم في الشمال»، داعيا الى بناء قدرات «لا تقوم على احتلال الارض، وانما على انتاج الردع عبر استخدام وسائل هجومية خاصة، مع عمل ضمن نطاق المشروعية الدولية التي تشكل عنصراً حيوياً لبناء قوة دولة اسرائيل».
ولدى تناوله العملية العسكرية البرية الواسعة، خلال الايام الاخيرة للحرب، وصف اولمرت اي محاولة تقدم بري ما بعد ثلاثة كيلومترات عن الحدود بأنها «حماقة».
وفي المناسبة والمكان نفسيهما، اعتبر رئيس اركان الجيش دان حالوتس، الذي «استُقيل» بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب، ان الحرب شهدت «انجازات وفشلاً، مثل كل حروب اسرائيل، ولكن تم تقديم حالات الفشل بصورة أكبر». وركز حالوتس في كلمته على انسحاب العام ٢٠٠٠، فرأى ان قرار الانسحاب كان صائباً ولكن «اسلوبه كان خطأ» والامر نفسه ينطبق على «السياسة التي تلته».
وانتقد حالوتس بشكل ضمني ايهود باراك، الذي كان يتولى رئاسة الوزراء في العام ٢٠٠٠، بالاشارة الى انه «قيل، مع الصاروخ الاول سيهتز لبنان، ولكن لم يهتز لبنان، بل هززنا انفسنا».
وحاول حالوتس ان يبرر اخفاقات قوات الاحتلال بعدم استكمال الخطط العملياتية للجيش والتي «كانت في ذروة التغييرات».
واقر حالوتس، تلميحا، بأنه عارض دعوة كبار قادة الجيش إلى الدخول البري الواسع إلى لبنان خلال الحرب، وتوجه الى الذين «يبنون على القتال البري الواسع المدى» محذرا بالقول: «الصواريخ ستصل بسرعة اكبر من سرعة الدبابة». وتساءل: «ماذا بعد السيطرة على لبنان، او سوريا وربما ايضا الاردن، أو العراق، أو ايران؟ هل سيحكم ستة ملايين يهودي الشرق الاوسط؟». واقترح أن يكون «احتلال دول اخرى الخيار الاخير في القائمة».