إعتراف إسرائيلي، هو الأول من نوعه، بأن الجيش الاسرائيلي كان يستخدم عبوات في عملياته الخاصة في لبنان، شبيهة بالعبوات المستخدمة من قبل أطراف لبنانيين، بهدف إظهار عملياته، كجزء من الصراع اللبناني الداخلي.
هي لعنة بلدة أنصارية وكمينها، في عام ١٩٩٧، التي لم تكتف بالخسائر البشرية والمعنوية التي ألحقت بالجيش الإسرائيلي،أو إضطراره إلى تبادل أشلاء جنوده بشهداء وأسرى لبنانيين، بل دفعته لاحقاً، إلى الإقرار بالخرق الإستخباري والتقني للمقاومة، الذي مكّنها من إصطياد جنود النخبة، الشييطت ١٣، في كمين، ما زالت تداعياته السلبية، تتكشّف حتى اليوم.
لعنة إنصارية، وبعد ما يقرب من ١٥ عاماً، عادت لتكشف حقائق، كانت حتى الأمس، مدار تحليل وإستقراءٍ إستخباري وحسب.
أهالي الجنود القتلى، بعد كل هذه السنوات، تقدموا بشكوى لدى المحاكم الإسرائيلية، ضد المؤسسة العسكرية، الأمر الذي أدى إلى كشف جزء من وقائع وأهداف العملية الفاشلة، ومن بينها، إقرار إسرائيلي بأنّ الجنود، كانوا يحملون على ظهورهم، عبوات شبيهة بالعبوات المستخدمة في لبنان، لإبعاد الشبهة عن إسرائيل، والإيحاء بأنّ التفجيرات التي كانت من تنفيذها، ليست إلا عملية تصفية حسابات، بين أطراف داخلية لبنانية.
القناة الاولى في التلفزيون العبري، بثت أمس تقريراً طويلا عن عملية أنصارية، كاشفة جزءاً من تكتيكاتها، ومن بينها وجود عبوات مشغولة ومعدة جيداً، كي تبدو لاحقاً لبنانية، وذلك في سياق مقابلات أجرتها مع أهالي الجنود القتلى، الذين يخوضون صراعاً قضائياً مريراً ضد المؤسسة العسكرية في إسرائيل، إضافة إلى مقابلات أجرتها القناة، مع عدد من الضباط والمسؤولين العسكريين والأمنيين.
وكانت المحكمة الاسرائيلية العليا، قد قررت قبل ثلاثة أشهر، أن يتسلم ممثل عائلات الجنود القتلى، مواد التحقيقات التي أجراها الجيش الاسرائيلي، في اعقاب عملية انصارية، الامر الذي لم ينفذ حتى الان.
وهو ما اضطر العائلات، وتحت ضغط المؤسسة الامنية في اسرائيل، الى استخدام رئيس الموساد السابق، داني ياتوم، من اجل تمثيلهم لدى الجيش، والاطلاع على مواد التحقيق، الامر الذي يتيح له، إبقاء المواد السرية طي الكتمان، بموجب خبرته وتجربته السابقة، بينما يجري إستخدام المواد الاخرى، في سياق الدعوى القائمة حالياً لدى المحاكم الإسرائيلية.
وتشير القناة إلى أن «ما شجع العائلات على خوض الدعاوى والاحتجاجات، وبالتالي النبش من جديد في صفحات التحقيقات المختلفة، هو اعلان (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، أن حزب الله إعترض بثت طائرات الاستطلاع الاسرائيلية، مسبقاً وخلال التخطيط وتنفيذ عملية أنصارية، الامر الذي مكّنه من نصب كمين قاتل لمقاتلي الشييطت».
وكشفت القناة أن العبوات التي أودت بحياة الجنود في أنصارية، كانت ثلاثاً: واحدة تابعة لحزب الله، واثنتان كان الجنود يحلمونهما على ظهورهم. مشيرة إلى أن أحد الضابط الاسرائيليين اشرف لاحقاً على معاينة جثث المقاتلين والشظايا التي كانت في جثثهم، وقد أشار الى ان الشظايا لا تشبه تلك الخاصة بالجيش الاسرائيلي، الامر الذي يعني، وبحسب الضابط، ان مصدرها عبوة معادية، أو «عبوة خاصة بالجيش، أُدخلت لأهداف عملانية»، ومرتبطة بالهدف، وموضوع المهمة نفسه.
بحسب تقرير القناة، فان «أحد التقديرات السائدة في الجيش، يشير الى ان العبوتين، كانتا مشغولتين بصورة تتلاءم مع طبيعة واهداف العملية، اي إن الوحدة المسؤولة عن اعداد وتجهيز العبوتين، أعدّتهما بصورة تتيح تفسير عملية التفجير لاحقاً، على أنها عملية ضمن إطار النزاع اللّبناني الداخلي».
محامي عائلات الجنود القتلى، صموئيل سعدية، أشار الى ان «حادثة» أنصارية، شهدت اربع لجان تحقيق مختلفة، كل منها توصلت الى نتائج مختلفة عن الاخرى: إحداها اشارت الى ان الجنود وقعوا في مصيدة حزب الله، بينما نفت الثانية ذلك، وتحدثت عن رواية «الحظ العاثر»، أما اللجنة الثالثة، فأكدت أن حزب الله تلقى بالفعل معلومات إستخبارية مسبقاً، فيما نفت الرابعة ذلك.
وأعرب رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي السابق، اللواء إحتياط داني ياتوم، عن إمتعاضه من التعاطي مع ملف العملية، مشيراً إلى أن لديه «شعوراً قوياً بأننا لم نصل حتى الان، إلى إجراء تحقيق حقيقي، الأمر الذي يفسر كيف أن كل لجنة تصل إلى إستنتاجات مغايرة للأخرى».