دخل الأسيران الفلسطينيان أيمن الشروانة وسامر العيساوي مرحلة الخطر الشديد بعد أن تجاوزا في إضرابهما عن الطعام أربعة أشهر، ليسجلا رقماً قياسياً جديداً يُضاف إلى أرقام زملاء لهما حطّموها بأمعاء خاوية ووجهٍ شاحبٍ وجسدٍ هزيلٍ إنهار فيه كل شيء... إلا المعنويات.
وكشف رئيس الدائرة القانونية في نادي الأسير الفلسطيني جواد بولس أن الأسيرين في حالة «خطر شديد»، لافتاً إلى أن سلطات الإحتلال الإسرائيلي نقلتهما إلى مستشفى "أساف هروفيه" مساء أمس، وذلك بعد أن "صعّدا إضرابهما المفتوح عن الطعام، وكذلك قاطعا عيادة سجن الرملة".
ويستمر الأسير الشروانة في إضرابه عن الطعام لليوم ١٧٠ على التوالي، وهو في حالة صحيّة حرجة منذُ إعتقاله، فيما يدخل إضراب الأسير العيساوي اليوم يومه الـ١٣٦.
ونقل مركز الإعلام الحكومي الفلسطيني أن الشروانة مضرب عن الطعام إحتجاجاً على إعتقاله مرة أخرى، بعد خروجه في صفقة التبادل التي وقعت بين حركة حماس وإسرائيل العام الماضي، في وقت إتهم الأخيرة بأنها تنوي إعادة محاكمة الشروانة بالعقوبة التي كانت فرضتها عليه قبل الإفراج عنه، وهي السجن المؤبد.
أما بالنسبة للأسير العيساوي فهو، وفق المركز، مضرب عن الطعام للأسباب ذاتها، حيث تريد إسرائيل إعادة محاكمته حسب الفترة ذاتها التي كان حكم بها قبل تحريره في «صفقة شاليط»، وهي ٣٠ عاماً.
من جهته، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، في حديثه إلى "السفير"، إن إسرائيل أصدرت أمراً عسكرياً بعد صفقة التبادل الأخيرة، يقضي بـ«إعادة إعتقال ومحاكمة أي أسير محرّر لأتفه الأسباب». وأوضح: «مثلاً إذا حضر الأسير المحرّر إجتماعاً حزبياً يكون ذلك كافياً بالنسبة لإسرائيل لتعيد إعتقاله، وتحاكمه بالحكم ذاته الذي كان صدر بحقه قبل الإفراج".
وقد أعادت إسرائيل، لغاية الآن، إعتقال سبعة أسرى محرّرين بحجة أنهم «إستأنفوا نشاطاتهم الإرهابية»، وتنوي إعادة محاكمتهم بالأحكام السابقة التي صدرت بحقهم.
ويرافق إضرابَيْ الشروانة والعيساوي مجموعة إضرابات أخرى ينفذها ثلاثة أسرى فلسطينيين هم جعفر عزالدين وطارق قعدان ويوسف سعدان، والثلاثة كانوا قد بدأوا إضرابهم في الـ٢٧ من الشهر الماضي، وهو مستمر حتى الآن، إحتجاجاً على إعتقالهم الإداري.
وخاض الأسرى في فلسطين على مدى سنوات طويلة حوالى ٢٥ إضراباً عن الطعام، كان أولها في العام ١٩٦٩ وأطولها في العام ١٩٧٦ حيث إستمر لمدة ٤٥ يوماً، وشمل جميع الأسرى في المعتقلات، فيما كان آخرها هذا العام حيث إنطلق بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان، وإستمر لمدة ٢٨ يوماً.
وخلال العام الماضي إنطلقت سلسلة إضرابات فردية تخطى خلالها الأسرى كل الأرقام القياسية. وكان القيادي في الجهاد الإسلامي الشيخ خضر عدنان هو من قاد هذه الإضرابات، بعد أن توقف عن الطعام مدة ٦٥ يوماً إحتجاجاً على الاعتقال الإداري.
وبعد خضر عدنان أضرب ١٤ أسيراً إضرابات فردية تجاوزت الشهرين في أقلها وإقتربت من ٦ أشهر في أقصاها، كما هو حال الأسير الشروانة. وإنتهت معظم الإضرابات بتحقيق مطالب الأسرى المضربين كما حصل مع حسن الصفدي، سامر البرق، أكرم الريخاوي، محمود السرسك، بلال ذياب، ثائر حلاحلة، هناء الشلبي.
وتستخدم إسرائيل ما تسميه الإعتقال الإداري لسجن أي شخص من دون تهمة، حيث يُعرف هذا الإعتقال بأنه يتمُّ إستناداً إلى ملف سري بين النيابة والقضاء العسكريين لا يطلع عليه الأسير الفلسطيني ولا محاميه، ويمكن تجديد هذا النوع من الإعتقال إلى أجل غير مسمى حسب رغبة إدارة السجن الذي يقبع فيه الأسير الفلسطيني.
وفي سياق متّصل، تستضيف العراق المؤتمر الدولي للتضامن مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذي شهد تضامناً واسعاً مع الأسرى في وقت حذّر المشاركون إسرائيل من المضي في الإنتهاكات التي تقوم بها بحق المعتقلين.
لضرورة تشكيل لجنة قانونية لإستثمار الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، وإستخدام كل الآليات والأدوات القانونية لحماية حقوق الأسرى وفي المناسبة، شدّد وزير الأسرى والمحررين الفلسطيني عيسى قراقع على ضرورة تشكيل لجنة قانونية لإستثمار الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، وإستخدام كل الآليات والأدوات القانونية لحماية حقوق الأسرى، وذلك من خلال الانضمام للاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
كما طالب قراقع بتقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار رأي إستشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين، والإلتزامات القانونية الناشئة بشأنهم وإلتزامات المجتمع الدولي لمواجهة الانتهاكات والخروقات.
وفي كلمة له، أكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية بالنسبة للعرب منذ أكثر من ستة عقود، معتبراً قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع تمثيل فلسطين إلى دولة بصفة مراقب في المنظمة الدولية خطوة مهمة على طريق تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
بدوره، دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المجتمع الدولي إلى التحرك بفاعلية لإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين و«فكّ قيد الأراضي الفلسطينية».