المتواطئون عبارة عن حزب البعث المتحالف مع القاعدة والوهابيين التكفيريين وكتلة العراقية وكتلة متحدون بقيادة الاخوين النجيفي والدول الداعمة لهم يعني السعودية وقطر وتركيا .
شارک :
د. عبد الخالق حسين بدءً أود التوضيح والتوكيد، أن ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ما هو إلا جيش الحرس الجمهوري الذي أسسه حزب البعث بعد اغتصابه السلطة عام ١٩٦٨. وقد حافظ صدام حسين على قوة هذا الجيش، فلم يزجه في حروبه العبثية، و جهزه بأرقى الأسلحة والتكنولوجية، والتدريب، والولاء الأيديولوجي، والانضباط العسكري، وكانت مهمة هذا الجيش حماية السلطة البعثية من الشعب.
والجدير بالذكر أنه منذ سقوط حكم البعث وإلى الآن لم يقم البعثيون بأية عملية إرهابية باسم حزبهم، بل ارتكبوا جميع أعمالهم الإرهابية ضد المواطنين بأسماء تنظيمات إسلامية وهمية مثل: جند الإسلام، وجيش محمد، وجيش النقشبندية، وأخيراً استقروا على اسم (داعش). يعتقد البعض في الإعلام الغربي أن داعش هي فرع من القاعدة، وهذا خطأ، فداعش ليست فرعاً من القاعدة بل في تحالف مع القاعدة.
فحزب البعث يمتاز بالقدرة الفائقة على التلون والتقلب في سياساته، وعقد تحالفات مع جهات تختلف كلياً مع أيديولوجيته و حسب متطلبات الوقت والمرحلة. لقد تحالف في السبعينات مع الشيوعيين، وفي السنوات الأخيرة من حكمه، أعلن صدام الحملة الإيمانية، وبعد سقوط حكمه تحالفت فلوله مع القاعدة الوهابية.
فالبعث ليس حزباً سياسياً بالمعنى المتعارف عليه، بل هو عصابة مافيوية سرية هيمنت على السلطة بطرق غير مشروعة، مثل التآمر والانقلابات العسكرية، وبدعم من الاستخبارات الأجنبية في ظروف دولية معقدة كالحرب الباردة. لذلك سميت سلطة البعث بـ(دولة المنظمة السرية).
والبعث لم ولن يتردد في توظيف أخس الوسائل خبثاً ولؤماً من أجل الحفاظ على سلطته إذا كان في السلطة، أو استرجاعها إذا كان قد طرد منها كما هو الآن. فهو يدعي العلمانية ولكنه راح يعزف على الوتر الطائفي لإشعال الفتنة الطائفية ودغدغة مشاعر أهل السنة لكسب عطفهم واستغلاهم من أجل العودة للاستيلاء ثالثة على السلطة.
وبهذه الطرق نجح البعث في كسب شريحة واسعة من السياسيين السنة، خاصة وأن معظم هؤلاء كانوا، وبعضهم مازالوا، أعضاء في عصابة البعث. وقد استفاد هؤلاء من مشروع المصالحة، وحكومة الشراكة الوطنية، فشاركوا في السلطة من أجل تدميرها من الداخل. وأفضل مثال هو كتلة العراقية بقيادة أياد علاوي (البعثي السابق)، الكتلة التي ضمت كيانات سياسية سنية يقودهم علاوي (الشيعي) للتغطية بأن هذه الكتلة علمانية وضد الطائفية.
دور الأخوَين النجيفي في تسليم الموصل إلى داعش بترأس السيد أسامة النجيفي تكتل سياسي باسم (متحدون) ضمن كتلة العراقية (سابقاً)، وأخوه السيد أثيل النجيفي، محافظ نينوى (الموصل). وبات معروفاً لدى القاصي والداني كيف استغل السيد أسامة النجيفي منصبه كرئيس للبرلمان، في تعطيل إصدار القوانين، ومنها قانون الموازنة لحد الآن، بغية شل عمل الحكومة. كما و رفض تنفيذ قرارات السلطة القضائية في رفع الحصانة البرلمانية عن ١٧ نائباً متهمين بتهمة الإرهاب والفساد. كذلك نعرف دور نواب كتلته (متحدون) وعددهم ٢٢ نائباً، في الدفاع عن (داعش) وجرائهما في محافظة الرمادي، حيث أعلنوا استقالتهم الجماعية من المجلس احتجاجاً على إرسال الحكومة القوات المسلحة لحماية السكان العزل في الفلوجة والرمادي من إرهاب داعش والقاعدة. كما وطالب الشقيقان ونواب كتلتهما (متحدون) رئيس الوزراء السيد المالكي بسحب القوات المسلحة من الموصل والرمادي والفلوجة، وذلك لتسهيل دخول الداعشيين إلى هذه المدن بسلام آمنين.
ولحد وقت قريب كان كل قادة الكيانات السياسية في كتلة (العراقية)، ينفون أصلاً وجود تنظيم إرهابي باسم (داعش)، وينكرون حتى وجود الإرهاب في محافظات المنطقة الشمالية الغربية، بل أدعوا أن ما يجري في هذه المناطق هو انتفاضة شعبية يقوم بها أهل السنة ضد ظلم وتهميش المالكي لهم. ويا للمفارقة، أن هذه الاسطوانة المشروخة رددها حتى قياديون في حزب السيد عمار الحكيم مثل الدكتور أحمد الجلبي الذي يحلم بمنصب رئاسة الحكومة.
وبعد أن طالب شقيقه (أثيل) بإخراج الجيش من الموصل وتسليمه مفاتيح المدينة إلى داعش، طالب أسامة النجيفي بإجراء تحقيق في ازمة نينوى ومحاسبة القيادات العسكرية التي اهملت واجبها !! وفي هذه المرة راح يطالب بتدخل الجيش لإنقاذ الموصل من الإرهابيين بدلاً من الاعتراض على “زج” الجيش في الحفاظ على الأمن.
كما وبات دور الطائفية في هذه الأزمة واضحاً إذ صرح المدعو [(ناجح الميزان) الذي يعتبر نفسه شيخا قبليا، وسياسيا معارضا، ومستشاراً لأسامة النجيفي، قائلاً: ان "الحكم لنا نحن السنّة وليس للشيعة، ولن نسكت حتى يعود الحكم لنا" واعتبر أن "الحكم للسنة و هم من حكموا العراق طيلة القرون الماضية ولا نسمح للشيعة باختيار رئيس الوزراء"، ما يعني رفضه للعملية الديمقراطية ونتائج الانتخابات.]
وهذا الكلام الصريح الخطير بدون لف أو دوران، يفضح جميع الإدعاءات بأن معارضة السياسيين في المناطق الغربية للمالكي هي لأنه يهمش السنة ويظلمهم، بينما الحقيقة هم الذين يرفضون أن يكون للشيعة أو أي مكون آخر من غير العرب السنة، دور في المشاركة الحقيقية في السلطة واختيار رئيس الوزراء.
وبناءً على ما تقدم، نستنتج أن ما حصل في الموصل يوم الإثنين ٩/٦/٢٠١٤ من احتلال داعش للمدينة بشكل كامل كان تتويجاً لتآمر وتخطيط متقن شاركت فيه جهات عديدة، منها حكومات أجنبية (تركيا والسعودية وقطر)، انتهت بتسليم محافظ نينوى مفاتيح المدينة إلى داعش بما فيها من مطار وطائرات وأسلحة وأموال لا تقدر، ونحو ٥٠٠ مليار دينار في بنك المدينة، كلها أصبحت تحت تصرف داعش. أما الإدعاء بأن أثيل هرب مع حمايته، فهذا مجرد للتغطية ومسرحية بائسة. فلو كانت الحكومة المحلية برئاسة أثيل النجيفي حقاً ضد الإرهاب لما ألح بسحب القوات المسلحة من المدينة.
كذلك، وبعد خراب البصرة، وفوات الأوان، وللتغطية أيضاً، عقد أسامة النجيفي مؤتمراً صحفياً يوم أمس (١٠/٦/ ٢٠١٤) أعترف فيه لأول مرة بوجود منظمة إرهابية باسم داعش، وطالب الحكومة بإرسال القوات المسلحة لإنقاذ الموصل وبعد أن سلمها أخوه إلى داعش.
والسؤال الملح هنا، وبعد كل هذه الكوارث، هل سينتبه السياسيون العراقيون إلى الحاجة الماسة لنبذ خلافاتهم الشخصية جانباً، وتوحيد جهودهم وصفوفهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العراق الجريح؟ ألا تؤكد كارثة الموصل والكوارث الأخرى أن كل الشعب العراقي، وبمختلف مكوناته هم في سفينة واحدة، إن غرقت غرقوا جميعاً، وإن نجت نجوا جميعاً؟ فهل من مجيب؟ أم أنهم “صم بكم عميٌ فهم لا يفقهون”؟