التاريخ لا يُقرأ بعاطفة، لأنّ في جانبها الايجابي (المحبة) أو السلبي (الكراهية) تُعمي وتُصم، وإذا استحكمت بالإنسان منعته من الرؤية الصحيحة للأحداث، ولذا فانّ القراءة التحليلية لأحداث التاريخ انما تكون ناجحة بمقدار ابتعادها عن المنحى العاطفي في تفسير الأحداث، واعتمادها المنهج النقدي الموضوعي. هذه القراءة المشوبة بالعاطفة هي التي: (جعلت بعض الخطوط الاجتهادية تنفتح على بعض المفردات الموجودة لدى هذا الفريق أو ذاك الفريق لتسارع إلى وضعها في سياق الكفر، ثم تعمل للبناء على النتائج التي تترتب على هذا الكفر المفترض من إبعاد إلى نفي وإقصاء، وصولاً الى ما هو أبعد من الطرد والرفض في الرأي أو ما الى ذلك.هذا مع العلم ان المجالات الاجتهادية تفرض عدم الحكم بالتكفير الا من خلال إنكار الثوابت الأساسية بشكل مباشر.أما إنكار الضروري من الدين فلابد من تتبع مضامينه وخلفياته ) .
وقد أدى في نهاية المطاف إلى انقسام حاد في أدبيات الثقافة بين المذهبين الكبيرين الشيعي والسني، في حين يؤكد الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمة الله على ان أولويات عناصر القوة هو بالرجوع الى التمسك بوحدة السنّة النبوية، قال: ( لا يجوز لفقيه ان يقتصر في تعامله مع السنّة النبوية على ما ورد من طريق أهل البيت عليهم السلام فقط ويهمل كل ما روي عن طريق الصحابة.كما لا يجوز لفقيه ان يقتصر في تعامله مع السنة النبوية على خصوص ما روي من طريق الصحابة فقط ويهمل إهمالاً مطلقاً ما روي من طريق أهل البيت عليهم السلام.وهذه هي إحدى العُقد الأساسية في عملية التقريب بين المذاهب الإسلامية ...) .
بيد أنك تجد جملة وافرة من علمائنا من اهتم بالأخذ مما في كتب المذاهب الإسلامية المختلفة، فلقد استعان الشيخ محمد جواد البلاغي في دراساته وبحوثه بأعمال أهم أعلام أهل السنة ورموزهم الدينية، وهو ان دلّ على شيء فانّما يدل على تبنّي العلامة لنهج تقريبي في آثاره ودراساته ومن هذا المنطق، نعتقد بأنّ دراسة الاتجاه التقريبي في آثار العلامة سيساعد كثيراً في إشراق صورته المشرقة أصلاً. كذلك نجد الشيخ إبراهيم الجناتي فقيه معاصر يدرّس الفقه والأصول وعلوم القرآن وعلوم الحديث بشكلها المقارن في مدينة قم، ويعتبر الشيخ الجنّاتي من أول الشخصيات العلمية في مدينة قم المقدسة الذين يقومون بتدريس الفقه والأصول وعلوم الحديث وعلوم القرآن بصورة مقارنة من وجهة نظر اثنين وعشرين مذهب إسلامي، من مائة وثمانية وثلاثين رأياً فقهياً وردت في تاريخ الفقه الإسلامي . الشيخ حسين المصطفى صحيفة الوطن الكويتية