في ظل الهوان العربي، والتخاذل الفلسطيني الرسمي، وصمت ما يسمى بمعسكر دول الممانعة، من حق نتنياهو ان يتشدد ويتدلل ويفرض شروطه، ويواصل عمليات ابتزازه، فهو يدرك جيدا انه سيحصل على كل ما يريد في نهاية المطاف وزيادة.
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : عندما يتم اختصار القضية الفلسطينية في مسألة تجميد الاستيطان في الاراضي المحتلة لمدة ثلاثة اشهر اخرى لخلق الاجواء الملائمة للمضي قدما في عملية السلام، مثلما يطالب العديد من زعماء العالم حاليا ومن بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فان علينا ان لا نتوقع خيرا من هذه العملية التفاوضية ولا المشاركين فيها ولا الجهات الراعية لها.
الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة جريمة، بل هو جريمة حرب، تشكل انتهاكا لكل المعاهدات الدولية، ومطالبة مجرم الحرب، او بالاحرى التوسل اليه لتجميد ارتكاب جريمته هذه بضعة اشهر، استخفاف واضح بكل القوانين والمعاهدات الدولية من العيب القبول به والسكوت عليه.
العالم بأسره يرجو بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي ويستعطفه تمديد قراره بتجميد الاستيطان لاشهر اخرى، فيرد الرجل على هذا الاستعطاف بالصمت والتجاهل معا، وكأنه يقول لهذا العالم انا لست معنيا بكم ولا بآرائكم، وسأمضي قدما في تعهداتي بعدم التمديد، وسأعطي الضوء الاخضر للمستوطنين باستئناف الاستيطان بالوتيرة نفسها.
ومن الخطأ الفاحش القول ان نتنياهو بعد استمراره في تجميد الاستيطان انما يقدم مصالحه السياسية الداخلية، والحفاظ على ائتلافه اليميني على وجه الخصوص على أمن واستقرار المنطقة، بل والعالم، فنتنياهو في الاساس هو الاكثر حماسة للاستيطان، والاحرص على استمراره، والاستيلاء على اكبر قدر ممكن من الاراضي الفلسطينية، واكمال تهويد القدس المحتلة، ومن يقول غير ذلك يغالط نفسه، ويحتقر ذكاء الآخرين ايضا.
نتنياهو يبتز العالم بأسره، والولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص، من خلال رفضه تجميد الاستيطان، فتارة يطالب بالافراج عن الجاسوس الاسرائيلي الامريكي الجنسية جوناثان بولارد المحكوم بالسجن المؤبد في امريكا. وتارة اخرى يطالب العرب بالاعتراف بيهودية اسرائيل، والتطبيع الفوري معها لاثبات حسن النوايا تجاهه وتجاهها.
الابتزاز الاسرائيلي ليس جديدا، والرضوخ الامريكي له متوقع هذه المرة مثلما حدث في كل المرات السابقة، ولكن المزعج والمؤلم في الوقت نفسه ان يرضخ له العرب بضغوط امريكية، بحيث يدفع الشعب الفلسطيني الثمن من ثوابته الوطنية، مثل التفريط بالقدس وحق العودة للاجئين والاعتراف بالتمدد الاستيطاني الاسرائيلي كحقيقة واقعة.
وزراء الخارجية العرب الذين قرروا الاجتماع يوم الرابع من شهر تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، اي بعد اسبوع من الآن، يستعدون للتنازل عن شرط تجميد الاستيطان لمواصلة المفاوضات المباشرة، وارادوا كسب الوقت ريثما تهدأ الضجة قليلا من اجل تمرير هذا التنازل.
الجانب الفلسطيني الذي اقسم باغلظ الايمان بالانسحاب من المفاوضات المباشرة في حال بناء وحدة سكنية واحدة في مستوطنات الضفة والقدس المحتلتين، يستعد للحنث بهذا القسم، وبات يتطلع الى غطاء عربي آخر للمضي قدما بالمفاوضات المباشرة تحت ذريعة عدم اغضاب الولايات المتحدة، وتحمل مسؤولية انهيار العملية السلمية.
في ظل هذا الهوان العربي، والتخاذل الفلسطيني الرسمي، وصمت ما يسمى بمعسكر دول الممانعة، من حق نتنياهو ان يتشدد ويتدلل ويفرض شروطه، ويواصل عمليات ابتزازه، فهو يدرك جيدا انه سيحصل على كل ما يريد في نهاية المطاف وزيادة. القدس العربي