تاريخ النشر2010 1 October ساعة 00:00
رقم : 27159

لماذا إسرائيل ضد السلام؟

لماذا إسرائيل ضد السلام؟
وكالة انباء التقريب (تنا) :
عندما كان ثلاثة رؤساء بينهم الرئيس مبارك وملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل يجتمعون قبل أيام فى البيت الأبيض لإطلاق جولة محادثات جديدة فى أجواء متفائلة تفتح الطريق أمام مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين حول تجميد المستوطنات والدخول فى مباحثات نهائية للسلام، على أمل أن يتم إعلان الدولة الفلسطينية خلال عام كما وعد أوباما.. لم يكن الرأى العام الإسرائيلى يبدى اهتماما بما يجرى ولا بما سيسفر عنه هذا اللقاء. وكتب تامارا هيرمان أحد علماء السياسة الإسرائيليين فى نيوزويك يقول إن الفلسطينيين لم يعد ينظر إليهم كتهديد استراتيجى لإسرائيل، بل مجرد مصدر للضيق ليس أكثر!

وبعبارة أخرى فإن إسرائيل لم تعد تعبأ بما يتردد من أقاويل عن السلام ولا هى مستعدة للتضحية بشىء فى سبيله، فالشعب الإسرائيلى يعيش فى رخاء ودعة. وقد أصبحت إسرائيل مركزا للتقدم التكنولوجى وازدهار صناعات الهاى تك على غرار وادى السليكون فى أمريكا. وليس غريبا أن تصبح قضية المستوطنات
حجر عثرة، إذ إن الثروة العقارية الناجمة عن حركة البناء الهائلة فى كل خرم من الأراضى الفلسطينية التى يتم الاستيلاء عليها بالقوة أحدثت حالة من الرخاء غير المسبوق، فتح شهية الإسرائيليين للاستيلاء على مزيد من الأراضى وإقامة الأسوار العازلة التى أبعدت الشعور بخطر الفلسطينيين، ليحل محله الانشغال بالخطر الإيرانى وتنويعاته فى حزب الله وحماس. وأكبر الظن أن كل هم نتنياهو فى واشنطن لم يكن غير كيفية احتواء الخطر النووى الإيرانى وكسر شوكته فى المنطقة، والحصول على السلاح الأمريكى لحصار إيران ومشاغبتها.

وقد كان واضحا منذ البداية لكل ذى عينين فى مؤتمر شرم الشيخ الذى انعقد قبل لقاء واشنطن، أن إسرائيل لن تتراجع عن الاستيطان بعد انتهاء فترة تجميده فى ٢٦ سبتمبر. بل سيظل سلاحا فى يد نتنياهو لاجبار الفلسطينيين على الخضوع الكامل للمطالب الإسرائيلية. وانزال اليأس فى قلوبهم. والتلاعب بأعصاب أوباما ومبارك وحسين وإيهام المجتمع الدولى بأن تجميد المستوطنات مسألة وقت ولا تحول دون إجراء المفاوضات. والمعروف أنه لا ألمانيا ولا إيطاليا ولا فرنسا تملك من النفوذ والتأثير على نتنياهو لتغيير موقفه. بل ان التحالف الاستراتيجى الذى أبرم بين نتنياهو وميركل بداية العام قد أدى إلى احتضان ألمانيا للسياسات الإسرائيلية. ولذلك كانت الزيارات الطائرة إلى ألمانيا وإيطاليا بدون جدوى!

وبينما تمسك نتنياهو منذ البداية بحق إسرائيل فى استئناف بناء المستوطنات بعد انتهاء تاريخ تجميدها، رفض الالتزام فى مباحثاته مع أوباما ومبارك وحسين فى الالتزام بأى قيد. وبدا نفاق أوباما
وضعفه حين أيد نتنياهو فى الضغط على أبومازن للدخول فى المفاوضات المباشرة دون وقف الاستيطان. وبدا تردد أبومازن حين تصرف كالماعز أمام محكمة الضباع وقال إنه مستمر فى المفاوضات رغم عدم إعلان وقف تجميد المستوطنات.

ما الذى يستطيع أبومازن أن يفعله؟.. نتنياهو لا يسأل أحدا بل يمضى فى طريقه دون انتظار أو اعتذار. أما أبومازن فهو يطلب عقد اجتماع لجنة المتابعة العربية ليحصل على تفويض جديد بتقديم مزيد من التنازلات التى لم يبق منها شىء. أما أقصر وأشرف الطرق وهو تسريع جهود المصالحة بين فتح وحماس، وإعادة الوحدة للشعب الفلسطينى ونزع جذور الانقسام بين الفصائل، واستعادة روح المقاومة ــ ولا نقول المقاومة ــ إلى تفكير القيادات الفلسطينية المهزومة داخليا وخارجيا.. فهى أبعد ما تكون عن خاطر القيادات الفلسطينية. ومازال أبومازن يتجول بطائرته فى أنحاء العالم، يذكرنا بالأيام الأخيرة لعرفات.

لن يفعل أوباما فى الوقت الحالى أكثر مما فعل حتى الآن بإلقاء خطبة فى الأمم المتحدة أو الإدلاء بتصريح عن الحاجة إلى حل عقدة المستوطنات وبدء المفاوضات. فكل الدلائل تشير إلى أنه يواجه مقاومة شديدة من الجمهوريين فى موسم انتخابات التجديد النصفى. وأنه فقد كثيرا من التأثير الشعبى الذى جاء به إلى البيت الأبيض. مما سيشجع إسرائيل على مواصلة سياستها دون اكتراث.
سلامة أحمد سلامة

جريدة الشروق المصرية
https://taghribnews.com/vdcf1yd0.w6detaikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز