وكالة تنا - المجلس العام للبنوك و المؤسسات الإسلامية
شارک :
في أعقاب الأزمة المالية تعالت الأصوات المنادية بسبل الخلاص والخروج من الأزمة، وكان من أهمها ضرورة تفعيل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.. وبالفعل بدأنا نجد عددا من المؤسسات المالية التجارية التقليدية تبادر إلى إنشاء إدارات خاصة بتمويل القروض لهذه المؤسسات وأصحاب الأفكار المقبولة استثماريا واقتصاديا.. ثم بدأت بعض المصارف الإسلامية – من تلقاء نفسها وتحت ضغوط المتخصصين والجمهور – بالإعلان عن دعمها للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.. ولكن في الحقيقة لم نكد نرى شيئا يُذكّر على صعيد التطبيق العملي لهذا الدعم – إلا ما ندر -.
وعند التمحيص في الأمر وجدنا المؤسسات المالية الإسلامية لم تتجه إلى دعم حقيقي واستثماري لهذه المشاريع، وإنما اكتفت بتسميته دعما للمشاريع، في حين ما زال كما هو على أساليب التمويل الأخرى المعتمدة على الأساليب المعهودة في التمويل والمديونية والسداد..
ولذا لم نجد جديدا يُذكّر، ولكن ما زلنا ننادي ونتأمل الاستجابة من هذه المؤسسات - التي نرى عملَها قربةً إلى الله بتوفير البديل الاستثماري والمصرفي الإسلامي – أن تتجه اتجاها وتوجُّها حقيقيا لدعم هذه المشاريع وذلك بالدخول في شراكات استثمارية حقيقية مع أصحاب هذه المشاريع..
ومن المعلوم لدينا في دراسات الجدوى الاقتصادية والاستثمارية ومعايير الربحية أن هناك معايير لقياس العائد المتوقع والتدفقات الداخلة إلى التكاليف التأسيسية والتشغيلية والتدفقات الخارجة، كذلك معايير قياس العوائد إلى المخاطر، وفي ظل نواتج هذه المقاييس يقرر المستثمر الإقدام على تنفيذ المشروع من عدمه..
ولكن الواقع الذي يلاحظه المراقبون يشير إلى أن هذه المؤسسات المالية قد ضربت بوجه الحائط كافة المعايير المعمول بها لدراسة الجدوى الاستثمارية، واكتفت بتمويلات لا تترتب عليها إلا مخاطرة سداد المديونيات فقط..
وهذه نقطة ارتكازٍ يجب على مؤسساتنا المالية أن تنتبه لها لتنطلق إلى نقطة ارتقاء حقيقي وتمويل استثماري حقيقي لا تمويل شبه نقدي.. وهذا لاشك أنه يضيف أنواعا من المخاطر على كاهل المؤسسات المشاركة، ولكنها وفق معايير الجدوى ستكون أكثر ربحية بالتناسب إلى المخاطر المتنوعة..
*المشرف العام على موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي