في هذه الأيام تمر علينا ذكرى تتناقلها الأجيال كي تنير لنا طريق الثبات على الحق. كلمات في يوم عاشوراء لأحب بيت على قلوبنا قد عشقناه إلى يوم الدين، بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام وآله ومن والاه، كلمات في ذكرى استشهاد الحسين(ع) بين يدي الحسين(ع).
شارک :
الحسين(ع) سفينة النجاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه
من الأسير العميد محمد عدنان مرداوي في سجن النقب الصحراوي
في هذه الأيام تمر علينا ذكرى تتناقلها الأجيال كي تنير لنا طريق الثبات على الحق. كلمات في يوم عاشوراء لأحب بيت على قلوبنا قد عشقناه إلى يوم الدين، بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام وآله ومن والاه، كلمات في ذكرى استشهاد الحسين(ع) بين يدي الحسين(ع).
إن الثبات على المبادئ النبيلة هو أقدس واجبات الأمة، لأنها تحقق أهدافها وتعزز قيمها الحضارية وتحفظ مكانها اللائق بين الأمم. ولربما لم تعرف البشرية في تاريخها المديد أكمل وأمثل وأفضل من المبادئ التي قاتل لأجلها الإمام الحسين(ع) سبط النبي(ص)، لأنها باختصار شديد هي مبادئ الاسلام المحمدي الاصيل بكل تفاصيلها النبيلة التي تحفظ كرامة الانسان.
لقد كان ثبات الامام الحسين(ع) في دفاعه عن قيم الاسلام واضحًا، دل ذلك على استشهاد الحسين(ع) نفسه وهذا معروف في التاريخ عند اصحاب المبادئ، ولكن تفرد الحسين(ع) ظهر بدفاعه عن القيم السماوية المحمدية باطفاله وأولاده ونسائه وعترة النبي ومن بقي من اصحابه، ورغم ما عرض له من طرق النجاة التي تحقن دمه ومن معه وتضمن حياته مقابل أن يداهن الظالمين، الا أنه رد قائلا: "والله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد وإني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما".
لقد ظل ثابتا عليه السلام رغم حصاره والثلة المؤمنة معه وعطش أطفاله ونسائه وآلاف الجنود المدججين بالبغي والظلم وهو يقول والله ما خرجت أشرًا ولا بطرًا، وإنما أردت الإصلاح في أمة جدي.
أتباع منهج الحسين(ع):
في ظل طغيان المذهبية الدينية التي يغذيها أعداء الأمة بجهل من أبناء الأمة أصبح الحديث عن الحسين(ع) وآل النبي(ص) شبهة يرمى بالتشيع كل من يتحدث فيها، وبعيدًا عن تباينات آراء المذاهب والطوائف والفرق وأئمتها لا بد من التأكيد على التالي:
١. الحسين(ع) هو بضعة النبي(ص) بالمفهوم الشامل للكلمة، وليس بالمفهوم البيولوجي، قال النبي(ص): حسين(ع) مني وأنا من حسين(ع)، أي أن حسينًا(ع) من محمد(ص) الرحمة والهداية والنور والسراج المنير والبشير النذير والهادي، وكل ما كان لمحمد(ص) فللحسين(ع) بضعة منه باستثناء الوحي والنبوة.
٢. الحسين(ع) عدل القرآن أي مساوٍ له بالهداية لقوله (ص) ألا إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وعترتي آل بيتي.
٣.الحسين(ع) منجاة لمن تبع خطاه لقوله (ص) مثل آل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها فقد نجا ومن تخلف عنها غرق.
٤.الحسين(ع) إمام وسيد بالمفهوم العميق والشامل لتلكما الكلمتين بالقيادة والريادة والسيادة والقدوة والنهي، وقال الرسول(ص) الحسن(ع) والحسين(ع) إمامان قاما أو قعدا، والحسن(ع) والحسين(ع) سيدا شباب أهل الجنة، وعليه وجب علينا كمؤمنين أن نسير على نهج الحسين(ع) الذي هو التزام كامل بحدود الله وموازين الشريعة واحكام الدين في كل شؤون الحياة.
علاقة المؤمنين بالامام الحسين(ع) ليست تغنيًا ببطولته أو حبًا باردًا أو ارتباطًا وجدانيًّا، بل هي علاقة الامام بالمأموم والتابع بالمتبوع والقائد بالجندي، وما لم تحضر قيم الحسين(ع) وأخلاقه في سلوكنا وتفاصيل حياتنا فإننا نخدع أنفسنا بقولنا إننا من أتباع الحسين(ع).
فالحياة مزيج من الخير والشر والهداية والضلال، وهنا يأتي الامتحان، لذا، على المؤمن معرفة طريق الهداية والحق أولا، ولن تتم المعرفة إلا باتباع الميزان الذي وضعه النبي(ص) وهو كتاب الله وسنته وعترته الطاهرة والتي يمثل الحسين(ع) درة تاجها.
الهدي النبوي تجاه الحسين(ع):
زخرت كتب السنن بأقوال النبي(ص) بحق الحسين(ع)، فالحسين(ع) احتل الصدارة عند جده وكان محط محبته وهو سبطه وريحانته. قال صلى الله عليه وسلم بعدما سأله ايوب الانصاري: وكيف لا أحبهمها؟ يقصد الحسن(ع) والحسين(ع)، وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما، وقال (ص): الحسن(ع) والحسين(ع) ابناي من أحبهما أحبني ومن أحبني أحبه الله ومن أحبه الله فقد أدخله الجنة ومن أبغضهما ابغضني ومن أبغضني ابغضه الله ومن أبغضه الله أدخله النار.
خلاصة القول:
حب الحسين(ع) سبب في حب الله لك، وفي دخول الجنة، أما بغض الحسين(ع) فسبب في بغض الله لك ودخولك النار.
الحسين(ع) إمام وسيد وجب علينا اتباع هديه ونهجه. نسأل الله أن يجعلنا ممن يحب حسينًا ويموت على حبه، ويقتفي أثره ويحشرنا على حوض جده صلى الله عليه وآله.
عاشوراء 1443