أثيرت التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه قطر لحل الملف النووي الايراني، وعموم التوسط بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين وزيري خارجية ايران وقطر الثلاثاء الماضي.
شارک :
صالح القزويني
أثيرت التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه قطر لحل الملف النووي الايراني، وعموم التوسط بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين وزيري خارجية ايران وقطر الثلاثاء الماضي.
الوزيران لم يكتفيا بالاتصال وانما اتفقا على قيام وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة طهران، وبالفعل زار آل ثاني طهران يوم الخميس لبحث الملف النووي والعلاقة بين طهران وواشنطن بالتفصيل، مما يعكس جدية الدوحة في السعي لحل الأزمتين، وفي نفس الوقت يعكس حجم التفويض والثقة التي توليها طهران للدوحة للقيام بهذا الدور، خاصة أن الذي سيلعب هذا الدور ليس وزير الخارجية القطري وانما أعلى سلطة في قطر وهو أميرها تميم بن حمد آل ثاني.
فمن المفترض أن يقوم أمير قطر بزيارة الولايات المتحدة الأميركية الاثنين القادم ويجتمع بالرئيس الأميركي جو بايدن، وسيبحث معه أهم القضايا والملفات وتأتي في مقدمتها الملف النووي والعلاقة مع ايران، وكذلك أفغانستان، واليمن، والسؤال الرئيسي الذي يثار في هذا الاطار هو، ما هي مؤهلات قطر للقيام بهذا الدور؟
من أبرز المؤهلات التي تمتلكها قطر هي انها تحظى بعلاقات متميزة مع جميع المعنيين بالملفات التي تناقشها، بل لا تتمتع بعلاقات متميزة وحسب وانما تحظى بثقة المعنيين بالملفات التي تسعى الى حلحلتها، فعلى سبيل الملف النووي الايراني، فان علاقتها متميزة مع طهران وواشنطن بل وحتى الدول الخمس الأخرى المعنية بالملف وهي المانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، ولا احد يشك بحياديتها وموضوعيتها في تناول الملف، بل أن قطر لديها علاقة حتى مع اسرائيل التي ترفض عودة ايران الى المجتمع الدولي.
والأمر ينطبق أيضا على الملفين اليمني والأفغاني، فلدى الدوحة علاقات طيبة مع جميع الأطراف المعنية بالملف الأفغاني سواء الولايات المتحدة أو طالبان أو الدول المجاورة لأفغانستان، وكذلك الحال فيما يتعلق بالملف اليمني، فان العلاقات مع الحوثيين والسعودية وعبد ربه منصور هادي والى حد ما الجونبيين والامارات؛ يمكن أن يؤهلها للعب دور ايجابي لحل المشكلة اليمنية.
أما الخصيصة الثانية التي تتمتع بها قطر فهي خوضها لتجارب ناجحة في حل الأزمات أو خفض التوترات، من بينها أزمة دارفور والأزمة الأفغانية والأوضاع في غزة، بينما يأتي نجاحها في الغاء الحصار الذي فرضته السعودية والبحرين والامارات ومصر عليها، على رأس المكاسب التي حققتها الدبلوماسية القطرية، وبالتالي فان الملف النووي ليست التجربة الأولى التي تريد خوضها قطر لحل هذه المشكلة أو حلحلتها، ولكن هناك قضية ترتبط بهذا الملف ولا تتعلق بمؤهلات وقدرات قطر وهي:
أن الملف النووي مجرد ذريعة لقضايا وملفات أخرى، فحتى لو توصلت جميع الاطراف الى تسوية لهذا الملف فهناك قضايا أخرى يسعى كل طرف الى ربطها بالملف النووي، وبالتالي فان تسوية الملف وابرام اتفاق بشأنه من دون حل تلك القضايا، لا يعني بتاتا انهاءه بالكامل، وتأتي علاقة ايران بالولايات المتحدة واسرائيل في مقدمة هذه الملفات والقضايا، اذ لا يبدو على المدى القريب والمتوسط حل هاتين القضينين.
ففيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة فان طهران ترفض جملة وتفصيلا اقامة العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، لأنها تعتقد أن عودة العلاقات ستكون بمثابة النافذة التي تستخدمها الولايات المتحدة للتدخل في شؤونها والضغط عليها لتغيير سياساتها ومواقفها، لذلك طالما أعلنت ايران أن عودة العلاقات رهن بتغيير سلوك وسياسات أميركا تجاهها وتجاه المنطقة والعالم.
اما فيما يتعلق باسرائيل فان ايران ترفض أيضا وقف الدعم الذي تقدمه للفلسطينيين لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وتعتقد أن الحل الأمثل هو التوصل الى اتفاق مع جميع الفلسطينيين وليس مع حكومة رام الله وحسب، الأمر الذي ترفضه اسرائيل.
أما بقية الملفات كقدرات ايران العسكرية وبرنامجها النووي ونفوذها في المنطقة فانها ستتبدد وتتلاشى عندما يتم حل المشكلة الفلسطينية بالكامل ويرضى الجميع بالحل.
من هنا فان قطر ربما تكون قادرة على حل المشاكل، ولكن طبيعة المشكلة لا تسمح بايجاد حل لها، بل حتى لو تم التوصل الى تسوية بشأنها فان الحل الجذري سيبقى بعيد المال، لأنه متوقف على قضايا أخرى.