قراءات في كتاب الدستور والحكم لوجيه الحفار - 1948 - ( جزء 1 )
تنا – دمشق
شارک :
استطاع شعب سورية المسحوق لمئات السنين أن يخوض نضالا عظيما ضد دولة من أعظم دول العالم آنذاك ويحقق النصر بتاريخ ١٧ نيسان ١٩٤٦ وبهذا تكون سورية قد طوت صفحة أليمة من تاريخها وفتحت صفحة أخرى من حياتها السياسية الوطنية مثقلة بالتبعات ومعتمدة على روح النهضة المتجلية برجالها وشبابها..
تتطلع ذات اليمين وذات اليسار لتتبين في كيانه مايصلح دعامة لهذه النهضة ومالا يصلح كان في وسعها تخطي العقبات بالرغم من نواحي الضعف فيها لأنها كانت قوية باستعدادها وروحها واستطاعت أن تقيم الحجة على حقها في الحياة كدولة حرة مستقلة سيدة أمرها ومهيمنة على كل شؤونها
ومامن شك في أن العقيدة الراسخة في نفوس السوريين والجرأة النادرة عندهم هي التي أوصلتهم إلى الاستقلال والى ماكانوا يصبون إليه ويتوقون إلى بلوغه من وضع مستقل لاسلطان فيه لغير الأمة ولا سيادة لغير أبنائها . حال البلاد عشية الجلاء والدعوة إلى الإصلاح والمساهمة في بناء الدولة:
وفي هذه الفترات الطويلة التي انقضت بين الاحتلال والجلاء في خلال ربع القرن الماضي الذي لم يكن جائزا فيه إلا أن تنصرف عبقرية الفرد إلا لمقاومة المحتل أن الجهود التي بذلت لمقاومة المحتل وأثمرت ثمرا طيبا حري بها أن تبذل في نطاق آخر وجدير بها أن تنصرف لبناء الدولة أو إعادة بنائها وان الكثير من الدعائم التي ارتكزت عليها المؤسسات العامة يقضي لإعادة النظر فيها لان للزمان حكمه وان كثيرا من الدعائم التي ارتكزت عليها المؤسسات العامة أصبح الزمن يقتضي بإعادة النظر فيها لان للزمان حكمه ولان للتطور دواعيه.
وان كانت هذه الاتجاهات مسطورة في دستور وضعته جمعية تأسيسية منتخبة بملء الحرية فان الإصلاح يجب أن ينحو ناحية تقويم المعوج من هذه الأوضاع الذي قلنا إن سببين يقتضيان إصلاحها :
أولا مساهمة الأجنبي فيها وثانيهما التطور السريع الذي سارت فيه البلاد أشواطا طويلة إلى الأمام ، زد على ذلك إن الحرب العالمية الثانية بدلت معالم الدنيا وأوجدت في البلاد العربية أوضاعا لم تكن من قبل فلابد من أن نكيف أمورنا بمقتضيات التطور القومي والواقعي معا ودعوة مشروع سورية الكبرى تؤول إلى توحيد الأقطار ظاهرا لكنها حقيقة توسد أمور بعض الدول إلى عبد الله الهاشمي وهذه الدعوة وقفت منها سورية موقف الرجل الواحد تناهضها لما تشتمل عليه من رغبة في قلب النظام الجمهوري القائم في البلد مطالب الإصلاح
يقول وجيه الحفار صاحب صحيفة الانشاء في كتابه الصادر في العام ۱۹۴۸ في عهد شكري القوتلي .. ليست دعوتنا إلى انقلاب خطير وليس القصد قلب معالم الدولة وتبديل محاورها ونسف أسسها وقواعدها ولو فعلنا ذلك لكنا نظريين نهمل الواقع ولا نقيم وزنا للميول الراسخة في الرأي العام الذي يثبت وجوده بل إن دعوتنا تستهدف الإصلاح
۱- إصلاح الأمور الدستورية: أي إعادة النظر في الدستور ومنشأه وبحث مواده وتوزيع السلطات والمسؤوليات فيه ۲- إصلاح الحكم في طرقه و أساليبه: وذلك بعد استطلاع سريع للحكومات التي تعاقبت على سورية والأعمال التي قامت بها ووجوب أن تنسجم هذه الحكومات مع مجموعة الأوضاع القائمة في الدولة والمسؤوليات المترتبة على الحاكمين ۳- إصلاح البرلمان وذلك من خلال إعادة النظر في قانون الانتخاب وتوفير وسائل التمثيل الشعبي الصحيح وتنظيم العمل البرلماني بتأليف أحزاب ذات برامج مكتوبة واضحة وإبعاد النزعات والأهواء عن مجرى العمل البرلماني ۴- إصلاح التشريع: لان البلاد كانت خاضعة للحكم الأجنبي الذي كان مصدر كل سلطة