"إسرائيل" بحاجة لحرب لتخرجها من أزمتها الداخلية ولكن قطاع غزة آخر هذه الخيارات لها وأبعدها.
شارک :
تباينت آراء محللين سياسيين حول إمكانية قيام "إسرائيل" بعملية عسكرية ضد قطاع غزة، بعد الخسائر التي منيت بها من صواريخ "الجراد" التي أطلقتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بطريقة جديدة فاجأت القيادة "الإسرائيلية"، عقب جريمة اغتيال خمسة كوادر من السرايا في رفح نهاية الأسبوع الماضي، على الرغم من التوصل لتهدئة بين الحركة وإسرائيل بوساطة مصرية. مجمعين على أن "إسرائيل" بحاجة لحرب لتخرجها من أزمتها الداخلية ولكن قطاع غزة آخر هذه الخيارات لها وأبعدها.
جدير بالذكر أن الصواريخ التي أطلقتها سرايا القدس ردا على الجريمة الصهيونية بحق كوادرها، أدت إلى مقتل مستوطن صهيوني وإلحاق خسائر فادحة في الممتلكات وأدت إلى هروب نصف مليون "إسرائيلي" للملاجئ، كونهم تحت مرمى الصواريخ.. وهو ما أكده مسؤولون إسرائيليون حيث أكدوا أن نصف "إسرائيل" أصبحت تحت مرمى صواريخ سرايا القدس.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل رأى أن إسرائيل بحاجة إلى حروب وليس موجات تصعيد ولكن أن يصل الأمر لعملية برية واسعة لغزة كما حدث في شتاء ٢٠٠٨-٢٠٠٩، فهو غير وارد، لأن "إسرائيل" تخشى من ردود فعل قوية عربية وخصوصاً المصرية والأردنية على وجه التحديد.
وأوضح أن "إسرائيل" تدرك أن قيامها بعدوان على غزة يعني توتر علاقاتها مع مصر والأردن بكل تأكيد على خلاف ما كان يجري في السابق. وخص بالذكر مصر التي لا تحتمل قيادتها العسكرية أي هبة جماهيرية فيما لو وقعت حرب على غزة.. لافتاً إلى أن الشارع المصري لم يهدأ بعد على مقتل جنوده على الحدود مع "إسرائيل".
ولفت إلى أن الإسرائيليين محبطين ، ويتمنون الهجوم على غزة لكنهم غير قادرين للأسباب سالفة الذكر. وفي ذات السياق أن "إسرائيل" إذا أرادت اجتياح قطاع غزة فلن يكون لها هدف سوى إنهاء سيطرة حركة حماس على القطاع، وهو ما لا تريده "إسرائيل" لتعزيز الانقسام الفلسطيني الذي يصب في مصلحتهم وخدمة أجندتهم. مرجحاً اعتماد "إسرائيل" على موجات تصعيد بين الحين والآخر كما جرى في الفترة الأخيرة.
وأوضح أن "هجوم إسرائيل" على غزة بدون الاطاحة بحركة حماس يعني انتصار للأخيرة كما جرى في عملية "الرصاص المصبوب" والتي دخلت فيه القوات "الإسرائيلية" إلى نصف القطاع ولم تستطع من إنهاء حكم حماس. وعن استخدام الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أسلحة جديدة في ضرب البلدات الإسرائيلية، رأى عوكل أن هذه الأسلحة لم تفاجأ القيادة "الإسرائيلية" بل إنهم يعلمون أن فصائل المقاومة تمتلك أكثر من ذلك، أما الجديد في الموضوع هو بالنسبة لنا كفلسطينيين حيث لأول مرة تستخدم فيه المقاومة أسلحة من هذا القبيل في الصراع.
ومن جهته استبعد المحلل السياسي مصطفى الصواف بأن يقوم الاحتلال الصهيوني بعملية واسعة تشبه عملية الرصاص المصبوب أواخر عام ٢٠٠٨ لأسباب تمنعها من شن العملية في الوقت الراهن. وأوضح الصواف أن أسباب منع "إسرائيل" شن عملية واسعة هو :"تطور الأوضاع الإقليمية بحيث لن تسمح لإسرائيل بشن عملية واسعة على القطاع, بالإضافة إلى وضعها الداخلي وما ينتج عنه من تدهور الأوضاع الأمنية الداخلية في "إسرائيل".
وأضاف, أمريكا العدو الأكبر لـ"فلسطين ولن تسمح لإسرائيل شن عملية واسعة على قطاع غزة لمصالحها فهي تدرك بوجود تغير إقليمي سيؤثر على "إسرائيل" في حال شنت عملية واسعة على القطاع. وحول ظهور الراجمات قال :"إسرائيل" تعلم كل ما يدخل للقطاع ولكن العدوان الصهيوني الأخير كان بهدف استفزاز المقاومة الفلسطينية وإظهار ما لديها من قدرات عسكرية كي تضع آليات الحرب القادمة.
من جانبه أكد الدكتور نشأت الأقطش المحلل السياسي والخبير في الشأن الصهيوني, أن كافة الأمور في "إسرائيل" تشير إلى أن قادة "إسرائيل" بحاجة إلى حرب لإعادة صورتها الممزقة بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية المتتالية خاصة بعد صفقة "وفاء الأحرار".
وقال أن احتمال وقوع الحرب لا يعلمه سوى "إسرائيل" ذاتها ولكن نحن نقول أن "إسرائيل" تريد حرب لعدة أسباب, أهمها, وقف الحركة الشعبية الداخلية التي تنظمها الجماهير "الإسرائيلية" ضد الحكومة وقادتها وخاصة أن كتابها وصحفييها بدأوا بالحديث عن ضعف "إسرائيل" العسكرية أمام المقاومة الفلسطينية, بالإضافة إلى أنها تسعى لإعادة صورتها الممزق إلى طبيعتها.
وشدد على أن "إسرائيل" تريد في هذه الأيام ما يدعم الحرب على غزة وذلك من خلال حشد رأي دولي كما فعلت في الحرب الماضية واستطاعت أن تقنع دول عربية بضرورة الحرب على قطاع غزة. أما اليوم فالوضع مختلف نتيجة الصحوة العربية خاصة في مصر.
وإزاء ذلك تبقى التهديدات "الإسرائيلية" مجرد تصريحات لتهدئة ردود الفعل الداخلية "الإسرائيلية" ، لأنها تعلم أن إقدامها على اجتياح قطاع غزة سيكلفها ثمناً كبيراً مع العرب، مماثلاً لما حصل مع تركيا عقب الحرب الأخيرة والتي أدت إلى قطع العلاقات بين البلدين.