ووفق المعلومات المتوافرة لـ«السفير»، فإن المنظومة التجسسية الإسرائيلية المكتشفة بين صريفا ودير كيفا في قضاء صور «متطورة تقنياً، ويعود تشغيلها الى سنوات، اذ ان كل الترجيحات تشير إلى أنها زرعت إبان عدوان تموز ٢٠٠٦
شارک :
مع كل منظومة تجسس إسرائيلية يتم اكتشافها، يتبين حجم الخرق الإسرائيلي للسيادة اللبنانية ومستوى التهديد الذي يشكله، بحيث يبدو جلياً تكامل الأدوار بين شبكات العملاء في الداخل وبين الجهد الاستخباراتي الإسرائيلي مدعماً بأحدث التقنيات الغربية، من أجل محاولة حل أحجية المقاومة التي فرضت معادلات جديدة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ«السفير»، فإن المنظومة التجسسية الإسرائيلية المكتشفة بين صريفا ودير كيفا في قضاء صور «متطورة تقنياً، ويعود تشغيلها الى سنوات، اذ ان كل الترجيحات تشير إلى أنها زرعت إبان عدوان تموز ٢٠٠٦، كون هذه المنطقة سيطر عليها الإسرائيليون خلال الحرب وتحديداً مرتفع دير كيفا».
ويقول مصدر واسع الاطلاع لـ«السفير» إن هذه المنظومة كبيرة الحجم، فهي مكونة من ثلاثة أقسام، أولاً، جهاز التنصت والبث، ثانياً، البطاريات الكبيرة الحجم، ثالثاً، جهاز البث الذي يلتقط من الجهاز الأساسي وينقل المعلومات، «لذلك فإن العمل لزرعها وتشغيلها يحتاج الى عشرين شخصاً على الأقل وإلى عمل لعدة ايام، وهذا الأمر متعذر في الظروف الحالية كون المنطقة محل رصد ومراقبة دائمين من «اليونيفيل» والجيش اللبناني والمقاومة، كما ان هذه المنطقة يرتادها أصحاب كروم الزيتون والأراضي الزراعية من أهالي المنطقة».
ويضيف المصدر «أن مكان العثور على المنظومة التجسسية هو في احد كروم الزيتون الذي يتردد عليه اصحابه، وأن المجموعة التي قامت بعملية التركيب والزرع اخذت وقتها وعملت في بيئة غير معادية، أي أنها كانت تحظى بحماية مباشرة من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي رجح فرضية زرعها إبان عدوان تموز».
ويكشف المصدر أن الدافع الى هذا الاستنتاج هو المعطيات التالية: - حفرت المجموعة بعمق مترين في حائط كرم الزيتون حتى وصلت الى السلك الهاتفي لشبكة اتصالات المقاومة ووضعت الجهاز الذي تخرج منه الأسلاك. - شمل حفر المجموعة أيضاً زاوية كرم الزيتون، اي على بعد ثلاثة امتار وبعمق ستين سنتيمتراً حيث وضعت البطاريات التي تشحن الجهاز. - وضع على التلّة المقابلة، جهاز يلتقط بث الجهاز الأساسي ويبث الى غرفة عمليات العدو (في مرصد جبل الشيخ). ويشير المصدر الى ان «المجموعة المعادية بعد وصولها الى عمق مترين، حيث الشريط السلكي، عمدت الى جرح الشريط بحيث لا يتلف ووضعت عليه جهاز التنصت والبث بحيث صبّ الجهاز بشكل محكم على السلك الهاتفي، ليبث كل ما يلتقطه عبر تقنية ضوئية معقدة وحديثة تبث الى جهاز الإرسال على التلّة والموجّه نحو جبل الشيخ (هضبة الجولان)، حيث اكبر مركز إسرائيلي للتنصت والرصد والتجسس في المنطقة». ويلفت المصدر الانتباه الى أن «البطاريات التي عثر عليها قادرة على تشغيل الجهاز لفترة زمنية طويلة لا تقل عن خمسة عشر عاماً، لأنها من الحجم الكبير ومحفوظة بعناية بحيث لا تؤثر فيها العوامل الطبيعية»، إلا أن ما يثير الاستغراب هو وضع البطاريات على عمق ستين سنتيمتراً مما يعرضها للكشف في حال قيام مالكي الكرم باستصلاحه وحراثته».
ويقول المصدر أيضاً «إنه برغم ارتياد المكان من قبل الأهالي فإن طائرات التجسس الإسرائيلية لم تعمد الى تفجير الجهاز إلا بعد تيقنها أنه كشف من قبل المجموعة المقاومة التي كانت تستكشف المكان وتتفقد الشبكة، بدليل ان التفجير لم يحصل والمجموعة قرب المنظومة إنما بعدما ابتعدت عنه، فسارع العدو الى تفجيره، كما أن ما يميز هذه المنظومة عن منظومتي صنين والباروك، أنها مزودة بجهاز تفجير يتم التحكم به عبر طائرة تجسس ترسل إليه الإشارة ليفجر نفسه تلقائياً، وهذا ما يميز أغلب المنظومات التي تكتشف في الجنوب، مع الإشارة الى أن جهاز البث على التلة والمموه كان واضحاً لمن يدقق في المكان، كون التلة تعرضت لحريق خلال الصيف المنصرم، كما أنه بعد حفر المجموعة المعادية عند حائط الكرم أعادت بناءه بشكل لا يلفت الأنظار وبنفس الوضعية التي كان عليها».
ويشير المصدر الى انه «بنتيجة تفجير المنظومة التجسسية، فإن الجهاز الأساسي الذي وضع على السلك الهاتفي تعرض للتلف الكامل، بما يعيق عملية تحليل الجهاز ومعرفة تقنياته وأسراره والخطورة العملية التي يشكلها، كما أن اكتشاف المزيد من هذه المنظومات يؤشر الى أن عددها المزروع في العمق اللبناني ليس قليلاً، وبالتأكيد هناك منظومات أخرى مزروعة لا بد من السعي لكشفها وهذا ما تعمل عليه مجموعات متخصصة من المقاومة ليلاً ونهاراً».