التاريخ: ٢١-٣-١٩٩٤
المكان : النبطية
الموضوع : مجزرة جديدة يضيفها الاحتلال الاسرائيلي الى سجلاته الدامية.. والضحية حافلة مدرسية ..
إنه اليوم العشرون من آذار، في مثل هذا اليوم من العام ١٩٩٤ كان أطفال مدرسة النبطية يتنافسون في صنع باقات من الورود، يخبؤنها عن أمهاتهم في المدرسة ليفاجؤهن بها في الغد في عيد الطفولة و الأمومة، فرحون كانوا بلحظات الإنتظار التي إنتهت ولم تنتظرهم فباقات الورود، بقيت تقطر دماً في ذاك الباص على الشرفات...
لم يكن يعلم هؤلاء الأطفال بأنهم يصنعون بأيديهم باقات ورد نعوشهم وبأن ثمة من يغتاظ من ورودهم وأن سرور قلب أمهاتهم الذي يبتغونه لدى رؤية هذه الباقات سيستحيل وجعاً وبكاء مفجع لأمهات مثكلات ...
ما دفعنا اليوم إلى إستحضار المجزرة ليس إقتراب عيد الأم فحسب، بل حملة الإستنكار العنيفة التس شهدتها الأوساط السياسية الإسرائيلية حول تصريحات وزيرة خارجية للاتحاد الأوروبي "كاثرين آشتون" والتي استذكرت مساء الاثنين ١٩-٣-٢٠١٢، في تصريحاتها حول مجزرة تولوز التي قتل فيها أربعة من اليهود اثنين منهم أطفال، الضحايا الأطفال الذين يسقطون أيضا في مناطق أخرى من العالم مثل غزة.
وعلى فورها، الصحف الإسرائيلية أعلنت حالة التأهب للرد على هذه "المقارنة الخاطئة" التي أجرتها آشتون بين أطفال غزة و أطفال تولوز. بعد أن قطعت كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية برامجها المعتادة لمتابعة تفاصيل الاعتداء الذي "استهجنه" مسؤولون اسرائيليون كانوا أيدوا ضمنا وتصريحا قتل الأطفال الفلسطينيين "للدفاع عن أمن اسرائيل".
في الوقت الذي هاجم وزير خارجية العدو، أفيغدور ليبرمان آشتون، واصفاً تصريحاتها بغير اللائقة مدعياً أن عليها التفكير بأولاد "إسرائيل" الذين يعيشون في جنوب "إسرائيل" في حالة قلق دائم بفعل الصواريخ التي تطلق على بلداتهم من غزة.
أجل أخطأت آشتون و لم تكن مصيبة في مقارنتها ،فما بين ما يحدث في غزة يومياً وما حدث لحافلة مدرسة النبطية من جهة و ما حدث بالأمس للمرة الأولى في المدرسة اليهودية فرق كبير.
الأطفال الأربعة الذين قتلوا في تولوز يختلفون عن الأربعة الذين قتلوا في باص مدرسة النبطية لأنهم أضيفوا إلى مسلسل الجرائم الإسرائيلية، في حين شكل إعتداء تولوز سابقة لم تشهدها الأراضي الفرنسية. صحيح أن القتل مدان في الحالتين إلا أن القاتل في تولوز شخص على متن دراجة نارية والسلاح المستخدم من عيار ٩ ملم و حتى الآن لم يعرف سبب الإعتداء و قد يكون المجرم و الضحية يحملون الجنسية عينها.
أما في غزة و النبطية القتل جرى عبر مدفعية والمجرم كان يسخر من الأطفال ويطاردهم في عقر دارهم و مدارسهم عبر وابل من الصواريخ و سبب الإعتداء أنهم أبَوا مغادرة بلادهم .
في تولوز المجرم لا زال حتى الآن مجهول الهوية، و حظي بإجماع على إدانة جريمة ووصفه بـ"السفاح"، أما مجرم غزة و النبطية هو نفسه وحتى الآن يوصف بـ"حامي الديمقراطية"وينام قرير العين مرتاح.
وللمفارقة أيضاً،مدرسة "تسور هتوراة" تخرج أجيالاً بعد أن تعلمهم كيفية إحتقار الآخر وإزدراءه و الإعتداء عليه ، أما مدرسة النبطية تخرج أجيالاً تعلمهم إحترام الآخر ومحبته إلا في حالة إعتدائه عليهم يتجلى حق الدفاع عن النفس.
لآشتون نقول أخطأت بنظر الصهاينة حين ساويت بين مجازر ترتكبها الأيادي الصهيونية بكل علانية و بين حادثة وقعت فردية في مدرسة يهودية.
ولتولوز تحية لأنها أعادت إلى الأذهان ما كان يرتكب من مجازر بحق لبنان ، خصوصاً وأن هذه المجزرة(النبطية) أتت بعد ثلاثة ايام فقط من صدور قرار مجلس الامن القاضي بادانة مجزرة الحرم الابراهيمي والمطالب بتوفير حماية دولية للفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
فيما ترجح الشهادات وفرضيات المحققين في تولوز،ان تكون تلك ثالث جريمة يرتكبها رجل يتنقل على متن دراجة نارية وذلك بعد استهداف عسكريين في تولوز ومونتوبان المجاورة.
و كانت صحيفة يديعوت أحرنوت نقلت عن "آشتون" قولها على هامش اجتماع حول الشبيبة الفلسطينية في بروكسل "عندما نفكر في ما حدث اليوم في تولوز، عندما نتذكر ما حدث في النرويج خلال العام الماضي، عندما نعرف ما يحدث في سوريا، عندما نرى ما يحصل في غزة وفي مناطق أخرى من العالم، نفكر في الشباب والأطفال الذين يلقون مصرعهم".
وأشادت آشتون بالشباب الفلسطينيين الذين قالت إنهم يواصلون التعلم والعمل والحلم ويطمحون إلى مستقبل أفضل رغم كل الصعاب.
وبحسب مصادر دبلوماسية اسرائيلية في فرنسا فإن القتلى الاربعة يحملون الجنسيتين الاسرائيلية والفرنسية. واعلنت اذاعة "اسرائيل" ان عائلات الضحايا قررت دفنهم في أرض فلسطين المحتلة.
وأعلن مدعي الجمهورية الفرنسية في تولوز أن استاذا للديانة اليهودية (٣٠ عاما) وولديه (٣ و٦ سنوات) وطفلا ثالثا في العاشرة قتلوا برصاص مسلح على متن دراجة نارية لاذ بالفرار بعد الهجوم.
بدوره، ألغى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي برامجه واتجه الى تولوز يرافقه وزير التعليم لوك شاتيل ورئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ريشار براسكييه. ووصف الرئيس الفرنسي الهجوم بانه "مأساة وطنية".وأعلن عقب اجتماع المجلس الأمني في الأليزيه تفعيل "خطة فيجيبيرات المضادة للإرهاب".
إعداد : بتول زين الدين