نكبات الامة العربية التي بدأت من 1948 ولم تنتهي حتى الآن.
شارک :
سنة ١٩٤٨ كانت النكبة الأولى على يد العصابات اليهودية، ولكن بعد ذلك توالت النكبات بأيدي الحكام العرب والفلسطينيين، فكان التآمر على عدم قيام دولة فلسطينية على ما تبقى من أرض فلسطين نكبة ثانية، وكان ضم الضفة الغربية إلى الأردن سنة ١٩٥٠، نكبة فلسطينية ثالثة، وكان عدم اختيار القدس على أهميتها عاصمة للدولة الأردنية نكبة رابعة، وكان محاربة العمل الفدائي نكبة خامسة.
وكانت الهدنة مع إسرائيل على كل الجبهات العربية نكبة سادسة، وكانت هزيمة ٦٧ نكبة سابعة، وكانت تصفية الثورة الفلسطينية في أحراش جرش نكبة ثامنة، وكانت اتفاقية كامب ديفيد سنة ١٩٧٨، نكبة تاسعة، وكانت تصفية الثورة من لبنان نكبة، وكانت مذابح المخيمات نكبة نفذت برعاية عربية، حتى جاءت سنة ١٩٧٥، حين وافق المجلس الوطني الفلسطيني على مشاريع تسوية القضية الفلسطينية، ومن ثم نكبة إعلان قيام الدولة الفلسطينية الوهمية سنة ١٩٨٨ في الجزائر، ثم جاءت نكبة اتفاقية أوسلو سنة ١٩٩٣، ثم نكبة اتفاقية القاهرة ١٩٩٤، ونكبة اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل في نفس السنة، ثم نكبة اتفاقية باريس الاقتصادية، ونكبة اتفاقية واي ريفر، وهكذا توالت النكبات حتى صار توفير رواتب الموظفين آخر الشهر نكبة، وصارت المقاومة المسلحة للمستوطنين عملاً إرهابياً، وهذه نكبة للقضية الفلسطينية ما بعدها نكبة.
رغم تعدد النكبات، يتفاخر الفلسطينيون بأنهم من أدخل مصطلح النكبة إلى اللغة السياسية العالمية، وهذا بحد ذاته نكبة، لأنه يوحي بانتصار الفلسطينيين رغم نكباتهم، حتى صار انجاز أكبر سدر كنافة فلسطيني نصراً، وصار نسج أطول كوفية نصراً، وصناعة أكبر علم، وانجاز أكبر دست مفتول، كل ذلك صار نصراً، رغم أنها علامات ضعف، وعلامات نكبة ثقافية وسياسية وحضارية، حتى غدا الفلسطينيون يتفاخرون بعدد السنين التي يقضيها أسراهم في السجون، ودون خجل راحوا يطلقون لفظة عميد الأسرى على من أمضى في سجون إسرائيل أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وكان يجب أن تمرّغ القيادة رأسها في الوحل من عار الصمت على هذه المذلة.
أما أحدث النكبات التي حطت على رأس الفلسطينيين فكانت الدعوة لزيارة المسجد الأقصى، وقد انتبه وزير العدل السابق الأستاذ فريح أبو مدين في مقاله "مفارقات زيارة رام الله" إلى خطورة ذلكِ، واستشهد بما قاله الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود لولي العهد سعود بن عبد العزيز حين زار المسجد الأقصى سنة ١٩٣٢، في الوقت الذي كانت القدس تحت الانتداب البريطاني، ولم تكن تخضع للتهويد الإسرائيلي المنظم، فقال الشاعر: المَسجِدُ الأَقصى أجئتَ تَزورُهَُم أم جِئتَ مِن قَبلِ الضَياعِ تُوَدِّعُهْ وَغَـداً وَما أَدناهُ لا يَبقى سِوى دَمـعٍ لَنـا يَهمي وَسِنٌّ نَقرَعُهْ
النكبة هي عدم قراءة السيد عباس لتاريخ فلسطين، وإلحاحه في الدعوة بعد سبعين سنة لزيارة المسجد الأقصى، كي يأتي المسلمون لتوديعه قبل أن يصير جبل الهيكل.
أما النكبة رقم ٦٤ فإنها تتمثل في دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الشعب الفلسطيني إلى إحياء ذكرى النكبة، وتؤكد أن هذا اليوم ومهما طال الزمن سيبقى في ذاكرة الأجيال الفلسطينية! فكيف سيكون هذا اليوم في ذاكرة الأجيال، وأنتم في اللجنة التنفيذية قد مسحتم الذاكرة الفلسطينية، حين اعترفتم بدولة إسرائيل على ٧٨% من أرض فلسطين؟!
إن ذاكرة الأجيال الفلسطينية ستردد ما قاله الشاعر محمود درويش، لليهودي الذي اغتصب الأرض، وسكن المدن والقرى والفلسطينية، قال له الشاعر: سلّم على بيتنا يا غريب، فناجينُ قهوتنا ما تزالُ على حالها، هل تَشمُّ أصابعنا فوقها؟ سيغور اليهودي الغريب، وتغور أي قيادة اعترفت للغريب بما اغتصب سنة ١٩٤٨، وستبقى ذاكرة الأجيال تدوس بحذاء الأمل على شوارب كل عربي وفلسطيني ساعد عدوها الإسرائيلي على الرقص مبتهجاً في يوم نكبتنا.