مصدر المذاهب الإسلامية واحد، فكلها من رسول الله (ص)
لا شك في أن أولى الواجبات في هذا المجال يتمثل في وحدة الصف ونبذ الفئوية والمذهبية والطائفية ، وأن نظهر قوتنا كأمة واحدة (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) في وجه أعدائها الذين لا ينظرون إلينا كفئات ومذاهب بل ينظرون إلينا كأمة واحدة هي أمة الإسلام.
لا شك في أن أولى الواجبات في هذا المجال يتمثل في وحدة الصف ونبذ الفئوية والمذهبية والطائفية ، وأن نظهر قوتنا كأمة واحدة (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) في وجه أعدائنا الذين لا ينظرون إلينا كفئات ومذاهب بل ينظرون إلينا كأمة واحدة هي أمة الإسلام. أجرى مراسل وكالة أنباء التقریب (تنا) حوار مع السيد الدكتور عبد السلام أحمد راجح عضو مجلس الشعب السوري ،عميد كلية الشريعة والقانون ـ فرع جامعة أم درمان \السودان في ما يلي نصها : س- ماهي - في نظركم- العوامل التي تشجع التقارب بين أبناء المذاهب الإسلامية المختلفة وتعزز الوحدة بين المسلمين، وما هي سبل دعم هذه العوامل وتمتينها؟
ج- لعل أهل عامل في هذا الصدد أن كتاب الله العظيم يجمع الكل تحت مظلته الوارفة ، فهو ملتقى أهل الإيمان قاطبة ومرجعهم الأصيل ، ومن أهم العوامل أن مصدر المذاهب الإسلامية واحد، فكلهم من رسول الله (ص) ملتمس ،ثم لاشك أن علل الأحكام المترتبة على هذه المذاهب إنما تجتمع كلها على مصلحة المكلفية ورفع الحرج عنهم وجلب التيسيير لهم ،فإذا بالأمة بأسرها تلتقي عند هذه المذاهب لأنها رحمة (اختلاف أمتي رحمة) وتكون سبل دعم هذه العوامل من خلال صدق التعامل معها ومع مفاهيم نصوصها ومباني أحكامها ، وهذا يستوجب استنفار النخب العلمية الدينية المخلصة لأجل توحيد الكلمة والصف.
س- ماهي الأمور المؤدية إلى التفرقة والتباعد بين أتباع المذاهب المختلفة وكيفية معالجتها والقضاء عليها وإزاحتها عن طريق التقارب والوحدة؟ ج- من أهم ما يفرق ويباعد هو الاعتداد بمذهب والتعصب له على حساب عموم المذاهب الأخرى التي تنهل من معين واحد، وكذلك من المفرقات إقصاء الآخر وعدم الاستماع إليه وتهميش ما هو عليه ،المطلوب هو احترام الآخر والاستماع إلى رأيه وإن لم يناسب المستمع . والمطلوب أيضاً تفعيل القواسم المشتركة بين المذاهب - وما أكثرها - لإثراء المشترك والغض عن المفترق.
س- ماهي - في رأيكم- الخطوات العملية لجعل مسئلة التقارب والوحدة بين المسلمين واقعاً ملموساً وليس مجرد أفكار نظرية؟ ج- إحداث هيئة تضم أبناء المذاهب المختلفة كالمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب برسائله الإسلامية السامية ، وكذلك باستقطاب دعاة التقريب والوحدة في العالم الإسلامي وإسماع صوتهم التقريبي لكل المسلمين للإفادة من ذلك ، وتسخير الإعلام لإيصال تلك الأصوات إلى من يجب أن تصل إليهم.
س- في رأيكم ،هل أن طرح المسائل الخلافية ومناقشتها على الملأ ، يساعد على التقارب والتآلف أم على العكس من ذلك يؤدي إلى الفرقة والتباغض والتباعد بين المسلمين؟ ج- إن الأصل في الأحكام هو التوافق وإن تشعبت الآراء في المسألة الحكمية الواحدة ذلك أن مصدر الأحكام واحد , ولكن هذا التوافق لا يلم به إلا أهل الاختصاص من العلماء العاملين ، أما عوام الناس فهم غير معنيين بالخلافات وتفرعاتها وتكييفها الفقهي ومستندها الشرعي، ما يدعو إلى تفعيل دور النخب العلمية وإبراز دورها في جمع الأمة .
س-ماهي الطريقة المثلى في معاملة الأقليات المذهبية في الدول الإسلامية لجعل هذه الأقليات تتمتع بحقوقها وممارسة شعائرها وتندمج في هذه المجتمعات؟ ج- إن الطريقة المثلى تتمثل في احترام خصوصيات تلك المذاهب وفروعها وجزئيات مدرستها الفقهية ، والتعويل على مدرسة الفقه المقارن في الأحكام باعتبار أن جميع هذه المذاهب تنتسب إلى مدرسة رسول الله (ص) .
س- كيف يمكن مساعدة الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية للمحافظة على خصوصياتهم وممارسة شعائرهم وحمايتهم من التأثيرات الانحرافية؟ ج- تكون مساعدة تلك الأقليات بدعمها وربطها بأمها الكبرى الأمة الإسلامية ودعوتها من لدن النخب والعلماء العاملين إلى الإندماج السلمي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات التي تعيش في أكنافها مع المحافظة على الثوابت والخصوصية بحيث لا نؤذي أحد بخصوصيتنا وممارسة ثوابتنا الشعائرية ، ولا يؤذينا أحد تأسيساً على ذلك، ولابد من دعوة الأقليات إلى إحترام الأنظمة والقوانين في بلدان الإغتراب ومراعاة خصوصية شعوب تلك البلدان.
س- من المعلوم أن الفتاوى التكفيرية تؤدي إلى الفرقة والعداوة بين المسلمين ، ما هي ـ في نظركم ـ سبل معالجة هذه الظاهرة الغريبة على الأخلاق الإسلامية السمحاء ومكافحتها والحد من تأثيراتها السلبية؟ ج- إن سبل معالجة مثل هذه الفتاوي تتمثل في الإحتكام إلى كتاب الله والصحيح من أحاديث رسول الله (ص) واعتماد مرجعية عليا للفتاوى وخاصة ما يتعلق منها بالأحكام العقائدية مثل المجامع الفقهية في العالم الإسلامي ، واعتماد مصارد الشريعة رئيسية وثانوية لتمثل القاعدة التي تستند عليها تلك الفتاوى مع ملاحظة تحييد الاجتهادات الشخصية لبعض الفئات التي تؤول النصوص حسب مرادها ومصلحتها وتأييد دعواها كالفتاوى التكفيرية التي تبناها مؤخراً التكفيريون.
س- كيف نتعامل مع المسائل الخلافية فيما بين الدول الإسلامية؟ وكيف يمكن تقريب وجهات النظر حول قضايا الساعة كفلسطين والعراق ولبنان والسودان وأفغانستان وغيرها ؟ وهل من الممكن توحيد (أو تقريب) النظرة فيما بين هذه الدول حول المصالح المشتركة ؟ وكيف ذلك؟ ج- أن التعامل مع المسائل الخلافية بين الدول يجب أن يحمل على أنه خلاف في المسائل الفرعية والجزئية أما الكليات فإن الاتفاق حاصل فيها متفق عليها بين العلماء العاملين المخلصين ،أما قضايا الساعة فالأصل أنها تهم الأمة كلها باعتبار الإسلام الجامع بين أفراد الأمة قاطبة ، وخاصة في ضوء ملاحظة أن العدو واحد على كل تلك المحاور وهو العدو الصهيوني ومن يدعمه سياسياً وعسكرياً، وهذه نقطة البداية في حقيقة التعامل مع تلك المسائل وهي معرفة أن العدو واحد، فإذا ترسخت هذه القناعة عند الأمة هان عندئذٍ توحيد الصف ضد ذلك العدو.
س - هل لديكم اقتراحات وآراء لتعزيز عمل (المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب) ودعم نشاطاته لتحقيق أهدافه المرجوة؟ ج- لا شك أن عمل المجمع العالمي للتقريب قد حاز السبق في أعماله التقريبية الحريصة على وحدة الصف العربي والإسلامي من خلال استقطابه لأبناء الإسلام - وأنا مطلع على مشاريعه الرائدة- أنها لايحتاج إلى مقترحات مني على الرغم من حرصنا الدائم على رفده بكل ما يدعم وينمي نشاطاته.
س- ماذا تتوقعون وتتمنون من (وكالة أنباء التقریب) القيام به في سبيل تعزيز التقارب والتآلف والوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية؟ ج- أتوقع منها كل تطوير لآليات عملها لأجل إيصال الأصوات الحرة من الغيورين من أبناء الأمة على وحدتها وتماسكها وتواصلها إلى العالم لترسل رسائل الخير والحق والمحبة إلى كل العالم ليعلم أن رسالة الإسلام هي رسائل إنسانية سامية تهدف إلى بناء إنساني راسخ يتفيأ ضلاله كل أبناء البشرية . شكراً لكم على تفضلكم سعادة النائب وكل عام وأنتم بخير بمناسبة قدوم عيد الفطر المبارك.