الفوضى الطائفية التي تربك العالم العربى وتسعى إلى تفتيت قواه هي صناعة إسرائيلية مما يعطي إسرائيل عند الغرب مصداقية الدور، بل وامتداد الدور الإسرائيليي إلى تفتيت الأوطان العربية بدءاً بفلسطين قبيل الالتهام، والعراق والسودان ولبنان واليمن
شارک :
علق الدبلوماسي المصري السابق الدكتور عبد الله الاشعل في حديثه لوكالة انباء التقريب (تنا) على العمليات والتفجيرات التي وقعت في بغداد والايادي الامريكية وقال:
تابع الناس في العالم كله قصة الطرود المفخخة المرسلة من اليمن إلى معبد يهودي في الولايات المتحدة ولكن عناية الله ويقظة المسؤولين أبطلت المفعول. في ذات الوقت كانت عملية منسوبة للقاعدة ضد إحدى الكنائس في بغداد تجري ثم يتكهرب الجو ضد المسيحيين فى الشرق، وتصدر تحذيرات من زعماء القاعدة للأنبا شنودة فى مصر وإنذار يعكس مطالب بعض الجماعات الأصولية في مصر ضد تصرفات الكنيسة، في سياق جدل حول تصريحات أحد المقربين من البابا ضد مسلمي مصر.
السياق نفسه يحمل رائحة الفتنة الطائفية في مصر، ويتزامن مع انتهاء مؤتمر مسيحيي الشرق في الفاتيكان، وتصدي جماعات أصولية لحماس وحزب الله، وتصريحات منشورة فى الصحف المصرية لرئيس جهاز الموساد الإسرائيلي وسفير إسرائيل السابق في مصر حول نشاط الموساد في الفتنة الطائفية في مصر وفي جنوب السودان.
واشار الدكتور الأشعل الى ان قراءة هذه الأحداث الصادرة كلها من الغرب يضاف إليها حالة الفزع المصطنع في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتصريحات زعماء هذه الدول حول استهداف القاعدة لبلادهم وللعالم، يجب قراءتها في العالم العربي بحذر، لأنها تقدم عددا من الرسائل المزعجة لهذه المنطقة.
الرسالة الأولى هي أن الولايات المتحدة مستهدقة من جديد وأن مكافحة الإرهاب في أمريكا والعالم تتصدر أولويات السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية. وقد قام الرئيس أوباما بدوره في المسرحية الجديدة ربما لاعتبارات انتخابية ولكنه ذكّرنا بالرئيس بوش والهجمة الأمريكية عام ۲۰۰۱ على العالم العربي والإسلامي دفع العرب والمسلمون ثمناً غالياً فيها سواء على مستوى الأقليات في الغرب أو على مستوى موازين القوة في الصراع العربي الإسرائيلي، وكالعادة كانت إسرائيل هي التى قطفت الثمار وأهمها اعتبار المقاومة منظمات إرهابية وحصلت على ترخيص رسمي بمناهضتها وحصارها وقطع خطوط الإمداد السياسي والعسكري والمادي لها، كما أصبحت رسمياً وكيل الغرب لمقاومة هذا الإرهاب خاصة وأن كل العرب والمسلمين أصبحوا إرهابيين إلى أن يثبت العكس، وكلما خبت آثار أحداث سبتمبر التي تحوم شكوك قوية حول دور شارون وبوش فيها جددها الغرب طوال العقد المنصرم بحوادث في لندن وباريس ومدريد والولايات المتحدة.
الرسالة الثانية، هي أن الفوضى الطائفية التي تربك العالم العربى وتسعى إلى تفتيت قواه هي صناعة إسرائيلية مما يعطي إسرائيل عند الغرب مصداقية الدور، بل وامتداد الدور الإسرائيليي إلى تفتيت الأوطان العربية بدءاً بفلسطين قبيل الالتهام، والعراق والسودان ولبنان واليمن.
الرسالة الثالثة، هي أن المتفجرات صدرت من اليمن إلى معبد يهودي مما يعني أن اليمن أصبح مؤهلاً كموطن للقاعدة بديلاً عن أفغانستان لأنها هذه المرة تستهدف معبداً يهودياً وهي مرحلة جديدة من الخطورة توحي بأن الموساد طرف في حبكها. ورغم أن الرئيس اليمني سارع بالتأكيد على أن اليمن قادر على مواجهة القاعدة دون مساعدة من أحد وأنه لن يسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية، إلا أن الأمر المثير للقلق هو أن المسرحية لم تكترث بأقوال اليمن، وإنما سارعت واشنطن ولندن وباريس إلى التأكيد على أن التدخل العسكري في اليمن أصبح لا محيص عنه.
وحسب الاشعل يبدو أن هناك مخطط لاحتلال اليمن، فيكون الهيمنة على اليمن ختام سلسلة طويلة من المتاعب التي أثيرت في اليمن كان أحدثها نشاط القاعدة. ومعلوم موقع اليمن الملاصق للسعودية وما تنطوي عليه من أهمية وما تتعرض له هي الأخرى من مخاطر إرهابية مدبرة فى معظم الأحيان بحيث خصصت لها القاعدة فرعاً فى جزيرة العرب، وموقع اليمن الاستراتيجي على البحر العربي والمحيط الهندي والبحر الأحمر، وعلاقة ذلك بمخطط تدويل البحر الأحمر عبر مسلسل جديد هو القرصنة في الصومال وتكالب الأساطيل البحرية من كل دول العالم قاصيها ودانيها بما في ذلك المناورات البحرية الإسرائيلية، ومع ذلك لم نلمح وجودا عربياً واحدا في البحر الأحمر الذي يعتبر بكامله بحراً عربياً على الاقل فى الجزء الذى تطل عليه شرقاً وغرباً الدول العربية بدءا بمصر والسعودية واليمن والسودان والصومال وجيبوتي.
ورغم أن الرسالة واضحة وهي تفتيت اليمن والهيمنة على موقعه الاستراتيجي لخنق مصر والدول العربية واستخدامه قاعدة ضد السعودية تمهيداً للمرحلة الجديدة من مسلسل تفتيت الأوطان العربية، أقول رغم وضوح المخطط الذى يجرى منذ سنوات في علانية كاملة، فلم نسمع تعليقاً واحداً على ذلك من الأوساط العربية أو من الأمين العام للجامعة العربية الذي انشغل بمتابعة الحالة الصحية لوهم كبير اسمه عملية السلام.
ونوه الاشعل الى ان هذه الأحداث يضاف إليها تصريحات المسؤولين في الخارجية المصرية تعليقاً على الوجود الإسرائيلي في أفريقيا والتي تقطع بأنها لا تؤثر في الأمن القومي المصري توحي بأحد أمرين، إما أن مفهوم الأمن القومي قد اكتسب معنى جديدا لم ندركه بعد، أو أن كل هذا المخطط الذى يلعب الموساد فيه باعترافه الدور المركزى لم يقو على إدراكه سوى من وهب قدرات خاصة. اجرت الحوار:لقاء سعيد