تتزايد حساسية الوضع السياسي اللبناني مع اقتراب اعلان المحكمة الدولية الخاصة برئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عن قرارها الظني والذي يتردد أنه سيوجه الى أعضاء من حزب الله وبهذا الخصوص وعموم الوضع اللبناني حاورنا الخبير في القانون والعلاقات الدولية الدكتور عبدو القيس وفيما يلي نص الحوار:
ماهي قراءتکم لمستقبل الوضع في لبنان؟ بعد النجاحات الهائلة والباهرة التي حققها حزب الله في لبنان على مدار حوالي الثلاثين عاماً الماضية وخاصة بعد الحرب العدوانية الصهيو عالمية عام ۲۰۰6 والتي تعتبر احدى المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام، فقد خاض أحفاد محمد وعلي معركة فاصلة في تاريخ الصراع بين الحق والباطل تحت إمرة القيادة الرشيدة للأمة ممثلة بسماحة آية الله السيد الخامنئي (حفظه المولى ) وأيضاً بقيادة المقاومة ممثلة بسماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله الذي استطاع وبكل جدارة أن يجسد القيادة الحكيمة بأحلك الظروف وأقساها ولكنه استطاع بكل تلك الشجاعة والحكمة أن يصل بالمقاومة إلى أعلا درجات السمو والعزة التي جسدتها أرواح العاشقين لله ولخط سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) حيث قال الإمام الخميني (قدس) أن كل ما عندنا هو من عاشوراء الحسين (ع).
وعليه فان مستقبل لبنان لا بل المنطقة قد تأسس بنيانه الجديد إنطلاقاً من هذه المعطيات التي أرستها انتصارات المقاومة على ما عرف اصطلاحا بالشرق الأوسط الجديد قلنا في حينها لوزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس أن الشرق الأوسط الجديد سيولد من رحم الشهادة ومن بين أشلاء الأطفال لكن على انقاض المشاريع الاستعمارية الصهيو عالمية، وعليه فإن سيدها جورج بوش الذي اعترف بهزيمة اسرائيل في مذكراته تثبت صحة ما وصلنا إليه منذ الأيام الأولى للحرب العدوانية تلك . لذلك فإن مستقبل لبنان سيكون بإذن الله على خير كما كانت الانتصارات المذكورة.
من یقف وراء الفتنه ومن المستفيد منها؟ أما عن الفتنة فيجب علينا هنا أن نستحضر فوراً بعضاً من مدرسة الإمام الخميني (قدس ) حيث قال أن كل مصائبنا من أمريكا . وحينما وصفها بالشيطان الأكبر لم يكن ذلك إلا تشخيصاً حقيقياً لواقع الحال وليس من باب الشتائم لأن الإمام أكبر من ذلك بكثير وعليه فإن الفتنة هي من صنع هذا الشيطان الأكبر وطبعاً لهذا الشيطان أعوان كثر وهؤلاء رهنوا مصيرهم ومصير بلادهم وشعوبها بمصير الشيطان الأكبر . ولذلك لم يعد لديهم أي خيار سوى المضي بطريق الضلال الى النهاية التي ستؤدي بهم إلى الهلاك الأكيد والخسران المبين، لأنه ليس بمقدورهم أن يتراجعوا ويعترفوا بذنوبهم لأن وجودهم مرتبط كلياً بسيدهم القابع في البيت الأسود والذي إذا شعر منهم الخبث أو التراجع فإنه سيرفع الغطاء عنهم ويتركهم يواجهون مصيرهم على يد شعوبهم ولهم بالشاه عبرة لمن يعتبر حيث لم يستطع الغرب كله وبكل جبروته أن يؤمن له ملجأ آمناً يقضي به بقية عمره.
ولذلك فإن الشيطان وأعوانه لا يملكون لأنفسهم في مواجهة جنود الرحمان ضراً ولا نفعاً يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وعليه فإنهم سيواجهون بكل تأكيد مصيرهم الأسود ولن يفلحوا أبداً .
ماذا ستكون عليه الأوضاع إذا صدر القرار المشؤوم وخاصة بعد رفض السيد نصر الله للقرار أصلاً وللمحكمة بكل تفاصيلها؟ فان الأمر لن ينتهي كما حلم الصهاينة وأسيادهم وعملائهم , فإنني أرى مسالة المحكمة الدولية لها أبعاد أخرى وتعمل أمريكا والغرب على الوصول إلى أهداف أخرى من وراء الضغط على حزب الله على أمل أن يحصلوا على تنازلات معينة، أثناء المفاوضات المرتقبة بين مجموعة خمسة زائد واحد وبين إيران، التي وكما أعتقد أنها تدير الحركة الدبلوماسية العالمية كأفضل لاعب شهدته العصور الحديثة.
وبكلمة فان قرار الرئيس أحمدي نجاد بوقف المفاوضات مع مجموعة الشياطين تلك حيث قال لهم " عقاباً لكم لن يكون هناك تفاوض معكم حتى بعد شهر رمضان المبارك وذلك بسبب قلة أدبكم " ... لكن السؤال متى كان هؤلاء الغربيين الحاقدين مؤدبين حتى تتوقف المفاوضات معهم بهذا العذر . لكن الحقيقة تكمن في مكان آخر.
في تلك الأثناء تكشفت المعلومات عن مسار المحكمة الدولية واتجاهها المشبوه لإلقاء التهمة على حزب الله وعليه جاءت عملية وقف المفاوضات مع الغرب الذي لن يستطيع الذهاب إلى تفجير الأوضاع في المنطقة لأنه بحاجة إلى الإيراني في الكثير من المواقع وعليه سنحت الفرصة هنا لحزب الله أن يقوم بتوجيه الضربة الاستباقية الأولى والأقوى لما بات معروفاً بالقرار الظني وخلال هذه الفترة استطاع الأمين المؤتمن على هذه المسيرة في لبنان سماحة السيد نصر الله وبكل شجاعة وحكمة أن يسدد الضربة القاضية ليس بالنقاط فحسب لا بل عملياً حيث أفرغ القرار من كل المحتوى والغاية التي كان يؤمل منه أن يصل إليها أي أحداث الفتن في لبنان بين السنة والشيعة.
وبعد تصريحات سماحة السيد في هذا الصدد لم يعد بالإمكان الوصول إلى هذه الفتنة حيث أصبح الشارع السني في لبنان أبعد ما يكون على الانخراط في هكذا مشروع جهنمي والذي لن يعود عليه إلا بالخسائر الكاملة على كافة المستويات إضافة على أن الكثير من أبناء هذه الطائفة في لبنان لم ولن يكونوا وقوداً في آتون حرب بغيضة، وعليه فإن نجاحات السيد نصر الله تتواصل مع من حوله من المؤمنين في مواجهة آلة الفتنة الأمريكية وعملائها .
وبالتالي أصبح صدور القرار يشكل عبئاً على أصحابه إذ أن صدور هكذا قرار ومن دون أي مفاعيل مرجوة سيكون كارثياً للمشروع الغربي لأنه لا يمكن لهؤلاء الموتورين أن يحصلوا على مبتغاهم من وراء ذلك خصوصاً أنهم يعلمون جيداً أنه لا يمكن لأي قوة أن تذهب باتجاه إحضار أي من عناصر حزب الله مهما كان الثمن. إذا النتيجة هي صفر للقرار ولأصحابه, لكن الغاية من وراء ذلك كانت تهدف إلى ابتزاز الجمهورية الإسلامية في المفاوضات المرتقبة بغية الحصول منها على بعض التنازلات لصالح المشروع الغربي في المنطقة لكن خاب أملهم. حيث عمد الجانب الإيراني مع بداية الشهر الحالي إلى الإعلان عن إمكانية بدء جولة جديدة من المفاوضات مع الغرب الذي سرعان ما تلقف هذا الإعلان الذي جاء على لسان السيد متكي لكن الجانب الإيراني حدد موعدين على الغرب أن يلتزم بأحدهما أولهما ۲5 الشهر الحالي والثاني الخامس من الشهر القادم . إضافة إلى تحديد أجندة المفاوضات والتي أكد عليها الدكتور أحمدي نجاد بأن الموضوع النووي هو خارج التفاوض إذا على ماذا يحاول الغرب التفاوض مع إيران؟
والنقطة المهمة هنا هو تحديد موعد المفاوضات وتاريخه عبر الجانب الإيراني كان له بعداً استراتيجياً آخر حيث جاء بعد موعد وتاريخ ۱۱/۱۱ أي ذكرى يوم شهيد حزب الله حيث كان لسيد الكلام في المقاومة صولته التي أوصل خلالها رسالته إلى من يعنيهم الأمر من أسياد المشروع الاستعماري عبر كلمتين اثنتين "أتهدوننا أم تبشرونا" أي أننا ننتظركم أن تقعوا في أي حماقة لنعجل بكم إلى جهنم وبأس المصير، هذه الرسالة وصلت إلى طاولة المفاوضات قبل افتتاح الجلسة الأولى بين إيران والغرب الذي سيذهب خالي الوفاض مهشم الوجه أعمى العينين.
إذن، فإن الجانب الإيراني في هذه الحالة سيعمل على محاولة تخليص الشعوب الإسلامية التي وقعت ضحية جرائم ومجرمين ومرتزقة الغرب من بين براثنه الكريهة لا كما يحاول بعض العابثين واللاهثين والمروجين للمشروع الغربي بأن إيران ستنقذ الغرب من وحول المنطقة . إذن الخلاصة ستكون لصالح مشروع المقاومة في المنطقة بعد أن تلقى المشروع المضاد الكثير من النكبات في أسسه وهيكليته وقواعده التي تهشم الكثير منها . وليس أدل من ذلك سوى اعترافات الساسة الأمريكيين بعجز الجيش الصهيوني عن منازلة حزب الله وهزيمته.