ان نظرة على هذا المشهد في مضمونه و تتابع حلقاته تؤدي بالعاقل المتبصر الى القول وبشكل ليس فيه قلق او حرج، بان من سرب الوثائق هي اميركا نفسها و ليس في العمل سرقة او سطو او.. او .....الخ
علق المحلل الاستراتيجي اللبناني العميد المتقاعد أمين حطيط على الوثائق التي نشره موقع ويكليكس الألكتروني وقال: في نظرة معمقة لما يجري على صعيد ما نشره الموقع لعدد هائل من الوثائق نجد الصورة التالية : موقع الكتروني مغمور يديره فرد و يعاونه بعض الفنيين و المساعدين ، يصل الى ملايين الوثائق السرية التي خزنتها و تداولتها المخابرات و وزارة الدفاع و وزارة الخارجية و بعض دوائر القرار و الاتصال من سفارات و غيرها تتبع الادارة الاميركية، نشر يحصل على دفعات و من مكان معروف و بمتناول اجهزة المخابرات الغربية فضلا عن القضاء المحلي.
وتابع قائلا: وثائق تنشر و فيها من الفضائح ما يجعل كل ما تم تناوله فيها عرضة للتساؤل المثير و احداث الضرر الجسيم،ان نظرة على هذا المشهد في مضمونه و تتابع حلقاته تؤدي بالعاقل المتبصر الى القول و بشكل ليس فيه قلق او حرج، بان من سرب الوثائق هي اميركا نفسها و ليس في العمل سرقة او سطو او.. او .....الخ، انما هو تسريب منظم يرمي فاعله الى تحقيق اهداف خطط لها وفي الاجابة نرى ان الارجح فيها هو ال C I A المخابرات الاميركية او قد يكون البيت الابيض نفسه و هو احتمال لا يستبعد او مجلس الامن القومي الاميركي و هواحتمال وارد. وبالنتيجة نحصر النشر بقرار اميركي رسمي قضى، اما الجهة فقد تكون فئة او شخص او اكثر المهم لدينا القرار.
وبخصوص الدوافع الرئيسية لنشر الوثائق قال حطيط: هنا نعود الى االتسلسل في النشر حيث ان الدفعة الاولى من الوثائق كانت تمس بالسلوك الاميركي في افغانستان، و هو مس لا يخلو من الايجابية لصالح الجيش الاميركي رغم سلبياته الكثيرة ضده، و الايجابية التي تخدم أميركا هي أن الوثائق تظهر بطش هذا الجيش و قسوته ما يخيف العدو منه و يحقق للجيش سطوته، اما السلبيات فيمكن تجاوزها اميركيا لان اميركا لا تأبه لرأي عام و لا تكترث بقواعد دين او اخلاق و الكل يذكر فظائع سجن ابو غريب و غوانتانامو التي وعد اوباما باقفاله و المحاسبة عليه ثم تراجع و اعتذر.
اذن الوثائق التي تتعلق باميركا مرجحة للايجابيات غير آبهة للسلبيات و فضلا عن ذلك كان التعرض في موجة الوثائق الاولى للشؤون الاميركية من اجل كسب امرين، الاول: القول بان الوثائق سرقت او سربت من غير علم او تدخل رسمي اميركي، و الثاني: بان الوثائق صحيحة و ذات صدقية يبنى عليها، و هذا ما يوفر لها الفعالية في الحلقات و الاهداف المقبلة. و الان نصل الى الدفعة الاخيرة ، و التي تتناول بشكل خاص سلوكيات الزعماء في الشرق الاوسط و طباعهم كما و سعيهم كل من جهته لتدمير الاخر و حض اميركا على عملية الفتك.
ولفت حطيط الى ان اميركا التي اخفقت في افغانستان و اضطرت للتراجع في العراق و كانت قبلها خسرت الحرب على المقاومة في لبنان، اميركا هذه اعتمدت مع اوباما استراتيجية الانكفاء العسكري و فض الاشتباك و الخروج من الميدان بعد اشعاله، و قد تطرقنا الى ذلك منذ شهرين تقريبا في دراستنا للاستراتيجية الاميركية في نسختها الاخيرة.
و لنتذكر ايضا ان اميركا هي صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة التي تريد نشرها في الشرق الاوسط لتدميره اولا ثم تعيد بناءه بما يخدم مصالحها و مصالح اسرائيل.اذن، خطة اميركا هي نشر الفوضى و الانكفاء من الميدان بعد اشعاله. و هنا نسأل: اليست هذه الوثائق بما تضمنته تشكل طريقا فاعلاً لنشر الفوضى و اشعال الميدان الشرق اوسطي الذي تعتزم اميركا سحب مقاتليها منه؟ أليست هي الطريقة الاميركية ذاتها التي تدار بها امور لبنان عبر المحكمة الدولية التي تتحضر لاصدار قرار يتهم حزب الله بقتل الحريري من اجل نشر الفتنة بين السنة و الشيعة؟ اميركا نشرت الوثائق و لا يغير من الحال ما يروج له من ان صاحب موقع وكيليكس قيد الملاحقة القضائية- فهذه مناورة لا تنطلي الا على اصحاب العقول الضعيفة. و اميركا نشرت الوثائق لانها تريد الفتنة في المنطقة التي استعصت عليها، فتنة تحرق المنطقة و تدمرها.
وحول موقف بعض الدول العربية والزعماء العرب الذين وردت أسمائهم في الوثائق تسائل حطيط، هل يسارع هؤلاء الى التوضيح و انكار ما نسب اليهم او يسارعون الى الاعتذار بعد اليقظة فيفشلوا المخطط الاميركي؟ ام انهم سيتجاهلون الامر و يستمرون في ما عرف عنهم انهم لا يقرأون و لا يكترثون لما يجري حولهم حتى تدخل النار غرف نومهم؟ و عندها لا ينفع ندم او لوم لاميركا، فاميركا مؤسسات تريد مصلحة دولتها و ليست جمعية خيرية او اخلاقية تراعي مشاعر الاخرين و حقوقهم. اميركا اليوم تتابع سياسة وضعها بوش و لكن باسلوب آخر و ليس نشر الوثائق تعرية لبوش و فضح له او تنصل من سياسته بل انها متابعة لتلك السياسة و باستراتيجية جديدة. ان اميركا تقدم و بيدها دليلا اضافيا على انها الشيطان الاكبر كما و صفها الامام روح الله الخميني ، و ما فعلها هذا الا فعل شيطاني اضافي من افعالها.