السفير السوداني في طهران لوكالة انباء التقريب (تنا):
الاستعمار البريطاني وضع حجر أساس انفصال الجنوب عن السودان منذ 1936
جنوب السودان مؤهل لانفجارات داخلية ونشوب الحروب الأهلية والداخلية، ويعود السبب الأول في ذلك الى استئثار السياسيين بالثروة، وكذلك فان القيادة الجنوبية لم تضم القبائل الأخرى الى الحكومة الجديدة مما يعزز التوقع بنشوب حروب داخلية
قال سفير السودان في الجمهورية الاسلامية الايرانية سليمان عبد التواب الزين في حوار خاص مع وكالة أنباء التقریب (تنا) أن مشكلة جنوب السودان ليست مشكلة جديدة وانما قضية قديمة وكانت قائمة قبل تأسيس الدولة الحديثة في السودان وقد قام الاستعمار البريطاني بتكريس الانفصال بين الشمال والجنوب وفي عام 1936 قام الاستعمار بتحويل الجنوب الى مناطق مغلقة تماما أمام الوجود العربي الاسلامي في شمال السودان واستطاع بذلك أن يجعل الجنوب منطقة قابلة للتبشير المسيحي، فمنذ ذلك العام وضع الاستعمار الحجر الأساس للانفصال.
وشدد الزين على وجود عوامل داخلية وخارجية أدت الى الانفصال وفيما ألمح الى المشاكل التي يعاني منها الجنوب أكد بأن الحكومات السودانية المتعاقبة وخاصة الحكومة الحالية سعت الى حل هذه المشاكل الا أن العامل الخارجي لم يدخر جهدا من أجل تأزيم واضرام نار الحرب بين الشمال والجنوب لتحقيق أهداف واضحة، ونبه الى التدخلات الاسرائيلية في الجنوب السوداني موضحا بأن اسرائيل منذ تأسيسها تتدخل في الجنوب، وقد اقر أحد أعضاء الموساد الاسرائيلي في كتاب ألفه بهذا الشأن أشار فيه الى أساليب التدخل الاسرائيلي في الجنوب، كما أعدت دراسة مؤخرا عن أن 7 دول تمثل تهديدا لاسرائيل من بينها السودان "لذلك فان استهداف السودان بدأ منذ عام 1936 والى يومنا هذا، ولا نكشف سرا اذا قلنا أن جيش التمرد في الجنوب بقي يتلقى دعما ماليا ولوجستيا وحتى التدريب والأسلحة من اسرائيل، والهدف من كل ذلك هو ايجاد بؤرة في السودان نظرا لما يمثل موقعه الاستراتيجي الذي يربط بين أفريقيا والعالم الاسلامي، وتقوم هذه البؤرة بتنفيذ الأهداف الاسرائيلية".
وتابع قائلا: لعل الرابح الأكبر من انفصال الجنوب هي اسرائيل خاصة بعد اعترافات العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية بينما تراجع الدور الاسرائيلي في أفريقيا وسائر دول العالم وبالتالي فان اقامة دول الجنوب في هذا الوقت يعد نصرا للسياسة الاسرائيلية التي تقوم اساسا على التفتيت بين الدول، ومع الأخذ بنظر الاعتبار التحالف الاسرائيلي - الأميركي فان السياسة الاسرائيلية في الجنوب السوداني مدعومة من قبل أميركا أيضا، وأن كافة التحركات تصب في اطار المشروع الذي يرمي الى دفع الجنوب الى الانفصال، اضافة الى ذلك فان الانفصال يعد انجازا سياسيا كبيرا لادارة أوباما التي تواجه سياساتها الداخلية والخارجية فشل ذريع.
وبخصوص الأبعاد الاقتصادية السلبية لانفصال الجنوب أشار الزين الى أن انفصال 25% من الأراضي السودانية وكذلك انفصال ثمانية ملايين سوداني عن الشعب فانه ينعكس بشكل سلبي على مجمل الأوضاع الاقتصادية، كما أن كافة آبار النفط السوداني في الجنوب وبالتالي فان عائدات هذه الآبار ستكون للجنوب، غير أنه لن يستطيع الجنوب تصدير النفط من دون المشال وبالتالي فان الشمال سيحصل على 30% من عائدات البترول، وبالتالي لا يمكن القول أن الشمال سيتكبد اضرارا فادحة من ذهب النفط خاصة مع المساعي التي تبذلها الحكومة من أجل التنقيب وانتاج النفط في الشمال.
ولفت الزين الى أن حكومة الجنوب ستعاني مشاكل اقتصادية عديدة في مقدمتها أن البنية التحتية في مناطق الجنوب ضعيفة وعلى الرغم من أن الحكومة السودانية كانت منذ ستة سنوات تدفع 50% من عائدات النفط للجنوب والتي تقدر بنحو 10 مليارات دولار الا أنه لم ينفذ اي مشروع بينما للشمال موارد كثيرة أخرى غير النفط، وبالتالي فان جنوب السودان مؤهل لانفجارات داخلية ونشوب الحروب الأهلية والداخلية، ويعود السبب الأول في ذلك الى استئثار السياسيين بالثروة، وكذلك فان القيادة الجنوبية لم تضم القبائل الأخرى الى الحكومة الجديدة مما يعزز التوقع بنشوب حروب داخلية.
وأعرب عن اعتقاده بأن القوى الكبرى تستخدم معايير مزدوجة تجاه مفاهيم واحدة كمفهوم وقضية تقرير المصير، موضحا بأن مصلحة هذه القوى عندما تقتضي تقسيم دولة ما فانها تستخدم هذا المفهوم وتدافع عنه بقوة، ولو لم تقتض مصلحتها فانها تعرقل الانفصال والتقسيم، وشدد على أن أميركا واسرائيل اعتبرت أن مصلحتها تقتضي فصل الجنوب وتقرير المصير فيه، الا أنه هناك من يرى كبعض المسؤولين في الحكومة الأميركية يعتقدون أنه لا توجد مصلحة في انفصال الجنوب وذلك لأن الانفصال سيكون سابقة تحتذي بها القوميات والاتنيات للانفصال من الدولة المركزية.
ورأى الزين أن السبب الرئيسي وراء تنفيذ المؤامرات ضد السودان يعود بالدرجة الى أن الحكومة السودانية حكومة اسلامية ولذلك فانهم يسعون الى اسقاطها، من هنا فان الحكومة عندما سعت الى حل مشكلة الجنوب عبر التفاوض والمحادثات فانهم قاموا بتحريك مشكلة دارفور وتأزيم الوضع هناك، وعندما تحركت الحكومة نحو حل مشكلة دارفور فانهم أثاروا قضية المحكمة الدولية، وكذلك فرضوا حظرا وعقوبات اقتصادية، ولم يستبعد الزين أن تقوم بعض القوى بتفجير قنابل أخرى من بينها منطقة أبيي الغنية بالبترول والتي تقع بين الجنوب والشمال، الا أن الحكومة السودانية ستبقى متمسكة بهذه المنطقة ولن تتخلى عنها حتى لو عادت الحروب.